هذه الحيوانات تتظاهر بالموت للدفاع عن أنفسها

07 مارس 2021
سجل تشارلز داروين بقاء خنفساء ثابتة لمدة وصلت إلى 23 دقيقة (كريس ديلماس/فرانس برس)
+ الخط -

تتبع الكائنات الحية سلوكيات مختلفة في سبيل محافظتها على البقاء والدفاع عن أنفسها قبل أن تتعرض للافتراس، وأحد هذه السلوكيات التي تعتمد عليها الحيوانات هو الخداع الذي لا يتمثل في ابتكار طرق جديدة للهرب فقط، وإنما قد يكون الصمت أو التظاهر بالموت، وهي إحدى هذه الاستراتيجيات التي تتبعها الفرائس للحفاظ على بقائها. 

في دراسة جديدة نشرت يوم 3 مارس/ آذار في مجلة Biology Letters كشف فريق بحثي دولي أن العديد من الحيوانات تتظاهر بالموت لمحاولة الهروب من مفترساتها، مع بقاء بعض الأفراد في أنواع الفرائس بلا حراك إذا شعروا بالخطر، لفترات طويلة من الزمن، تتشابه في ذلك أصغر الحيوانات مع الأخرى الكبيرة.  

العديد من الحيوانات تتظاهر بالموت لمحاولة الهروب من مفترساتها، مع بقاء بعض الأفراد في أنواع الفرائس بلا حراك إذا شعروا بالخطر لفترات طويلة من الزمن

وفي حين سبق أن سجل العالم الشهير تشارلز داروين بقاء خنفساء ثابتة لمدة وصلت إلى 23 دقيقة، نجح باحثون في جامعة بريستول البريطانية في توثيق تظاهر حشرات أسد النمل بأنها ماتت لمدة تصل إلى أكثر من ساعة (61 دقيقة). وطبقاً للدراسة الجديدة، فإن مقدار الوقت الذي يظل فيه الفرد بلا حراك لا يعد طويلاً فحسب، بل لا يمكن التنبؤ به أيضاً. ويعني هذا أن الحيوان المفترس لن يكون قادراً على التنبؤ بالوقت الذي يتوقع أن تتحرك فيه الفريسة المحتملة مرة أخرى ويجذب الانتباه ويصبح وجبة، ومن ثم زيادة فرص هذا الحيوان الفريسة في النجاة.

يعزز هذا السلوك فرص الفرائس في الهروب من الموت مع المراهنة على صبر الحيوانات المفترسة الجائعة التي لا يمكنها الانتظار إلى ما لا نهاية، فتفقد الأمل باحثة عن فريسة أخرى. لكن الأمر لا يخلو من مخاطرة، إذ قد تفقد الفريسة فرصاً لمواصلة حياتها إذا بقيت بلا حراك لفترة طويلة. وبالتالي، قد يكون من الأفضل التفكير في التظاهر بالموت على أنه جزء من لعبة قاتلة من الاختباء والسعي، قد تكسب فيها الفريسة أكثر من خلال التظاهر بالموت إذا كان الضحايا البديلون متاحين بسهولة بحيث يصرفون نظر المفترس عنها.

تضمنت الدراسة تقييم فوائد التظاهر بالموت من حيث هجوم المفترس لمجموعات صغيرة من الفرائس الظاهرة. واستخدم الباحثون عمليات المحاكاة الحاسوبية التي تستخدم نظرية "القيمة الحدية" وهي نموذج كلاسيكي في التفاضل بين المنافع المختلفة. يقول المؤلف الرئيسي للدراسة نايجل فرانكس الأستاذ في كلية العلوم البيولوجية بجامعة بريستول: "تخيل أنك في حديقة مليئة بشجيرات الفاكهة اللينة المتطابقة. تذهب إلى الشجيرة الأولى، وفي أول الأمر يتم جمع الفاكهة واستهلاكها بسرعة وسهولة، ولكن كلما تم تجريد أشجار الحديقة من الفاكهة، فإن العثور على المزيد من الفاكهة يصبح أصعب وأصعب ويستغرق وقتاً أطول".

تظاهرت حشرات أسد النمل بالموت لمدة تصل إلى أكثر من ساعة

ويضيف فرانكس: "في مرحلة ما، يجب أن تقرر الذهاب إلى شجرة أخرى والبدء من جديد. أنت جشع وتريد أن تأكل أكبر عدد ممكن من الفاكهة في أسرع وقت ممكن. ستخبرك نظرية القيمة الحدية بالمدة التي تقضيها في كل شجرة في هذا الوقت الذي ستضيع عليك فرص الانتقال إلى الشجرة التالية". ويوضح الباحث أن الفريق استخدم هذا النهج للنظر في زيارة طائر صغير للجحور الظاهرة لحشرة أسد النمل، وتظاهر بعض يرقات الحشرات بالموت وتضييع بعض وقت المفترس الذي يظنها بالفعل ميتة، ومن ثم يلجأ المفترس إلى مكان آخر للبحث عن فريسة. 

تكشف نتائج النمذجة التي أجراها الباحثون أن يرقات النمل لن تكسب بشكل كبير إذا بقيت بلا حراك لفترة أطول مما هي عليه بالفعل. يشير هذا إلى أنه في سباق التسلح هذا بين الحيوانات المفترسة والفريسة، تمت إطالة التظاهر بالموت إلى درجة يصعب معها التغلب عليها حتى كادت تسبب موت الفريسة المتظاهرة بالموت.

المساهمون