خلال الحرب الإسرائيلية المستمرة منذ السابع من أكتوبر/ تشرين الأول 2023 تصارع فلسطينيو غزة مع كل شيء تعيس جداً فُرض على حياتهم، وجعلها قهراً وتعذيباً بلا نهاية حتى هذه اللحظة. مع القنابل والتدمير والنزوح والعيش بلا مأوى وفي خيام مهترئة، وانعدام الغذاء والماء والكهرباء والاتصالات والرعاية الصحية... ومع حلول الشتاء تصارعوا مع البرد والمطر والوحول وحتى الرياح التي لا تتقاذف فقط الخيام بل أجسامهم الضعيفة من المعاناة والعيش في ظروف غير إنسانية إلى أقصى الحدود، وغير القادرة على الاحتماء والحصول على دفء.
يتجدد حالياً الشتاء القاسي على فلسطينيي غزة، ويتجدد رعب الأهوال والمآسي التي يمكن رؤيتها بالعين المجردة من خلال المواجهة المباشرة مع مياه الأمطار والرياح القوية التي لا تتحملها بالتأكيد أسقف القماش والنايلون التي قد تزيلها من مكانها بلمحة بصر، وأيضاً تسرّب المياه الممزوجة بالوحول المتجمعة في الخارج إلى أرضيات الخيام. إلى ذلك، هناك رعب المخاطر غير المرئية التي تصيب الأجسام بأمراض وتعرّضها للموت، وهو ما حصل لكثيرين، بينهم أطفال حديثو الولادة.
واللافت أن شتاء غزة المرعب الحالي وسط الحرب والمجازر هو الثاني الذي لم يحرك العالم ومنظماته الدولية التي تزعم الدفاع عن حقوق الإنسان من أجل حسم إنهاء الحرب، والأحوال من سيئ إلى أسوأ والقدرة على مواجهة الصعوبات التي لا تحتمل باتت أقلّ في حين لا وسيلة لمشاهدة بصيص أمل انفراج قريب.
(العربي الجديد)