تدريجياً يحلّ "تيك توك" مكان موقع غوغل بالنسبة لمستخدمي الإنترنت الأصغر سناً، أي جيل الألفية. فمع نمو التطبيق الصيني، هل بدأ يشكّل فعلياً تهديداً لعملاق البحث الذي جلس منفرداً على عرشه لعقدين من الزمن؟
في يوليو/ تموز اعترف مسؤول في "غوغل" بأن "ما يقارب 40 في المائة من الشباب يلجأون إلى تيك توك أو إنستغرام عند البحث على سبيل المثال عن مطعم لتناول الطعام، بدل الذهاب إلى تطبيق خرائط غوغل، كما كانت الحال سابقاً".
وتحدثت صحيفة نيويورك تايمز إلى مستخدمي الإنترنت الشباب ووجدت أنهم يلجأون إلى "تيك توك" للحصول على المعلومات التي كان المستخدمون يبحثون عنها في "غوغل".
وهذه ليست موجة جديدة تماماً. إذ أصبح الإنترنت مع الوقت أكثر تركيزاً على الفيديو، ولطالما كان موقع "يوتيوب" ثاني أكثر محركات البحث شيوعاً على الإنترنت. ويقول موقع ذا فيردج التقني إن من مصلحة "غوغل" إثارة هذا الموضوع كي لا تبدو شركة تحتكر البحث، في ظل الدعاوى التي ترفع ضد شركات التكنولوجيا الكبرى بتهمة الاحتكار.
"تيك توك"... هل ينافس "غوغل" أم "يوتيوب"؟
قبل أسابيع اختار محرّر في موقع ذا فيردج، خوض اختبار خاص: استخدام "تيك توك" للإجابة عن كل سؤال لديه قبل البحث عن نتيجته في "غوغل". وخلُص إلى أن هناك بعض المواضيع التي يعتبر "تيك توك" مفيداً فيها كمحرك بحث، حتى لو كانت خوارزمية التطبيق غير مضبوطة جيداً حتى الآن. وعلى الرغم من نجاح التجربة، فإنه رأى أن المنافسة الحقيقية مع "غوغل" ليست قائمة ولا واقعية، بل إن "تيك توك" قد يشكّل منافساً لعمليات البحث على "يوتيوب".
وشرح المحرر طريقة تنفيذ الاختبار: على سبيل المثال قرر البحث عن المكان المناسب لتناول الطعام في منطقته. فكتب بداية "مطاعم قربي" فلم يجد أي اقتراح، ثم كتب "مطاعم في ديل ري فا" (الحي الذي كان موجوداً فيه) فكانت النتائج مفيدة بشكل مدهش، بحسبه، بحيث عرض له فعلاً سلسلة من المحلات.
وأغلب المقاطع التي ظهرت عند البحث من صنع مستخدمين عاديين وليس علامات تجارية، نشرها مستخدمون مختلفون، منهم من يحاول أن يصبح مؤثراً، ومنهم مجرد عشاق للطعام يستعرضون أحدث اكتشافاتهم. وطبعاً لم تكن هذه المصادر موثوقة والمعلومات في المقاطع كانت محدودة.
ويعد البحث عن الطعام بشكل عام قوة حقيقية لـ"تيك توك"، فهو أداة ممتازة للعثور على الوصفات، وخاصة البسيطة.
في المقابل لا يستطيع "تيك توك" بعد منافسة "غوغل" في الوصول السريع إلى الأشياء الأخرى على الإنترنت. مثلاً عمليات البحث الأكثر شيوعاً على "غوغل" هي كلمات مثل Facebook وAmazon، ولا تقدم "تيك توك" أي مساعدة مفيدة في هذا الجانب.
كما تملك "غوغل" خدمة أسئلة وأجوبة ممتازة وسهلة، نسبة إلى ما يبحث عنه المستخدمون يومياً مثل حالة الطقس أو سعر الصرف، كما تقدّم أجوبة محددة لأسئلة من نوع آخر، مثل: "من كان الرئيس السادس عشر للولايات المتحدة" أو "كم عدد الأوقية في الكوب" أو "ما هو الوقت الذي تبدأ فيه المباراة الفلانية"، وهي معلومات غير موجودة بشكل مباشر على "تيك توك".
جزء من المشكلة هو أن صناع المحتوى على "تيك توك" لا يأخذون عمليات البحث في عين الاعتبار عند رفع فيديوهاتهم على التطبيق، كما أن الإجابة عن هذه الأسئلة تؤدي في الغالب إلى مقاطع فيديو سيئة وغير مرتبطة بالبحث.
قوة "تيك توك" أمام "يوتيوب"
مع ذلك، فإن السؤال الأول الأكثر شيوعاً في عمليات بحث "غوغل"، وفقاً لإحدى الدراسات، هو "ماذا أشاهد؟". هنا تأتي ميزة "تيك توك". إذ يقدم التطبيق مجموعة خيارات شعبية في الوقت الحالي على منصات البث. كما أن التقليب عبر مقاطع "تيك توك" يعتبر أكثر متعة للتصفح من قراءة نتائج "غوغل" أو الانتقال من إنتاج إلى آخر على "نتفليكس".
لكن ماذا عن "يوتيوب"؟ في حالات كثيرة يكون "تيك توك" أفضل بكثير من "يوتيوب"، لأن مقاطع "تيك توك" السريعة والقابلة للتمرير تفرض على المبدعين أن يكونوا أكثر كفاءة. النتائج لا تأتي مع التمهيد الطويل كما في مقاطع "يوتيوب"، بل مقطع فيديو مدته 30 ثانية فقط مثلاً. وهو ما يجعل التطبيق الصيني منافساً جدياً وحقيقياً لـ"يوتيوب".
في حال اختار "تيك توك" أن يتحول على المدى الطويل إلى محرك بحث أيضاً فإن المنصة ستحتاج إلى سلسلة تغييرات، مثل السماح للمبدعين بوضع روابط أكثر لمصادرهم. كما يجب على المنصة محاربة المعلومات المضللة. إذ وجدت دراسة حديثة لـ"نيوزغارد" قدراً هائلاً من المعلومات الخاطئة على "تيك توك".