هل تؤثر السياحة المائية بسلوك الحيتان؟

09 سبتمبر 2021
يزداد اهتمام السياح بالحيتان (Getty)
+ الخط -

على بعد حوالى عشرة أميال بحرية قبالة ساحل أيسلندا الشمالي، ترصد بعثة علمية زفير الحيتان لتقويم درجة الضغط النفسي الذي تتعرض له هذه الحيوانات عند مرور سفن المراقبة، في نشاط يشهد نمواً كبيراً حول الجزيرة شبه القطبية.

تنطلق طائرة مسيَّرة من المركب الصغير التابع للبعثة العلمية. وبعد ست ساعات من الانتظار، يلمح باحثون من منظمة "وايل وايز" للحفاظ على البيئة البحرية حوتاً أحدب.

ويستخدم العلماء طبقَي بتري، وهي علب شفافة تُستعمل لاستنبات الخلايا، معلّقين بهيكل المركب، بهدف جمع قطرات المياه التي يبصقها الحيوان.

ومدة أخذ العيّنات قصيرة، وهي توازي شهيقاً وزفيراً، إذ إن الطائرات المسيّرة قد تؤثر سلباً بسلوك الحيتان، رغم أنها تزعجها بدرجة أقل من السفن.

هذه المرة، تحلّق الطائرة المسيَّرة فوق الحيوان بحذر، وتلتقط بنجاح الزفير الذي يُصدره الحوت، وتعود إلى المركب لتسلّم العيّنة الثمينة إلى البعثة العلمية. وبعد تغليف العيّنة بغشاء بارافين بلاستيكي، تُرسل إلى المختبر لتحليلها.

وتهدف هذه العملية الجديدة من نوعها إلى تقييم مستوى توتر هذه الحيتان من خلال فحص هورموناتها، فيما يزداد اهتمام السيّاح بهذه الحيوانات، رغم توقّف السياحة في عام 2020 جرّاء تفشي فيروس كورونا.

تهدف العملية إلى تقييم مستوى توتر الحيتان بسبب السياحة من خلال فحص هورموناتها، فيما يزداد اهتمام السيّاح بهذه الحيوانات

وأبحر أكثر من 360 ألف شخص في أيسلندا خلال عام 2019، أي أكثر بثلاثة أضعاف من المستوى المسجل قبل عشر سنوات، أملاً برؤية حيتان تتجوّل في المياه الفضية في شمال المحيط الأطلسي. واختار ثلثهم تقريباً الإبحار من هوسافيك إلى المياه الشفافة لخليج سكيالفاندي.

وتوصّلت دراسات سابقة عن تأثير السياحة في الحيتان، التي استندت إلى مراقبة سلوكها، إلى اضطرابات طفيفة لدى هذه الحيوانات جراء سفن السياحة.

وسلطت أحدث هذه الدراسات، من عام 2011، الضوء على المشكلات المرتبطة بالرحلات الاستكشافية وتأثيرها بحيتان المنك في خليج فاكسافلوي، قرب العاصمة ريكيافيك جنوباً.

وتقول رئيسة مركز الأبحاث في جامعة أيسلندا في هوزافيك، ماريان راسموسن، المشاركة في إعداد التقرير: "لقد وجدنا أن حيتان المنك تضايقت في أثناء تناول وجبتها، لكن ذلك كان مجرد اضطراب قصير المدى (...) لم يؤثر ذلك بحالتها النفسية عموماً".

وليست التقنية التي اعتمدتها منظمة "وايل وايز" بجديدة بين علماء الأحياء، لكنها تُستخدم للمرّة الأولى في أيسلندا.

ويقول طالب الدكتوراه في جامعة إدنبره توم غروف (26 عاماً)، وهو أحد مؤسسي المنظّمة، إن "فحص الهرمونات مثل الكورتيزول، وهو هرمون التوتر، يساعد في تحديد مستويات الإجهاد الفيزيولوجي لهذه الحيتان".

ومنذ عام 2018، التُقطت 59 عيّنة من زفير الحيتان. ويأمل غروف أن تُجمع مئة عيّنة، علماً أنّ خمسين عيّنة كفيلة بجعل التحليل صلباً.

وأُخذ خلال فصل الصيف جزء من العيّنات مع جمعية "اونو موندو اكسبيديسيون" البيئية الفرنسية التي أوفدت بعثة استكشافية إلى أيسلندا استمرت شهراً تناولت موضوعات متعلقة بتغير المناخ.

وتقول إحدى مؤسسي الجمعية، سوفي سيمونين (29 عاماً): "إنّ الحيتان مهمّة بالنسبة إلينا، لنعيش، لأنّها جزء من نظام بيئي على كوكبنا". وتُضيف الناشطة البيئية: "إنّها تسحب أيضا كميات كبيرة من ثاني أوكسيد الكربون".

وكلّ حوت كبير يتنشّق في المعدّل 33 طنّاً من ثاني أوكسيد الكربون، بحسب دراسة أجراها صندوق النقد الدولي في ديسمبر/كانون الأول 2019.

كلّ حوت كبير يتنشّق في المعدّل 33 طنّا من ثاني أوكسيد الكربون

وحُظر صيد الحيتان التجاري في عام 1986 من جانب اللجنة الدولية لشؤون صيد الحيتان. لكن أيسلندا التي عارضت القرار، استأنفت هذا النشاط بدءاً من عام 2003.

وتحظر أيسلندا حالياً فقط صيد الحوت الأزرق، شأنها في ذلك شأن اللجنة الدولية لشؤون صيد الحيتان.

ومع ذلك، على الرغم من نظام الحصص الصالح حتّى عام 2023، أي 209 عمليات صيد لحيتان الزعانف و217 لحيتان المنك، لم يجر اصطياد أي ثدييات خلال عام 2021 للعام الثالث على التوالي.

(فرانس برس)

المساهمون