استمع إلى الملخص
- رغم إعلان سينمائيين في هوليوود مواقفهم ضد إسرائيل، إلا أن تأثيرهم محدود بسبب جهل أو عدم مبالاة الجمهور.
- تصريحات مثل تلك التي أدلت بها سارة فريدلاند في مهرجان فينيسيا، رغم أهميتها، تحتاج لتحويلها إلى أفعال ميدانية لمواجهة الجرائم الإسرائيلية.
نُهلِّل ليهوديّ/يهوديّة يهاجم إسرائيل. نفرح بقولٍ له/لها يؤكّد المؤكّد: إسرائيل تُبيد الفلسطينيين والفلسطينيات، في غزّة وغيرها. نُدبِّج مقالات تُعيد قولاً كهذا، فنحن بحاجة إلى دعمٍ يُستَند إليه، وأهمّ دعمٍ كهذا ينبثق من موقفِ يهوديّ/يهوديّة، والأجمل والأقوى والأقدر على تأكيد المؤكّد يتمثّل بأنْ يكون اليهوديّ/اليهودية إسرائيلياً/إسرائيلية.
السائد في العالم أنْ لا أحد "يسمع" صرخة غزّة وباقي فلسطين المحتلّة. لكنّ سينمائيين/سينمائيات في هوليوود وخارجها يُعلنون موقفاً، بكلامٍ أو زيٍّ أو حركةٍ. يريدون قولاً من منبرٍ يوصل الكلمة إلى ملايين البشر. لكنْ، يندر أنْ يؤثّر قولٌ كهذا في هؤلاء البشر، فالغالبية الساحقة جاهلةٌ أو غير مبالية أو متشنّجة إزاء فلسطين، أو متعاطفةٌ مع المحتلّ، أو مدافعة عنه، وكلامٌ لسينمائيّ/سينمائية، مدّته دقائق قليلة، غير نافعٍ لتلك الغالبية، بل غير مؤثّر البتّة بها.
مُقتنعٌ بأنّ كلام القلّة غير نافعٍ وغير مؤثّر، رغم أهمية إعلان موقفٍ يواجه حرب الإبادة الإسرائيلية، التي تنهي قريباً عامها الأول (7 أكتوبر/تشرين الأول 2023). أشعر بأنّ حركةً كهذه في منابر سينمائية دولية نوعٌ من تكفيرٍ عن ذنب فرديّ إزاء جُرمٍ، ينبذه هؤلاء من دون أنْ يملكوا حدّاً أدنى من إمكانية إيقافه أو منعه أو فضحه بغير كلامٍ قليل. قلّة تكتفي بإعلاء صوتٍ، من دون إكمال الإعلان بفعلٍ ميداني، رغم أنّ كلّ فعلٍ ميداني ضد حرب الإبادة الإسرائيلية يُخوَّن صانعه ويُنبَذ ويحارَب. الحاصل منذ الدورة الـ74 (15 ـ 25 فبراير/شباط 2024) لـ"مهرجان برلين السينمائي"، على الأقلّ، يؤكّد هذا: كلامٌ فيه حماسةٌ وواقع وقناعة، وكفى.
آخر فعلٍ كلامي يُقال في ختام الدورة الـ81 (28 أغسطس/آب ـ 7 سبتمبر/أيلول 2024) لـ"مهرجان فينيسيا السينمائي": سارة فريدلاند مخرجةٌ أميركية تنتهز لحظة استلامها جائزة أفضل إخراج عن "لمسة مألوفة" (مسابقة "آفاق") لتُعلن رفضها تلك الحرب، مُشيرةً إلى أنّ "من مسؤوليتنا كعاملين في مجال السينما استخدام المنصّات المؤسّسية التي نعمل عبرها للتصدّي لإفلات إسرائيل من العقاب على الساحة العالمية". كلامٌ مهمّ، صادر عن فنانة سينمائية أميركية يهودية، كما تقول في بداية خطابها. لكنّ كلاماً كهذا يُفترض به أنْ يتحوّل إلى فعلٍ ميداني، بتضافر جهود فاعلين وفاعلات في السينما، وفي غيرها من الفنون. كلامٌ يجب ألا يبقى محصوراً في جملٍ تُلقى في منبر دولي. كلامٌ يُقبَل أكثر إنْ يجد أدوات فعلية تنفّذه.
فوزه بـ"أوسكار" أفضل فيلم أجنبي (النسخة الـ96، 11 مارس/آذار 2024) عن "منطقة الاهتمام" (2023) دافع للبريطاني جوناثان غلايزر إلى رفع النبرة اليهودية إزاء الجُرم الإسرائيلي، لقلقٍ فيه من ربط اليهودية بالقتل والإبادة، ومن مصادرتها لحساب قتلة يُبيدون شعباً. يريد تحصين يهوديّته من أيّ استغلال إسرائيلي في حرب المحتلّ. هذا حسنٌ. لكنْ، في هذا شيءٌ ذاتي: إنّه دفاعٌ عن يهودية قائله، أكثر من كونه غضباً إزاء الجُرم الإسرائيلي.
التساؤل مشروعٌ. السابق محاولةُ نقاشٍ، لن تحجب هول الإبادة المستمرّة على وقع خطابات يهودية تناهض الجرم الإسرائيلي.