مُجدّداً: للحوار لا للاستدعاء

01 مارس 2021
أهذا استديو أم غرفة تحقيق أم محكمة؟ (جيمي سايم/ Getty)
+ الخط -

يتحمّل الناقد والصحافي السينمائيّ بعض مسؤولية في قبولهما استدعاءَ تلفزيونيّين لهما سريعاً إلى الاستديو، لكلامٍ في شأنٍ سينمائيّ مستعجل. هذا صحيح. لكنّ المسألة غير مرتبطة كلّياً بهما. أحياناً، ينال الحرج منهما فيوافقان، وهذا غير صائبٍ أصلاً، لكنّه أمر نفسيّ عادي يحصل. أحياناً، يشعران أنّ لهما قولاً في الشأن السينمائيّ المطروح، رغم أنّ الوقت ضيّق بين الاستدعاء وموعد البثّ المباشر (والوقت ضيّق في البثّ المباشر نفسه أيضاً)، ورغم أنّ "الطلب" منهما حضوراً سريعاً إلى الاستديو أشبه بـ"استدعاء" أمني بوليسي عسكري، لا أكثر.

للبعض رأي في المسألة يقول بعدم أهميتها لنقاشٍ، لن يؤدّي إلى شيء إيجابي لإصلاح الحال. يعتبر هذا البعض أنّ التلفزيونيّين غير مكترثين بالنقد والصحافة السينمائية، وغير معنيّين إنْ يكن طلب الحضور استدعاءً أو أمراً أو مُجاملةً. يسخر هذا البعض من طارحي المسألة لنقاشٍ، يقول طارحو المسألة بأهميتها. يتدخّل آخرون، فيُضيفون أنّ الأمر يسري على مجالات مختلفة أيضاً. الناقد غير مُكترثٍ بمجالات أخرى. إنْ يقبل سياسيّ باستدعاء كهذا، فلأنّ القبول جزءٌ من خراب السياسيّ في عالمٍ عربيّ مضطرب ومنهار (أو لتواطؤ بين السياسي والتلفزيوني). إنْ يوافق فنانٌ على حضورٍ مستعجل كهذا، فلأنّ الموافقة امتدادٌ لخواء يعتمل في اشتغالٍ فني، يطمح عاملون كثر فيه إلى ظهور إعلاميّ بأي ثمن. إنْ يرضى مطلوبٌ إلى الاستديو بكيفية دعوته، فلأنّ الراضي خاضعٌ لحالةٍ تفتقد ثقافة ووعياً ومعرفة، في عالمٍ عربيّ يُعاني خللاً وانكساراً وفوضى.

 

 

مسؤولية ناقدٍ وصحافي سينمائيّ أقلّ حدّة بكثير من مسؤولية آخرين، يقبلون ويوافقون ويرضون؛ وأخفّ وطأة من نمطٍ تلفزيوني في التعامل مع الآخرين. غير صحيحٍ أنّ محبّاً للسينما غير معنيّ بتعرية إعلامٍ تلفزيوني منهار. طرح المسألة لا علاقة لها بتعرية كهذه، فالتعرية حاصلةٌ غالباً لأنّها جزء (وإنْ يكن متواضعاً) في عملٍ دؤوب لناقد وصحافي سينمائي، يكترثان بالأهمّ في السينما، ويجهدان في الاشتغال عليه. طرح المسألة غير مُخالف لاكتراثهما بالأهمّ، وإنْ يوحي اكتراثهما بالأهمّ بأنّهما غير عابئين بالمسألة.

الموافقة تعني، أحياناً، قبولاً وتواطؤاً ورغبة في ظهورٍ إعلاميّ. لكنّ الناقد يرفض هذا، ورفضه دافعٌ له إلى كتابةٍ وتعليق.

المساهمون