وديع خوري: عالم جديد من الكلمات في المخيلة

29 نوفمبر 2020
بدأ يكتب نصوصاً قارب فيها بين الراب والزجل الشعبي (العربي الجديد)
+ الخط -

في الأعوام الأخيرة، بدأ اسم وديع خوري يتردد في الأوساط الثقافية السورية، بوصفه كاتب أغانٍ له أسلوبه الفريد والمختلف؛ أسلوب لم يعتده الجمهور، فهو يختلف تماماً عمّا يُقدَّم في سورية في هذا المجال، سواء في الأغنية الشعبية السائدة، التي تتسم  بالرومانسية المفرطة، أو في الموسيقى البديلة التي يبدو في سورية أنها باتت مقتصرة على اتجاهين، هما تجديد الأغاني الفلكلورية وإعادة توزيعها، والاتجاه الآخر هو أغاني الراب، التي تعتمد كثيراً على أسلوب راب العصابات والدسات.  

التقت "العربي الجديد" بالكاتب الشاب، لمناقشة تجربته في كتابة الأغاني والغناء، وذلك بعد أن بدأ أخيراً بمشروعه الفني الجديد الذي يجمعه بالعازف والمغني خالد رزق.
 

- الأغاني التي كتبت كلماتها تترك انطباعاً غريباً، فتشعر عند سماعها بوجود خلل بالكلمات، إلا أن هذا الخلل نفسه هو الذي يشكل عامل الجذب في الأغنية، ليوحي ذلك أن الكلمات هي التي تؤدي دور البطولة بكل الأغاني التي شاركت فيها، على حساب اللحن والأداء. كيف يمكنك أن تصف أسلوبك بكتابة كلمات الأغاني؟ وكيف بدأت وكيف وصلت إلى هذا المكان؟ وهل كان لديك خطة لتقديم نوع مختلف عن السائد؟ 
* بدأت أفكر في كتابة الأغاني عندما كنت أرتاد مدرسة الباليه في الثانية عشرة من عمري لأتعلم الرقص. ففي المعهد العالي للفنون المسرحية، تعرفت إلى العديد من الأمور كـ"البيت بوكس"، والراب. ففي ذلك الوقت، كانت هناك فرقة فلسطينية تغني الراب في دمشق، اسمها "لاجئين الراب"، وعندما حضرت أحد عروضها، فكرت في أنني أستطيع أن أقوم بما يقوم به أفرادها، شعرت بأن لدي الإمكانية لصف الكلمات وراء بعضها على لحن معين، ولدي ملكة الكتابة على وزن وقافية تتماشى مع الإيقاع، فبدأت بكتابة أغاني الراب.

ولأنني ابن منطقة جبلية، وترعرعت على الزجل والمواويل، كنت أخلط بين الأمرين، فبدأت بتركيب الكلمات بطريقة فطرية من دون أن أعرف كيف أصنف ما أقوم به، ومن دون أن يكون لديّ وعي حتى بماهية الراب؛ إذ كنت أظن حينها أن الراب ليس سوى شكل من أشكال الغناء الذي نتكلم به بسرعة كبيرة. 

وعندما أصبحت طالباً في المعهد العالي للفنون المسرحية، كنت أشعر بأن التعبير الجسدي في الرقص لا يشبع رغبتي، وأن ما أقوم به حركياً أنقص مما أشعر به؛ فالرقص الذي تخصصت به لم يُعطني الأدوات الكافية للتعبير عن ذاتي ومشاعري. فعلياً كنت أشعر بأن الرقص وسيلة تعبير محدودة بالنسبة إليّ. وذلك ما دفعني إلى التعبير من خلال الكلام، فبدأت بكتابة أغاني الراب التي كانت تعطيني دافعاً إلى الرقص، وكنت غالباً ما أنطلق فيها من قصص قادرة على تحريك مشاعري من الداخل، لتساعدني على اختراع حركات في الرقص؛ فأنا بالأصل راقص، ولكن اهتمامي بالغناء كان يزداد يوماً بعد آخر.

وفي عام 2012، أدّيتُ بعض أغاني الراب في غاليري "أنس نصار" في دمشق القديمة، وتركت الحفلات التي شاركت فيها انطباعاً جيداً للاستمرار في هذا المجال، وفي ذلك التوقيت تعرفت، بالصدفة، إلى الموسيقي آري جان، الذي أعجب بما كتبته من زجل وراب، وأخبرني أن الكلمات التي أقدمها فيها تجديد غير مسبوق، وأنها صالحة للغناء، ومن الممكن تلحينها، لتخرج من إطار"البيت بوكس"، وتحلّ مكانها الموسيقى الحية والإيقاعات الحقيقية، لنتشارك حينها بصناعة أول أغنية، بكل ما تعنيه الكلمة من معنى.


- ذكرت أنك كنت تعتقد في البداية أن الراب هو "الكلام بسرعة". فما الذي اكتشفته بالراب فيما بعد؟ وإلى أين توجهت فيه؟
* كنت على احتكاك دائم بمغني الراب في سورية، بالفترة ما بين 2007 و2010. كنت أعرف حينها مودي العربي وإسماعيل تمر، وهؤلاء الذين يشكلون واجهة الراب السوري اليوم. كان هؤلاء حينها يبالغون في السرعة من دون أن يهتموا لعدم فهم الجمهور لمعظم ما يقولون. من خلال هذه التجارب بدأت تتشكل وجهات نظري الخاصة؛ فعندما بدأت أشعر بأن الشكل السائد ليس سوى حشو كلام من دون معنى بغاية إلقائه بسرعة بمرافقة الـ"بيت"، أخذت حينها خطوة إلى الوراء. 

لا أوافق على هذا المنظور، والراب بالنسبة إليّ ينبغي أن يكون آلية للتعبير عن أفكاري وآرائي بين مجموعة شباب يستمتعون بالموسيقى. حينها، أعدتُ تكوين أفكاري الفنية من خلال تفكيك الزجل؛ ففي الزجل ليس هناك كلام مجاني. لذا، أصبحت أقارب الراب بالزجل، وبدأت أطرح أسئلة عن شخصية الرابر في مجتمعنا، وعن الراب العربي عموماً، لأوجد تعريفاتي الخاصة المختلفة عن السائد؛ فأنا لا أريد أن يكون المحتوى الذي أقدمه مجرد استنساخ للراب الغربي، إن كان بالموسيقى أو في شكل الأداء، ورفضت السير بذلك التوجه السائد في تقليد نجوم الراب الغربيين، ولبس البنطلونات الفضفاضة والأكسسوارات الغريبة التي لا تشبهنا. فعلياً، لم ترُقني الطريقة التي كان الراب العربي يسير بها، لذلك حاولت أن أبحث عن شيء يشبهني أكثر.

خلال بحثي عن شكل الراب العربي الذي يمثلني، كنت أقارب بين الراب والزجل؛ فأهالينا وأجدادنا عندما كانوا يجتمعون في سهراتهم، كانوا يرتجلون مواويل الزجل ويرددونها، وهي أقرب شكل غنائي ينتمي إلى الشارع ويمكن التأسيس عليه. ووفقاً لهذا المنطلق، بدأت أبحث لأكون وجهات نظري الخاصة، فبدأت أتساءل عن دور الراب والمواضيع التي يجب أن أتناولها بهذا النوع من الفن: فهل يتناسب الراب مع الغناء عن النساء والمال؟ أم يتناسب مع الكلمات الثورية والكلام المعقد النظري الذي بدأ يشيع فيه مع بداية الثورة؟

لا شك في أن ثورات الربيع العربي ساهمت بتشكيل أرضية خصبة للراب العربي، لكن انتشاره لا يفسر وحده ما دور الراب بما يحدث في محيطه، وكان علينا أن نسأل: ما الذي يجب قوله تجاه ما يحدث؟

الربط بين الراب والزجل، مكنني من بناء عالم جديد من الكلمات في مخيلتي، لكن لم يمكنني ذلك من الإجابة عن كل أسئلتي؛ ربما هذا هو السبب لعدم تقديمي أي أغنية منفردة حتى الآن، فأنا لم أسعَ بعد لإثبات وجودي في ساحة الراب، ولم أقدم نفسي كرابر، وإلى الآن يقتصر ظهوري بهذا الدور على المشاركة ببعض مقاطع الأغاني التي أؤلفها. ومع ازدياد الإنتاج، أصبح ظهوري بهذه الأغاني أطول، ولكنني إلى اليوم لا أزال أبحث عن مشروع الراب الخاص بي، ولم أتمكن حتى اليوم من إيجاد أغنية الراب التي أبحث عنها. فلا يزال دور الرابر مجهولاً بالنسبة إليّ في المجتمع، وليس واضحاً كما هو الحال في المهن الأخرى. 


- هل تعتقد أنّ من الضروري أن يحمل الرابر مسؤولية وأدواراً اجتماعية؟ ألا يكفي أن نتعاطى مع الراب كأسلوب تعبير، كما ذكرت مسبقاً؟ 
* ربما الأمر يتعلق بتجربتي بالحياة والآمال والأفكار التي أرغب في تحميلها للفن الذي أقدمه. في حياتي العادية، أعمل نجاراً، إلى جانب عملي مدرباً للرقص في مدينتي قطنا، المدينة الصغيرة والنائية التي تقع جنوب دمشق، والتي تنقطع فيها الكهرباء معظم الوقت، ولا يوجد فيها مقاهٍ ولا بارات، ولا مكان للتجمعات الشبابية؛ فغالباً أنا آخر من بقي من شباب جيلي في هذه المدينة، لأنني وحيد ولست ملزماً بالخدمة العسكرية. شكل حياتي هذا والكيفية التي أقضي بها يومي بأدوار مختلفة يدفعانني إلى التفكير في الناس، فأمضي أغلب وقتي بالمراقبة بالفقر والخوف؛ فالكل هنا خائف مثلي ويترقب، ولا يعرف كيف يمضي أيامه وكيف ستنتهي حياته في هذه المدينة.

ذلك كله يدفعني إلى التفكير بشكل أكبر في الأدوار الاجتماعية التي يجب أن أؤديها. لذلك، يبدو تأثير المكان هو الطاغي على كلماتي وعلى اختياري بالموسيقى؛ فأنا أصبحت أخيراً أشرف على القالب الموسيقي للعمل، إيقاع الحياة هنا يفرض نفسه، والوجوه الشاحبة التي لا تمكنك من معرفة إذا ما كان الأشخاص حولك غاضبين أو راضخين أو سعداء تساهم بتشكيل رؤيتك الفنية؛ فهذا الخليط الذي لا أزال عالقاً فيه حتى اليوم، والتساؤلات والمخاوف التي يطرحها الشارع ومحيطي حول ما تحمله الأيام القادمة، هي كلها أسئلة لا يمكن أن نهرب منها. 

إننا نعمل طوال الوقت مقابل مبالغ مالية زهيدة، ونركض لتأمين احتياجاتنا، وذلك يشكل الجو العام الذي يسيطر على أغنيتي، بالفكرة وباللغة. لكن، بالمقابل، لا أتفق مع الأفكار المنتشرة عن أغاني الراب، التي تجعل منه فنّاً بالإمكان تقديمه بإمكانات محدودة، ويكفي أن نصف الكلمات على موسيقى رخيصة يوجد فيها إيقاع متكرر. فرغم الظروف المادية والمعيشية السيئة، أسعى إلى تقديم أغانٍ تتناسب مع رؤيتي الفكرية، وأبحث دائماً عن التوزيعات الموسيقية التي تتناسب مع العوالم التي أبنيها بالكلمات.


- تعتمد في معظم الأغاني التي تكتبها على تركيب عبارات تتكون من كلمات لها مصدر لغوي واحد، ولكنها متنافرة بالمعنى، من خلال العودة إلى مصدر الكلمة باللغة الفصحى واستخدام مصطلحات غريبة مشابهة من اللغة الدارجة، كما هو الحال في لازمة أغنيتك الأخيرة "عايش بفيلم"، التي يرد فيها: "سلبونا سلبينا". فلماذا تلجأ إلى هذا الأسلوب؟ هل هو محاولة تسطيح اللغة؟ أم أنك تعود إلى الجذور اللغوية لكشف التناقضات بأدوات التواصل لدينا؟
* بالزمن الذي نعيش فيه، فقدت اللغة بعض خصائصها بين الناس، وخاصة في البيئة الجغرافية التي أعيش فيها، فأصبح الناس يرددونها بشكل آلي من دون أن يكون للكلمات معنى حقيقي؛ لتبدو الكلمة قد فقدت جمالها ووقعها، وأصبح الهدف من اللغة يقتصر على دورها بالتواصل مع بعضنا فقط، وأصبحت وظيفية ومستهلكة. ذلك دفعني إلى أن أكتب بأسلوب أتجاهل فيه قواعد اللغة السليمة ومعانيها، وأصبحت أفكر في الشعور الذي سيصل إلى المستمعين عند غناء تلك الكلمة، فأنا فقدت الأمل بتأثير الكلمات المباشرة على المستمعين، وأعتقد أن الدور الجمالي المفقود للغة له أثر أكبر.


- لكلماتك إيقاع خاص، ولها أثر حماسي على المستمعين، وفي معظم أغانيك يتحول الكلام إلى جزء من الموسيقى ببعض اللحظة ويتماهى معها. فما مدى أهمية الإيقاع بالنسبة إليك؟ وما دور الإيقاع السريع وأوزان الجمل القصيرة التي تكتبها بالتعبير عن عدمية الحياة في دمشق، التي كنت تتحدث عنها؟ هل تكتب بهذا الأسلوب لأن الحركة باتت أهم من الكلمة؟  
* كنت أمضي معظم مراحل طفولتي في حصص الرقص ودروس الباليه وسماع الموسيقى الكلاسيكة، وفيما بعد رافقتني انعكاسات تلك الموسيقى الكلاسيكة في انسيابيتها وتعقيدها في الوقت ذاته. وعندما انتقلت إلى المعهد العالي للفنون المسرحية، تعاطيت مع نوعيات رقص جديدة وموسيقى جديدة، فبدأ يتكون لدي إيقاع تلك الرقصات، وتشربت إيقاعات الموسيقى المختلفة جسدياً؛ فجسدي هو الذي يدلني على الإيقاع، وعندما أكتب يهمني ان أضع إيقاعات لما أكتب؛ أحياناً استخدم إيقاع الجاز أو الهيب هوب، وذلك يعود إلى حالتي النفسية والجسدية التي أكون بها.

أظن أن خلفيتي كراقص قد أثرت في الإيقاع بكلماتي، بالإضافة إلى بيئتي وإرثي الثقافي. ففي الزجل هناك شيء يسمى "القرادة"، وهي من أصعب التراكيب الكلامية ومنتشرة في أعمال الرحابنة مع فيروز، و"القرادة" تحتوي على تركيبات إيقاعية جميلة جداً. بالمقابل، هناك التركيبة الإيقاعية للـ"هيب هوب"، وكل عالم إيقاعي يمكنك أن تركب عليه كلمات معينة، لذلك أغلب الأغاني السورية التي تعتمد على الزمر نجدها تستخدم ذات الشطر، وأغاني ناصيف زيتون موزونة على شطر واحد منذ ظهوره الأول وإلى اليوم. 

نعم، الكلمات مبنية على إيقاعات، وكل حرف في اللغة له إيقاع خاص به، وهذه التركيبة الكاتب يتحكم بها، ولكوني راقصاً، فهذا ساعدني كثيراً في الكتابة بإيقاعات حركية. ربما هذا ما يميزني، لأن الرقص جزء لا يتجزأ من الأغنية، وبالغالب أنا أول راقص يكتب كلمات أغاني في سورية.

- من خلال متابعة تجربتك على مدار السنوات الخمس الماضية، ومع الأصوات المختلفة التي كتبت لها الأغاني، تبدو بصمتك واضحة فيها جميعاً، ولكن يبدو أيضاً أن تجربتك مرت بثلاث مراحل. فأغنية "ركب أصنصير" التي أداها أيمن رضا كانت تمثل حالة عاطفية غريبة بالعلاقة مع مدينة دمشق، بينما وصلت هذه الحالة إلى مستوى مختلف في "شمس الصبح"، تبدو فيها الكلمات أكثر تناقضاً، فيزداد الإيقاع ابتهاجاً عندما تتحدث عن حالة العزلة والكآبة داخل المدينة. وأما الأغنية الأخيرة "عايش فيلم"، فهي تبدو أكثر ضياعاً ويرافقها إيقاع راقص غريب. فكيف يمكن تفسير هذه المحطات الثلاث بعلاقتها مع المدينة والحياة فيها؟
* أغنية "ركب أصنصير" كانت وراءها حالة كاملة دفعتني إلى صناعتها بهذه الطريقة. حينها كان عمري 24 عاماً، وكنت أجلس مع الممثل أيمن رضا الذي عرفته أولاً من خلال التلفزيون بطفولتي، وكنت سعيداً بعملي معه. ذلك أعطاني طاقة كبيرة، جعلتني أصنع الأغنية بتلك الطريقة. فعلياً، أنا صنعتها، وترجمت فيها حالة أيمن رضا كما أراها بكلماتي. وذلك تزامن مع تدهور حالة المدينة، فحينها كان سعر الدولار قد شهد ارتفاعاً كبيراً أثّر بحياة كل سكان المدينة، التي باتت آثار الحرب بادية عليها.

كذلك أغنية "شمس الصبح"، فهي مرتبطة بزمن كتابتها أيضاً، وهي أغنية لدمشق التي تعني لي الكثير. فأنا شاب سوري من خارج دمشق، وذهبت إليها ووجدت فيها ما ينقصني. هي ليست موطني الأساسي، لكنها عوضتني عن النقص الذي كنت أشعر به في مدينتي الصغيرة، من الأصدقاء والاستقلالية والحب، فهي أغنية كانت كردٍّ جميل لتلك المدينة، وتعبير عن مشاعري وحالة الحب التي أعيشها مع دمشق. وقد استغرقت بكتابة الأغنية عامين، كتبت فيها عشرات المسوَّدات قبل أن نعتمد النسخة التي ظهرت، وحاولت فيها أن أعتمد أسلوبين مختلفين بالكتابة، فبدأت فيها برسم صور لرومانسية دمشق، بكلمات خفيفة شبيهة بأغاني فايا يونان وكارمن توكماجي، لأعطي الناس القالب الجاهز الذي اعتادوه، قبل أن ننقلب على هذا القالب بالمقاطع الأخيرة، التي تتحول فيها اللغة إلى لغة أكثر حدة وقسوة، لأعطي صورة عن العالم الحقيقي الذي نعيش فيه، بكل ما فيه من قساوة. 

وأما أغنية "عايش فلم"، فقد صنعتها بعد أن تركت دمشق وعدت إلى مدينتي الصغيرة ومنزل عائلتي. وبها عدت لأحاديث وهموم الناس البسيطة الذين يعيشون في قطنا، بعيداً عن أحاديث النخبة المثقفة والفنانين، وكنت أرصد هموم الناس يومياً كتأمين الطعام والشراب والألبسة التي بات من الصعب تأمينها في اليوم الحالي، ومن هذا الفضاء شعرت بأنني أعيش في فيلم غير حقيقي.

بالنهاية، إن تبدل شكل حياتي هو الذي يفرض عليّ مواضيع الأغاني التي أقدمها كل فترة وشكلها. وأنا أشعر بأن ما أقدمه لا يعبّر عني فقط، بل يعبّر عن أهلي وحارتي والكثير من الأشخاص الذين أصادفهم بحياتي اليومية، ويعبّر عن أشخاص صامتين ومغيبين ومهمشين، وأنا أسعى كفنان أن يكون صوتي صوتاً لمجموعة من الأشخاص الذين يشاركونني الحياة في هذا المكان.

المساهمون