Facebook لبنان ينقذ أيتاماً... ويحرق منزلاً

20 فبراير 2014
+ الخط -

أهل وجدوا يتيمة كانوا قد أضاعوها بين المستشفيات، من خلال Facebook، وأهل بلدة البيسارية جنوب لبنان أحرقوا منزل شاب قيل إنّه أحد انتحاريّي تفجير الأربعاء في بيروت.. فبدا الإعلام سلاحاً ذا حدّين، في لحظات الأزمة.

مع كل تفجير انتحاري جديد يذهب ضحيته المدنيون في لبنان، تحتلّ مواقع التواصل الاجتماعي المرتبة الخامسة بعد سلطة الاعلام، إذ تصبح أداة اخبارية مؤثّرة يستخدمها كل شخص متاحة خدمة الانترنت لديه، لينشر صور المصابين مجهولي الهوية وأسماءهم، الذين يترقبّون مجيء ذويهم وأقربائهم للاطمئنان إلى صحّتهم، أو أسماء الضحايا الذين قضوا في الانفجار وجثثهم تنتظر في برّادات المستشفيات نظرات الدفء من الأهل لتتسلّمها وتدفنها.

فبعد ساعات على وقوع تفجير مزدوج استهدف المستشارية الثقافية الايرانية في منطقة بئر حسن الأربعاء، أعلنت وزارة الصحة اللبنانية الحصيلة الأولية لعدد الضحايا الذين قتلوا، وهم 5، فيما زاد عدد الإصابات على 128.

لسوء الحظ شاءت الظروف أن تقع النسبة الأكبر من الأضرار على عاتق أطفال "دار الأيتام الإسلامية" التابعة لأوقاف "دار الفتوى" في لبنان. فقد تجاوز عدد الأولاد المصابين الـ33، معظمهم جروحهم طفيفة، بحسب مصادر إعلامية غير طبّية، بعضهم لم ينقل إلى المستشقى.

عُرفت هويّات الأطفال إلا طفلتين، إحداهنّ تبيّن لاحقاً أنّها تدعى أماني، بقيت مجهولة. الأمر الذي دفع بممرضة في مستشفى الزهراء إلى نشر صورتها على الفايسبوك، وطلبت من أصدقائها مشاركة الصورة لتصل المعلومة إلى أهل الفتاة، وأرفقت الخبر برقم هاتف للتواصل معها في حال ورود أي جديد.

بعد نصف ساعة تقريباً، توجّه أهل الطفلتين إلى قسم الأطفال في مستشفى الزهراء وتعرّفوا إليهما. وعند سؤالهم كيف علموا بالخبر علّق أحدهم لـ"العربي الجديد" بحزن كبير: "أحد الجيران رأى الصورة على الفايسبوك وأخبرني أن ابنتي الرضيعة في مستشفى الزهراء، فرأيت الصورة وركضت إلى المستشفى. فهي صغيرة ولا تعرف كيف تنطق باسمها بعد". لاحقا محت الممرّضة الصورة بناء على طلب الأهل.

وفي حديث خاصّ لـ"العربي الجديد" علّق الوزير السابق خالد قبّاني، المدير العام لـ"مؤسّسات الرعاية الاجتماعية - دار الايتام الاسلامية"، أنّه "مشهد محزن أن نرى الاطفال ضحيّة أياد إرهابية وعبثية". وأشاد بدور "الإعلام المهني ووسائل التواصل الاجتماعي التي ساهمت في تسهيل أمور المواطن وإيصال الخبر بسرعة أكبر إلى المواطنين، ما يفعّل عمل الأجهزة الأمنية ويساعد الأهل في اللحظات الصعبة على الوصول إلى الحقيقة والاطمئنان على بعضهم البعض".

من جهة أخرى، سارع أهالي بلدة البيسارية، جنوب لبنان إلى إحراق منزل أهل الشاب الذي "قيل" إنّه فجّر نفسه في بئر حسن الأربعاء، حتّى قبل أن تؤكّد الأجهزة الأمنية الخبر. والشاب اسمه نضال المغير، والأهالي أحرقوا منزل أهله وسيارة رباعية الدفع.

أما أهل الشاب، فحين رأوا صورة ابنهم تركوا البلدة فوراً خوفاً من الاعتداء عليهم انتقاماً، وحدث ما حدث، فطلب أهل البلدة ممن تبقّى من آل المغير، كلّهم، عدم العودة إلى البلدة فوراً.

إذاً بات واضحاً أنّ "سرعة" شبكات التواصل الاجتماعي سلاح ذو حدّين. فمن جهة دلّت أهل إلى رضيعة ضاعت بين المستشفيات، ودلّ أهل قرية إلى منزل أحرقوه وكادوا يقتلون من بداخله، حتّى قبل تأكّد الأجهزة الأمنية من حقيقة ما جرى.

هي سلطة إذاً، خامسة ربّما، بعد السلطة الإعلامية التقليدية، وهي مفيدة، وخطيرة، في آن واحد، كما هو حال السرعة، في أيّ مكان وزمان.

دلالات
المساهمون