نجوم "يوتيوب" في خدمة نظام الأسد

15 يوليو 2022
يروجون للهدوء والأمان في المناطق الخاضعة للنظام (لؤي بشارة/فرانس برس)
+ الخط -

يتدفق مشاهير مواقع التواصل الاجتماعي (influencers) إلى سورية بأعداد قياسية هذا العام، حيث يتجولون مع مرشدين محليين، ويلمعون صورة نظام بشار الأسد، ويروجون لرواياته حول الحرب الدائرة في البلاد منذ نحو 11 عاماً.

قبل أيام، سلّط موقع بزنس إنسَيدر الضوء على إقبال نجوم مواقع التواصل الاجتماعي إلى سورية، وتحديداً إلى المناطق الخاضعة لسيطرة نظام الأسد، وأشار إلى أن هؤلاء يواجهون انتقادات حادة، بسبب المحتوى الذين ينشرونه ويبدو كأنهم يتبنون فيه رواية النظام السوري حول الحرب، عبر القول مثلاً إن المناطق الخاضعة له تتمتع بالهدوء، وإن الدمار الذي يطالعهم في الشارع ليس إلا فعلة "مجموعات إرهابية".

أفاد تقرير "بزنس إنسَيدر" بأن هؤلاء النجوم "يتجولون في سورية بمساعدة مرشدين محليين، يدعون أنهم مستقلين، لكنهم في الواقع يخضعون لإشراف النظام"، مشيراً إلى أن ما يطلق عليهم صفة "المؤثرين" يبيضون صفحة نظام الأسد ويستغلون البؤس من أجل تغيير وجهات نظر مَن يتابعونهم. ورصد الموقع تدفقهم إلى سورية بأعداد قياسية هذا العام، بعدما رفعت القيود التي فرضتها جائحة كوفيد-19، لافتاً إلى أنهم يتعرضون لانتقادات تتهمهم بترديد رواية النظام عن الحرب، عن قصد أو غير قصد.

بعدما خفت حدة القتال في سورية منذ العام 2019، عاد الباحثون عن المغامرة في دولة مزقتها الحروب للتوافد إليها، وتحديداً مع تخفيف القيود التي فرضتها جائحة فيروس كورونا، وبذلك قصد ما لا يقل عن 10 شخصيات مهمة سورية، منهم سيمون ويلسون وبنجامين ريتش وجانيت نيونهام وغوكان يلدريم، خلال الأشهر الـ12 الأخيرة فقط، وفقاً للموقع نفسه.

وفي حين التقى الموقع بأحد المرشدين السياحيين لهؤلاء النجوم على موقع يوتيوب، فقد أشار إلى أن معظمهم من الشباب، وتستهويهم "السياحة المظلمة". وقال المرشد: "هناك عدد هائل منهم، وهو مستمر في الارتفاع، إنه عمل تجاري بالنسبة لهم". تبنى الموقع رواية المرشد بأن المؤثرين هدفهم تجاري – مادي، بالاعتماد على هذا النوع الجديد من السياحة، أي "السياحة المظلمة"، غير أن المعطيات تشير إلى أن النظام بات يستقطب هؤلاء بهدف خلق رأي عالمي عند الشعوب الغربية، من أجل الضغط على حكوماتها المعادية للنظام، باستخدام وسائل التواصل الاجتماعي.

منذ عام 2018، أي بعد ثلاثة أعوام من التدخل الروسي في سورية، لجأ النظام لترويج رواية انتهاء الحرب لصالحه، وعودة الأوضاع إلى ما كانت عليه، وذلك بعد سيطرته على دمشق، ومحيطها، وحمص، وحلب. انتشرت تقارير حينها أشارت إلى أن أسماء الأسد، زوجة رأس النظام بشار الأسد، تعاقدت مع عدد من شركات العلاقات العامة في مسقط رأسها بريطانيا لهذا الغرض، ونفذت من خلال هذه الشركات مشاريع ترويجية عدة.

يرى الناشط السياسي خالد أبو صلاح أن "النظام السوري لديه لوبيات (جماعات ضغط) في معظم العواصم المؤثرة، سواء من المواطنين مزدوجي الجنسية، أو من خلال شركات العلاقات العامة التي أسسها قبل الثورة، ويعمل من خلالها على تبييض صورته كلما شعر بأنه في مأزق سياسي". ويضيف أبو صلاح، متحدثاً لـ"العربي الجديد": "هذه اللوبيات تقدم مغريات مالية وتسهيلات خاصة، ومن هذه البوابة يعمل نظام الأسد منذ سنوات على مخاطبة الجمهور الغربي باستمرار، ويستغل الفجوات والاستقطاب السياسي داخل هذه المجتمعات ليوصل رسائله السياسية. فقد عمل منذ ظهور تنظيم داعش على إيصال رسالة مفادها أن نظامه علماني ومكافح للإرهاب، ونشط الأسد منذ ذلك الوقت مكثفاً إطلالاته على وسائل إعلام رسمية".

ويشير إلى أنه "بعدما هدأت وتيرة المعارك، بدأ نظام الأسد بإشاعة فكرة داخلية وخارجية يختصرها شعار (سورية بخير). وبعد الاستفتاء الأخير في الانتخابات عام 2021، بدأت تنشط هذه اللوبيات والشركات لاستقطاب المؤثرين في وسائل التواصل الاجتماعي، وعلى رأسهم نجوم يوتيوب، وهؤلاء بالفعل لهم مصلحة شخصية بزيادة عدد متابعيهم، والاستفادة المادية عبر العروض المالية التي تقدمها لوبيات الأسد في الخارج، وموضوع سورية بالتحديد موضوع مغر، إذا أمن فيه هؤلاء على حياتهم، ومنحوا كل التسهيلات للقدوم إلى سورية، ولكن بالنهاية كل هذا يحصل بتخطيط وتنفيذ وإشراف النظام السوري".

وعن نسبة نجاح هذه الخطوة بالنسبة للنظام من عدمه، يلفت أبو صلاح إلى أن "النظام يحاول استرداد صورته عالمياً، ودفع الدول للتطبيع معه، وعلى هذا الأساس يسعى لاستقطاب هؤلاء المؤثرين، ولكنه لن ينجح، لعدة اعتبارات، في مقدمتها صور المجازر التي تُكشف تباعاً، وتترك صدى عالمياً، كمجزرة التضامن. مثل هذه الجرائم تنسف جهود سنوات من هذا النوع لتحسين صورة النظام. كما أنه ليس لدى نظام الأسد أي شعار جديد لاستقطاب الجمهور الغربي، بعد استهلاك شعار (مكافحة الإرهاب)، إضافة لعدم وجود رغبة سياسية دولية - حتى الآن - للتطبيع معه، فما زالت كبرى وسائل الإعلام الدولية لا تخدم سردية النظام، وتتكرر فيها صورة دولة الأسد على حقيقتها (دولة كبتاغون، المسلخ البشري…)، وهذا يعرقل جهوده في الوصول لهدفه وتحسين صورته، ويدفعه أكثر للاعتماد على الإعلام الجديد كنوع من الاستراتيجية الدفاعية".

    المساهمون