R.I.P.D. 2: كأننا أمام فيلمين متطابقين

22 نوفمبر 2022
يؤدي الممثل جيفري دونوفان دور روي في الجزء الجديد (ألبيرتو رودريغيز / Getty)
+ الخط -

مر فيلم R.I.P.D. الذي صدر عام 2013 مروراً سلبياً، إذ لم ينجُ من التعليقات السلبية بسبب سذاجته وبساطته. وبالرغم من مشاركة راين رينولدز فيه، فحبكة الفيلم الفانتازيّة أشبه بمحاكاة ساخرة لفيلم "قسطنطين"، بطولة كيانو ريفز، فـ R.I.P.D، أو دائرة شرطة الموتى، يحكي عن قسم شرطة في العالم الآخر، مهمته اعتقال واصطياد الأرواح التي رفضت دخول الجحيم، وبقيت على الأرض في محاولة للنجاة من مصيرها الأبدي.
هذا العام، صدر الجزء الثاني من الفيلم، بعنوان فرعي هو Rise of the Damned (صعود الملاعين). الاختلاف عن الفيلم السابق هو أنّ هذا الجزء تدور أحداثه في الغرب الأميركي عام 1876، ويحكي قصة روي الذي نراه عجوزاً في الفيلم الأول، وكيف كان يعمل رئيساً لشرطة إحدى البلدات، ثم تعرضه للقتل من قبل مجموعة من الأرواح التي تسرق أجساد الناس، ثم انتقاله إلى دائرة شرطة الموتى. وهناك بعد تعرفه على مهامه، يكتشف أنّه شريك القديسة جان دارك في محاربة الشر القادم من الجحيم، مهدّداً البشرية بأكملها.
لا يختلف الجزء الثاني عن سابقه، هي حكاية شريكين شرطيين، أحدهما في المكان غير المناسب، والآخر خبير ومتمرس. هذا التناقض يتلاشى بعد أن يكتشف الشريك الجديد (روي في هذه الحالة)، أنه قادر على حل مشكلته الشخصية ومشكلة نهاية العالم بسبب إيمانه الشخصي، بعكس الشريك القديم (جان دارك في هذه الحالة) الذي يبدو قوياً، لكنه يشك بنفسه، مع ذلك، يتمكن من تثبيت نفوذه وهدفه، بعد أن ألهمه شريكه الجديد بجدوى حياته.


هذه الحبكة التقليدية التي تحكم الجزأين لا تقدم أي جديد، بل كأنّنا أمام فيلمين متطابقين. الاختلاف فقط بالحقبة الزمنية. ففي كلا الفيلمين، تحاول الأرواح السيطرة على العالم. وهناك شرير أكبر يريد فتح بوابة الجحيم نحو الأرض من أجل السيطرة عليها. وبالطبع يتمكن الشريكان من القضاء على الأشرار وإغلاق البوابة ومتابعة مهامهما في اصطياد الأرواح الهاربة.
نكتب بهذه الخفة والاختزال عن الفيلم لأنه لا يحرك المخيلة، كما أنّ حس الدعابة فيه مبتذل، والنهاية متوقعة ولا تحوي أي تعقيد. ناهيك عن أن الفيلم يتلاشى من المخيلة بمجرد الانتهاء منه. بعضهم يرى أنه محاولة فاشلة من قبل استديوهات يونيفيرسال لإطلاق سلسلة جديدة مشابهة لأفلام "رجال في الأسود" أو "طاردي الأشباح". لكن يبدو أن المحاولة فاشلة، فالفيلم ينتمي إلى قالب تقليدي جداً، ولا يعلق عليه أو يسائله، بل يتبناه حد الاقتباس الحرفي.
اللافت في هذا الجزء، الذي اعتبره بعضهم تمهيداً للأول، أنه يفسر لنا ما هي دائرة الشرطة هذه، وما هو منشأها، ومن هم المسؤولون عنها، إذ يقدم لنا، بصرياً وعبر الحوار، جغرافية العالمين العلوي والسفلي التي يتبناها الفيلم. أما الشريكان، روي وجان دارك، فالديناميكية بينهما لا تحوي كثيراً من الصراعات، بعكس ما نراه في الجزء الأول بين الشريكين روي (يؤدي جيف بريدجيز دور الشخصية عام 2013) والشرطي نيك ووكر (راين رينولدز)، علماً أن جان دارك شخصية دينية مثيرة للجدل، لكن جاك يتقبلها بسرعة، يسخر منها أحياناً ثم يقوم بما يريده، لتقوده المصادفة إلى تحقيق المهمة الموكلة إليه وإلى شريكته جان دارك.

الجدير بالذكر أنّ الفيلمين مقتبسان عن كوميكس يحمل ذات الاسم. وربما هذا ما حفز شركة يونيفرسال لإعادة إطلاق الفيلم بعد قرابة عشر سنوات من صدور الجزء الأول، فالاقتباس من الكوميكس رائج، ورهان على جمهور مختلف عن جمهور السينما، فقرّاء الكتب المصورة لن يترددوا بمشاهدة القصص التي قرأوها وهي حية أمامهم على الشاشة الكبيرة. وهذا ما كشفته لنا سلسلة أفلام مارفل وDC التي استقطبت الجمهور من كل المستويات. صحيح هي أفلام مستقلة في ذاتها، لكن تبقى هناك رغبة بالعودة للكتاب المصور والمقارنة. وهذا بالضبط ما يتيح لنا اتهام هذا الفيلم بالنوستالجيا، أي الرهان على ما صدر مسبقاً، والمشابه لما نعرفه ونألفه، ما يجعله مجرد إعادة إنتاج لحكايات ماضية ومألوفة، من دون اقتراح أي جديد.

المساهمون