"ولاية بطيخ"... السخرية في موسم عاشر

20 يوليو 2024
يتلقّى صنّاع البرنامج تهديدات لسخريته من الظروف السياسية (فيسبوك)
+ الخط -
اظهر الملخص
- **نجاح برنامج "ولاية بطيخ"**: أطلق علي فاضل البرنامج في 2016، وحقق نجاحاً كبيراً حتى موسمه العاشر، حيث يبث عبر قناة "دجلة" الفضائية، ويركز على نقد الظواهر الاجتماعية والسياسية بطابع كوميدي ساخر.

- **التحديات والتهديدات**: تعرض فريق البرنامج لتهديدات ومحاولات اغتيال من جهات عشائرية وحكومية، لكنهم استمروا في نقد المؤسسات والوزارات الخدمية والحكومية بطريقة كوميدية.

- **التأثير الثقافي والاجتماعي**: أصبح "ولاية بطيخ" أيقونة كوميدية عراقية، حيث تردد قفشاته بين مختلف الفئات وتحولت شخصياته إلى "ميمز" على وسائل التواصل الاجتماعي، مما ساهم في تغيير مفاهيم الكوميديا في العراق.

عام 2016، انطلق المخرج العراقي علي فاضل برحلة جديدة في العروض الساخرة، من خلال برنامج "ولاية بطيخ"، ليضع الكوميديا العراقية المنتجة من الداخل أمام منعطف فني جديد في وجه تحديات سياسية واجتماعية وعشائرية وثقافية. ومنذ الموسم الأول الذي حقق نجاحات غير مسبوقة، وحتى موسمه الجديد الذي يبث عبر قناة "دجلة" الفضائية، بقي فاضل وكادره يتعرضون إلى أنواع التهديدات والإساءة، بدوافع سياسية للموسم العاشر على التوالي.

عبارة "ولاية بطيخ"، التي اختارها المخرج علي فاضل اسماً لبرنامجه هي قصة لمثل شعبي عراقي شهير، يُقال عن المدينة التي تعج بالفوضى السياسية والأمنية والاجتماعية. يهتم البرنامج بنقد الظواهر الاجتماعية والسياسية المختلفة، بطابع كوميدي ساخر، عبر فريق من الممثلين الشباب. غير أن علاقة البرنامج والعاملين فيه ظلت سيئة مع الأحزاب والقوى السياسية النافذة بالبلاد، فضلاً عن قوى السلاح، بوصفها الجهات المتصدرة للمشهد العراقي. ومع إعلان بثه الموسم العاشر، تعرض كادر "ولاية بطيخ" إلى هجمة كبيرة على عدد من منصات ووسائل التواصل الاجتماعي، غالبيتها صادرة عن أطراف دينية وسياسية اعتبرت أن البرنامج والممثلين فيه، يُقدمون محتوى كوميديا يهدف إلى الإساءة إليهم.

تعرض شقيق مخرج "ولاية بطيخ" (أوس فاضل) إلى محاولة اغتيال في منطقة العرصات في بغداد، وقبلها تعرض البرنامج إلى تهديدات وجّهتها بعض الشخصيات العشائرية والحكومية والنيابية، انتهى بعضها بجلسات صلح، لكن بعضها الآخر ما زال عالقا إلى اليوم.

في حديث إلى "العربي الجديد"، يقول المخرج علي فاضل إن "هناك أثراً كبيراً لبرنامج "ولاية بطيخ"، على المستوى الفني في العراق، فساهم بتغيير مفاهيم متعددة تخص الكوميديا"، مشيراً إلى أن "الهجمة التي يتعرض إليها كادر البرنامج باستمرار هي أكبر دليل على حجم أثره الثقافي والاجتماعي والفني". يضيف فاضل: "هناك سياسيون يقفون ضد استمرار عطاء البرنامج، ويسخّرون جيوشهم الإلكترونية من أجل استهداف كادره، خصوصاً أولئك الذين تضرروا كثيراً من النقد الذي تعرضوا إليه عبر حلقات البرنامج منذ موسمه الأول وحتى اليوم". ويشير إلى أن "البرنامج معني بنقد عمل المؤسسات والوزارات الخدمية والحكومية، وكذلك تسليط الضوء على سلبيات المجتمع ومحاولة إيجاد سياق درامي كوميدي يعالجها بطريقة لا تسيء إلى أي فئة، أو مذهب، أو دين، أو توجه".

يؤكد فاضل أن "وجود كل كادر برنامج "ولاية بطيخ" في ساحة التحرير أيام تظاهرات عام 2019، أدى إلى تفاقم الهجمات السياسية ضدهم من جهات وشخصيات كانت تخشى أن تنتج التظاهرات تحولاً سياسياً ينهي فسادها ونفوذها في مؤسسات الدولة". يقول: "كنت أخشى على حياة زملائي أيام التظاهرات، لكنهم أصروا على الانضمام للمحتجين في ساحة التحرير، واليوم نحن ندفع ثمن كوننا متظاهرين طالبنا بالخدمات والقضاء على الفساد وتوفير فرص العمل".

وعن تأثير التهديدات التي يتلقاها كادر "ولاية بطيخ" على طبيعة النصوص المكتوبة والحلقات والمواضيع في الموسم الجديد، يقول المخرج إن "ورشة كتابة الحلقات والمواضيع المطروحة في مختلف المواسم منذ انطلاق البرنامج وإلى اليوم غير مكترثة بحجم التهديدات، وهي ماضية ومصرّة على سياقها الكوميدي الذي تأسس عليه هذا البرنامج"، لكنه يوضح أنه "يتعامل مع الانتقادات الموضوعية بكل حرص، وهناك تغييرات جذرية طرأت في تناول البرنامج لمختلف الفئات الاجتماعية حرصاً على تجنب الإساءة أو الازدراء لكل الفعاليات الاجتماعية والسياسية والدينية في العراق".

منذ أن خرجت حلقات "ولاية بطيخ" إلى الفضاء العام، أمست قفشاته متداولة بين مختلف الفئات العراقية، ليصنع بذلك ثيمة خاصة، لا ينافسه برنامج آخر عليها مهما ذاع صيته، فالأطفال والشباب والرجال، باتوا يردّدون ما تقوله شخصيات البرنامج، ويضعونها في سياقات أحاديثهم اليومية. أما صفحات التواصل الاجتماعي الساخرة، فقد حولت شخصيات البرنامج إلى "ميمز" (Memes) تستخدم للسخرية من شتى الحالات والظواهر، وأيضاً كردود على أمور وعادات. لذلك، وبحسب المختصين في المجال الفني، فإن "ولاية بطيخ" تحول إلى أيقونة كوميدية عراقية محلية تنتج من الداخل.

يشير الممثل والكاتب العراقي الساخر، أحمد وحيد، إلى أن "مستويات الكوميديا تأثرت بفعل الربيع العربي وما أنتجه من متغيرات سياسية واجتماعية، لكن النقمة زادت على السياسيين العراقيين بعد عام 2014، وضياع ثلثي الأراضي العراقية (احتلال مسلحي داعش لمدن شمال وغرب العراق) بفعل الصراعات السياسية، لذلك ظهرت برامج ساخرة وناقمة على الوضع السياسي العراقي". يقول وحيد في حديث إلى "العربي الجديد": "المحتوى الكوميدي العراقي تغير كثيراً بعد عام 2016، خصوصاً بعد انتشار استخدام مواقع التواصل الاجتماعي بين مختلف الفئات، ومع انتشار الكوميديا السطحية ظهرت في المقابل برامج كوميدية واعية ومهنية".

يصف وحيد برنامج "ولاية بطيخ"، بأنه "التجربة الكوميدية الأهم في العراق، نظراً إلى ما قدمته من أسماء مهمة للشاشة العراقية، وصنعت أسماءً على مستويات درامية وتلفزيونية عالية"، لافتاً إلى أن "علي فاضل يتملك أفكاراً متنورة، وسيقدم للشاشة العراقية كل ما يساهم في صعود التجربة الكوميدية والدرامية في العراق من خلال أعماله الحالية أو المقبلة التي يستعد لإنجازها".

المساهمون