293 صحافياً خلف القضبان في 2021

09 ديسمبر 2021
محمود أبو زيد شوكان يمضي لياليه لدى الشرطة منذ إطلاق سراحه في 2019 (خالد دسوقي/فرانس برس)
+ الخط -

عشر دول عربية تسجن 62 صحافياً من إجمالي 293 خلف القضبان في 37 دولة، على رأسهم مصر التي لا تزال ثالث أكبر سجّان للصحافيين في العالم، بعد الصين وميانمار، وفق ما كشفه اليوم الخميس تقرير "لجنة حماية الصحافيين" CPJ الذي سجل رقماً قياسياً جديداً هذا العام.

وصف تقرير "لجنة حماية الصحافيين" الذي أعدته مديرة التحرير آرلين غيتس هذه السنة بـ"القاتمة بصفة خاصة للمدافعين عن حرية الصحافة"، إذ وصل عدد الصحافيين السجناء بسبب عملهم إلى 293 بعدما كان 280 العام الماضي، وقُتل ما لا يقل عن 24 صحافياً بسبب تغطيتهم الصحافية، وتوفي 18 صحافياً آخر في ظروف غامضة، ولم يُتح تحديد ما إذا كانوا قد استُهدفوا بالقتل.

أما أسباب هذا التصاعد المستمر في أعداد الصحافيين السجناء، فلفت التقرير إلى أنها تختلف من بلد إلى آخر، إلا أنها تعكس كلها توجهاً واضحاً: تزايد في عدم التسامح مع التغطية الصحافية المستقلة، "فقد أخذ الحكام المستبدون الصارمون يتجاهلون على نحو متزايد الإجراءات القضائية السليمة وينتهكون الأعراف الدولية ليتمكنوا من البقاء في السلطة. وفي عالم منشغل بوباء كوفيد-19 ويسعى لإيلاء الأولوية لقضايا من قبيل تغير المناخ، من الواضح أن الحكومات القمعية تدرك أن السخط الشعبي إزاء الإساءات لحقوق الإنسان قد تضاءل، كما باتت الحكومات الديمقراطية أقل حماساً لفرض عقوبات سياسية أو اقتصادية بهذا الخصوص".

مصر لا تزال ثالث أكبر سجّان للصحافيين في العالم، إذ يقبع في سجونها 25 صحافياً

ولا تزال مصر في المرتبة الثالثة ضمن قائمة "لجنة حماية الصحافيين" للدول التي تسجن العدد الأكبر من الصحافيين، إذ يقبع في سجونها 25 صحافياً، رغم أن منظمات مدنية محلية تقدّر عددهم بأكثر من ذلك، تسبقها الصين التي تظل السجّان الأكبر (50 صحافياً مسجوناً) وميانمار (26 صحافياً مسجوناً)، وتليها فيتنام (23 صحافياً مسجوناً) وبيلاروسيا (19 صحافياً مسجوناً).

والصحافيون المصريون المسجونون الذين وثقتهم اللجنة هم: عامر عبد المنعم، وعبد الناصر سلامة، وعبده فايد، وعبد الله شوشة، وأحمد النجدي، وأحمد علّام، وعلاء عبد الفتاح، وبدر محمد بدر، وبهاء الدين إبراهيم نعمة الله، وحمدي مختار (حمدي الزعيم)، وهشام عبد العزيز، وهشام فؤاد محمد عبد الحليم، وحسام مؤنس، وإسماعيل الإسكندراني، وخالد عبد الوهاب رضوان، وخالد حلمي غنيم، وخالد محمد عبد الرؤوف سحلوب، ومحمد هاني جريشة، ومحمد إبراهيم (محمد أكسجين)،و محمد صلاح، ومحمد سعيد فهمي، وربيع الشيخ، وسيد عبد الله، وتوفيق غانم، ومحمود أبو زيد شوكان الذي يمضي لياليه محتجزاً لدى الشرطة منذ الإفراج عنه من سجن طرة، في 4 مارس/آذار عام 2019.

وعلى الرغم من أن هذا العدد أقل من العام الماضي، إلا أن الاحتجاز المستمر للصحافيين "يشكل نموذجاً لاستهتار حكومة عبد الفتاح السيسي بقوانين البلد"، وفقاً لـ"لجنة حماية الصحافيين"، إذ تعمد السلطات المصرية بصفة مستمرة إلى الالتفاف على التشريعات التي تحدد مدة الحبس الاحتياطي بسنتين، وفي حالات أخرى تفرض شروطاً على الإفراج عن الأشخاص الذين يكملون مدة محكوميتهم.

إعلام وحريات
التحديثات الحية

وفي هذا السياق، قال منسق برنامج الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في "لجنة حماية الصحافيين" شريف منصور، لـ"العربي الجديد"، إن "عدد الصحافيين في السجون ليس وحده إلى ارتقاع، إنما أيضاً عدد الدول التي تقدم على سجنهم من دون أن تدفع أي ثمن سياسي". وأضاف منصور: "على الرغم من الإفراج عن عدد من الصحافيين منذ إصدار التقرير السابق ــ بضغط من إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن والأمم المتحدة ومنظمات مجتمع مدني محلية ودولية ــ إلا أن مصر اعتقلت مزيداً من الصحافيين. وعلى الرغم من انخفاض عدد الصحافيين السجناء فيها من 27 إلى 25، إلا أنها لا تزال الدولة العربية التي تسجن العدد الأكبر من الصحافيين".

شريف منصور: عدد الصحافيين في السجون ليس وحده إلى ارتقاع، إنما أيضاً عدد الدول التي تقدم على سجنهم من دون أن تدفع أي ثمن سياسي

ولفت إلى أن مصر لا تزال الدولة التي تسجن العدد الأكبر من الصحافيين بتهمة نشر أخبار كاذبة، ومن أكثر الدول التي تسيء استخدام قوانين الإرهاب في سجنهم. وأفاد بأن خمسة صحافيين مصريين أعلنت عائلاتهم عن حبسهم للمرة الأولى في 2021، بعد أن أمضوا عامهم الأول في السجن، "خوفاً من انتقام الحكومة المصرية، ما يدعم قيام هذه الحكومة وغيرها باستخدام أدوات السجن والرقابة والتنصت في ملاحقة الصحافيين وإجبارهم على الالتزام بالرقابة الذاتية".

وقال إن "الشرق الأوسط عامة، والمنطقة العربية خاصة، أصبحت بؤرة لتصدير واستيراد أدوات الرقابة".

في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، كُشف عن استخدام السلطات المصرية لتقنيات فرنسية في مراقبة الصحافيين والمعارضين. وخلال العامين الماضيين، كُشف عن تورط دول عربية في التجسس على صحافيين ومعارضين ومسؤولين سياسيين، بتقنيات على رأسها "بيغاسوس" الذي طورته "أن إس أو غروب" الإسرائيلية.

وتشمل الدول العربية التي ظهرت ضمن قائمة الدول التي تسجن العدد الأكبر من الصحافيين المملكة العربية السعودية التي تحتجز حالياً 14 صحافياً، وتراجعت من المرتبة الرابعة في 2020 إلى الثامنة هذا العام حين أفرجت عن عشرة صحافيين سجناء ولم تسجل أي حالة جديدة لسجن صحافيين، مما يعني أنها ما عادت من بين البلدان الخمسة التي تحتجز أكبر عدد من الصحافيين.

ولكن "سيكون من السذاجة الاعتقاد بأن انخفاض عدد الصحافيين السجناء في دولة ما يدل على تغيير موقفها إزاء الصحافة"، وفقاً لآرلين غيتس التي قالت إنه "من المرجح أن التأثير الترهيبي لجريمة قتل جمال خاشقجي المروعة وتقطيع أوصاله عام 2018، إلى جانب حالات احتجاز جديدة في 2019، كانت فعالة أكثر في إسكات العديد من الصحافيين مقارنة بأي موجة جديدة من الاعتقالات. إضافة إلى ذلك، يجد القادة المستبدون، وعلى نحو متزايد، طرقاً أكثر تعقيداً لحجب الصحافيين المستقلين ووسائل الإعلام المستقلة ــ خصوصاً إجراءات حجب المواقع الإلكترونية وزيادة المراقبة عبر البرامج الحاسوبية التجسسية العالية التقنية ــ وهي طرق أكثر فاعلية من احتجاز الصحافيين".

الحال نفسه ينطبق على تركيا التي كانت تسجن أكبر عدد من الصحافيين في إحدى السنوات، إذ حلت في المرتبة السادسة في إحصاء "لجنة حماية الصحافيين" لهذا العام، بعد إفراجها عن 20 صحافياً، ولا تزال تحتجز 18 صحافياً.

والدول العربية الأخرى التي ضمتها القائمة: البحرين (6 صحافيين مسجونين)، وسورية (4 صحافيين مسجونين)، والعراق (4 صحافيين مسجونين)، والمغرب (3 صحافيين مسجونين)، والصومال (صحافيان مسجونان)، والجزائر (صحافيان مسجونان)، والأردن (صحافي مسجون)، وعلاء المشهراوي الذي تعتقله الأجهزة الأمنية في غزة.

أما سلطات الاحتلال الإسرائيلي فتعتقل الصحافي حازم ناصر منذ 12 مايو/أيار الماضي.

إحصاء الصحافيين السجناء يشمل فقط المحتجزين لدى السلطات الحكومية، ولا يتضمن المختفين أو المحتجزين لدى جماعات من غير الدول. وتصنِّف اللجنة حالات هؤلاء الصحافيين ضمن "المفقودين" أو "المختطفين".

جاد شحرور: أعداد الانتهاكات تزيد وأشكالها تصبح أخطر في لبنان، إن على يد الأجهزة الأمنية أو الأحزاب المسلحة، من دون أن يتعرض المتورطون لأي محاسبة

وبينما تغيب دول عربية عن قائمة اللجنة، فهذا لا يعني أن أوضاع الصحافيين فيها كانت أكثر تفاؤلاً، وبينها لبنان حيث تصاعدت الاعتداءات على الصحافيين وأصبحت أكثر شراسة. وأشار المسؤول الإعلامي في "مركز الدفاع عن الحريات الإعلامية والثقافية" (سكايز)، جاد شحرور، إلى أن أحكاماً بالسجن صدرت فعلاً ضد صحافيين لبنانيين خلال الأعوام الماضية، وبينهم حنين غدار وآدم شمس الدين وميشال قنبور ورضوان مرتضى.

وقال شحرور لـ"العربي الجديد": "الصحافيون يقتلون في لبنان، وآخرهم لقمان سليم الذي لم يُكشف عن أي تقدم في التحقيق بشأن اغتياله"، في 4 فبراير/شباط الماضي. وأكد أن "أعداد الانتهاكات تزيد وأشكالها تصبح أخطر، إن على يد الأجهزة الأمنية أو الأحزاب المسلحة، من دون أن يتعرض المتورطون لأي محاسبة، مما يعزز سياسة الإفلات من العقاب في البلاد".

يُذكر أن لبنان احتل المرتبة 107 ضمن مؤشر حرية الصحافة الذي تعده منظمة "مراسلون بلا حدود" لعام 2021، بعدما كان في المرتبة 102 عام 2020، والمرتبة 98 في 2016.

المساهمون