- "لافندر" يستخدم بيانات من "واتساب" لاستهداف الفلسطينيين بدقة، مما يؤدي إلى زيادة الضحايا المدنيين وتدمير الممتلكات بأقل إشراف بشري.
- الكشف عن تسريب البيانات يثير تساؤلات حول خصوصية وأمان "واتساب" و"ميتا"، مما يضعف ثقة المستخدمين ويسلط الضوء على مخاوف من التعاون مع السلطات الإسرائيلية في انتهاكات ضد الفلسطينيين.
طالب مركز صدى سوشال لرصد وتوثيق الانتهاكات الرقمية ضد المحتوى الفلسطيني، بفتح تحقيق عاجل في اتهام شركة الإنترنت والتكنولوجيا "ميتا" بتسريب بيانات المستخدمين الفلسطينيين في تطبيق المراسلة "واتساب" إلى الجيش الإسرائيلي، لاستخدامها في استهداف المدنيين في غزة أثناء عدوانه الذي اعتمد الذكاء الاصطناعي في القتل.
وقال بيان من "صدى سوشال" إنه يتابع اعتراض عددٍ من موظفي شركة ميتا، مالكة "واتساب"، على "تورط الشركة في حرب الإبادة الجماعية في قطاع غزة، ودعمها الاحتلال الإسرائيلي، وتغذية نظام لافندر في الذكاء الاصطناعي الذي يستخدمه الجيش الإسرائيلي في قتل الفلسطينيين في غزة".
ودعا المركز إدارة "ميتا" إلى "الالتزام بالمسؤولية والشفافية على منصاتها المختلفة، وإصدار تقارير الشفافية التي تتحفظ عليها منذ بدء حرب الإبادة الجماعية، ويطالب مجلس الإشراف المستقل بإنفاذ تحقيق عاجل وحقيقي حول تسريب ميتا بيانات الفلسطينيين ومشاركتها في الإبادة".
ما هو لافندر الإسرائيلي؟
"لافندر" نظام ذكاء اصطناعي يستخدمه جيش الاحتلال في قصف الفلسطينيين في قطاع غزة بحد أدنى من الإشراف البشري، ويعتمد نهجاً متساهلاً في اتخاذ قرار الاستهداف وتنفيذه، وتخمين من سيُقتلون في غزة، بحيث يُقصفون مع أسرهم في بيوتهم. ونقل تقرير لمجلة "+972" وموقع "لوكال كول" العبري، عن مصادر استخبارية إسرائيلية، أن "لافندر" لعب دوراً مركزياً في الحرب على غزة، إذ عالج كميات كبيرة من البيانات لرصد الضحايا بسرعة لاستهدافهم. وقالت أربعة من مصادر التقرير إنه في مرحلة مبكرة من الحرب، أدرج نظام لافندر ما يصل إلى 37 ألف فلسطيني ضمن بنك أهدافه.
وأضافت المصادر ذاتها أن "لافندر" حقق معدل دقة بنسبة 90 في المائة، ما دفع جيش الاحتلال إلى الموافقة على استخدامه الشامل باعتباره أداة توصية بالأهداف. وقد أنشأ قاعدة بيانات تضم عشرات الآلاف من الأفراد الذين صُنّفوا على أنهم أعضاء من ذوي الرتب المنخفضة في الجناح العسكري لحركة حماس. وقد استُخدم هذا جنباً إلى جنب مع نظام آخر لدعم القرار، يعتمد على الذكاء الاصطناعي، يُسمى "غوسبيل"، الذي أوصى بالمباني والهياكل كأهداف.
كيف يغذي "واتساب" نظام لافندر؟
تشير التقارير التي تابعها مركز صدى سوشال، إلى أن أحد مصادر المعلومات لنظام لافندر هي بيانات جمعها من مجموعات "واتساب"، قبل استهداف الفلسطينيين في هذه المجموعات. بحيث يتعرّف "لافندر" على الفلسطينيين الذين يستهدفهم الجيش الإسرائيلي في غارات جوية من خلال تتبع اتصالاتهم عبر التطبيق الأخضر، أو المجموعات التي ينضمون إليها.
هل اتصالات "واتساب" مشفّرة حقّاً؟
إذا ثَبَتَ أن الاحتلال قادر على الوصول إلى بيانات "واتساب" فهذا يضرب سمعة التطبيق ومصداقيته بصفته مصدراً للاتصالات المشفَّرة، التي أصرّ على أنها ميزة لا يمكن اختراقها حتى من قبل الحكومات وإدارة "ميتا". ولطالما أكّد التطبيق على ضمان خصوصية الرسائل من خلال ميزة التشفير بين طرفين، بحيث "عندما ترسل رسالة، الوحيد القادر على قراءتها هو الذي جرى إرسالها إليه، سواء شخصاً أم مجموعة.. لا أحد آخر يستطيع رؤية تلك الرسالة. لا متجسسين أو أنظمة قمعية أو حتى الشركة. والتشفير من النهاية للنهاية يجعل المكالمات كالمحادثة وجهاً لوجه"، بحسب تعبيرها.
لكن سبق لناشطين أن حذّروا من إمكان استغلال ثغرة من جانب الحكومات للتجسس على المستخدمين الذين يعتقدون أن رسائلهم في مأمن من التجسس، خاصة أنه رُوّج لـ "واتساب" باعتباره تطبيقاً آمناً، ما سهل اعتماده من ناشطين، ومعارضين ودبلوماسيين أداة للتواصل. تهمة أصرّت الشركة على نفيها قائلةً إن "واتساب لا يعطي الحكومات باباً خلفياً لنظامه، وسيحارب أي طلب حكومي لخلق هذا الباب".
لكن عبّر "صدى سوشال" في أكثر من مناسبة عن تخوفات من انتهاك "ميتا" الخصوصية على "واتساب"، مذكراً بأنه "منذ السابع من أكتوبر وبدء حرب الإبادة الجماعية، تزايد إنفاذ الرقابة، وانتهاك خصوصية المستخدمين عبر واتساب، من خلال حظر أكثر من 670 رقماً لمستخدمين فلسطينيين، أكثر من 78 في المائة منهم صحافيون ومستخدمون في قطاع غزة، ما ينعكس بشكلٍ مباشر على حياتهم".
ويعاني الفلسطينيون من تعاون شركات التواصل، بينها مالكة "واتساب"، مع وحدة السايبر في الجيش الإسرائيلي والنيابة العامة الإسرائيلية، وتشديد الرقابة على الصفحات والحسابات الإعلامية، من دون استثناء حتى المحادثات الخاصة على "ماسنجر" والمشفرة على "واتساب". وتضاعفت الانتهاكات الرقمية بحق المحتوى الفلسطيني بمقدار 14 ضعفاً خلال عام 2023، مقارنة بالانتهاكات الرقمية الموثقة عام 2022، بحسب تقرير "صدى سوشال" السنوي.