3 تحقيقات مع كوميدي لبناني بسبب نكتة

29 اغسطس 2023
تقدّمت دار الفتوى بإخبار ضدّ حجار (فيسبوك)
+ الخط -

أشعلت مقاطع من عرض لأحد الفنانين الكوميديين الجدل عبر مواقع التواصل الاجتماعي في لبنان، وانقسمت آراء المعلقين بين الداعين إلى معاقبته والمؤمنين بأنّ ما قاله يندرج ضمن حريّة التعبير، في الوقت الذي تتزايد حملات التحريض والدعوات إلى "حماية القيم والمجتمع".

وبدأ الهجوم على الكوميدي نور حجار، الأسبوع الماضي، بعدما انتشر على "إكس" ("تويتر" سابقاً) مقطع فيديو من أحد عروضه يسخر فيه من الأوضاع الاقتصادية لجنود الجيش اللبناني التي دفعت الكثيرين منهم للعمل سائقين في خدمات توصيل الطلبات.

أدّى ذلك إلى استدعاء الشرطة العسكرية لحجار، الجمعة الماضي، وإخضاعه لتحقيق استمرّ إحدى عشرة ساعة، قبل أن يطلق سراحه، من دون إغلاق الملف.

كذلك، استدعي المسؤولون عن مسرح أوكوورد، الذي استضاف عرض حجار، ومثلوا بدورهم، أمس الاثنين، أمام الشرطة العسكرية.

وزادت الأمور سوءاً بالنسبة للكوميدي، الأحد الماضي، بعد انتشار مقطعٍ من عرضٍ آخر له يتطرق فيه إلى سورٍ من القرآن الكريم.

سينما ودراما
التحديثات الحية

وأثارت المقاطع غضب عددٍ من الناشطين على منصات التواصل الاجتماعي، الذين اعتبروا أن كلام حجار "يمسّ بمقدسات المسلمين" و"يستهزئ بآيات القرآن الكريم"، ودعوا إلى "معاقبته"، مطالبين المؤسسات الدينية الرسمية بالتدخل. مع العلم أنّ تاريخ تسجيل الأمسية يعود إلى العام 2018، أي قبل خمس سنوات.

وبالفعل، تقدم القاضي الشرعي الشيخ وائل شبارو، أمس الاثنين، بإخبار ضد حجار أمام النيابة العامة الاستئنافية في بيروت بحجة "استهزائه بآيات من القرآن الكريم"، وكذلك ضدّ منصة سينيموز التي تعرض الحلقة، وتمّ تحويله بلاغه إلى مكتب الجرائم المعلوماتية للتحقيق.

وتواصلت البلاغات بحقّ حجار الثلاثاء، بعدما تقدمت دار الفتوى، ممثلة بالشيخ أمين الكردي، بإخبار إلى النيابة العامة التمييزية ضدّ الكوميدي، يتهمه فيه بارتكاب "جرائم تمسّ الدين الإسلامي" و"بإثارة النعرات الدينية والطائفية" و"الاستهزاء بالقرآن الكريم والنيل من الوحدة الوطنية".

ودعا الكردي في بيانٍ رسمي إلى "إجراء المقتضى القانوني اللازم بحقّ نور حجار"، الذي "يتناول القرآن الكريم بطريقة ساخرة ومشينة في مقاطعه المسرحية... ويعرّض السلم الأهلي للمخاطر".

وفي وقتٍ لاحق من الثلاثاء، أوقف حجار بقرار من النائب العام التمييزي غسّان عويدات، ونقل إلى قسم المباحث الجنائية في وزارة العدل للتحقيق.

وإثر انتشار الخبر، تداعى ناشطون للاعتصام أمام قصر العدل للمطالبة بالإفراج عن حجار، وعبّر الكثيرون عن غضبهم من قرار توقيفه، معتبرين أنّ ما يجري محاولة للقمع والحدّ من حرية التعبير. فيما قام آخرون بنشر الفيديو الكامل من غير اقتطاع، ليبيّنوا أنّ كلام الكوميدي "لا يحوي إهانة للمقدسات".

وكتبت الصحافية جويل بطرس: "يلي عم بيصير بحق نور حجار هو الجريمة. ويلي لازم يتحاسبوا هني الأشخاص يلي حرّضوا عليه ويلي عرّضوله مهنته وحياته للخطر".

بدوره، قال عبد الرحمن السيد: ما يحصل مع نور حجّار جريمة... جريمة بحقّ حرية المعتقد، جريمة بحقّ حرية الرأي وجريمة بحقّ حرية التعبير... فينا كلنا ما نتفق مع يلي قاله، بس إحالته عالمحاكمة وتوقيفه من ورا نكتة، ما هي إلّا إجراء جديد في سبيل تدعيم نظام قمعي بوليسي ودكتاتوري... قريباً رح يمنعونا نعلّي راسنا".

فيما كتب حساب فلافل الساخر: دولة مش قادرة تجيب (حاكم مصرف لبنان السابق) رياض سلامة عالتحقيق، أكيد بدها توقف نور حجار كرمال نكتة. هيبة الدولة هي النكتة".

وتأتي الحملة على حجار، ضمن سلسلة من التحرّكات والدعوات في الفترة الأخيرة بهدف "مواجهة التفلت والانحلال" و"حماية الأخلاق والقيم والأسرة". بدءاً من تخصيص أمين عام حزب الله الشهر الماضي، محاضرةً كاملةً للتحذير والتخويف من المثلية الجنسية، مروراً بحملة وزير الثقافة محمد المرتضى من أجل منع عرض فيلم باربي في لبنان، وصولاً إلى هجوم مجموعة متطرفة تحمل اسم "جنود الرب" على ملهى ليلي بحجة "ترويجه للمثلية".

وتتزامن "حملات الفضيلة"، مع استمرار تداعيات الانهيار الاقتصادي الذي يعصف بالبلاد منذ العام 2019، والذي دفع بقرابة 80% من المواطنين أسفل خطّ الفقر، بحسب تقرير "هيومان رايتس ووتش" للعام 2022.

المساهمون