"ميتا" تواصل استهداف الفلسطينيين ومناصريهم

29 سبتمبر 2024
البحث بين الأنقاض في حي الشيخ رضوان، 23 سبتمبر 2024 (فرانس برس)
+ الخط -
اظهر الملخص
- تصعيد انتهاكات ميتا ضد المحتوى الفلسطيني: منذ بدء العدوان الإسرائيلي على غزة في أكتوبر 2023، صعّدت ميتا قيودها على الحسابات الفلسطينية، مما أدى إلى خفض الوصول وحذف حسابات بعض الناشطين.

- تأثير القيود على الصحافيين والناشطين: تقييدات ميتا أثرت على نقل الرواية الفلسطينية، مما دفع الصحافيين والناشطين نحو بدائل مثل "إكس" وتليغرام، مع اتهامات بازدواجية المعايير.

- تعديلات سياسة ميتا وانتهاكاتها الرقمية: عدلت ميتا سياساتها منذ أكتوبر 2023، مما زاد القيود على المحتوى الفلسطيني، مع توثيق 650 حالة رقابة وحذف للمحتوى الداعم لفلسطين.

صعّدت شركة ميتا، المالكة لـ"فيسبوك" و"إنستغرام" و"واتساب"، من انتهاكاتها بحق المحتوى الفلسطيني منذ بدء العدوان الإسرائيلي المتواصل على قطاع غزة في السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، عبر سلسلة من القيود التي فرضتها على الحسابات الفلسطينية وتلك المناصرة للفلسطينيين. وتتركز القيود التي تفرضها "ميتا" على المنشورات ومقاطع الفيديو التي يوثق من خلالها الناشطون والصحافيون الفلسطينيون الجرائم الإسرائيلية المرتكبة في إطار حرب الإبادة التي يشنها الاحتلال، بالإضافة إلى أوضاع النازحين الفلسطينيين أو بعض المقاطع المرتبطة بعمليات المقاومة.
ووثق الكثير من الصحافيين والناشطين الإعلاميين الفلسطينيين في غزة تقييدات واضحة من قبل "ميتا" على محتواهم المنشور في الأسابيع الأخيرة، ولا سيما عبر منصة إنستغرام على صعيد القصص (stories) أو حتى منشوراتهم الاعتيادية (posts). وتأثرت الكثير من الحسابات بفعل القيود وخفض الوصول إلى الجمهور، كما حذفت حسابات بعض الناشطين رغم أنها موثقة بالعلامة الزرقاء، وهو ما يعكس تواطؤ المنصة بوضوح مع طلبات الاحتلال الإسرائيلي.
ومنذ عام 2015 كثفت "فيسبوك" حذف منشورات الصحافيين الفلسطينيين بعد سنوات قليلة من انتشار منصتها كثيراً في الأوساط الفلسطينية، حيث تعتبر الأكثر تداولاً بين الصحافيين والناشطين الفلسطينيين، ما دفع بالكثير منهم نحو بدائل أخرى مثل "إكس" (تويتر سابقاً) ومنصة تليغرام.
ومنذ بداية العدوان الإسرائيلي، استخدم الناشطون والصحافيون المنصات المختلفة لنقل الأحداث بالرغم من القيود المفروضة، غير أن سياسة "ميتا" لم تتغير مع المحتوى المنشور، في الوقت الذي تسمح فيه بمحتوى تحريضي للمستوطنين وتتعاطى بمعدل منخفض مع المنشورات الإسرائيلية في عمليات الحذف والقيود.

خفض الوصول والتهديد بالحذف على منصات ميتا

يقول الناشط والصحافي الفلسطيني محمد الأطرش إن حساباته تتعرض باستمرار لعمليات تقييد وتهديد بحذف المنشورات أو القصص من قبل إدارة "ميتا"، وتحديداً عبر "إنستغرام" التطبيق الأشهر للصور والفيديوهات عبر مواقع التواصل الاجتماعي. ويضيف الأطرش، لـ"العربي الجديد"، أن حسابه تعرض لتقييد وصول إلى المحتوى عدة مرات خلال الفترة الأخيرة، علاوة على تقييد الوصول إلى المحتوى وعدم وصوله إلى الأصدقاء المتابعين وخفضه إلى أقصى حد ممكن، ما يؤثر على نقل الرواية الفلسطينية في ضوء حرب الإبادة التي يشنها الاحتلال منذ أكتوبر الماضي. ويشير إلى أن القيود وحظر المنشورات والحذف لا يقتصر على "إنستغرام" فقط، بل يطاول "فيسبوك"، وهو ما يضعف المحتوى والحسابات ويجعلها بلا أهمية حقيقية في خدمة القضية الفلسطينية في ظل الإبادة الإسرائيلية.
ويلفت الأطرش إلى أن أحد متابعيه عبر حسابه في "إنستغرام" سانده في توثيق حسابه، إلا أنه لم يجد أي تغيير في طريقة تعامل "ميتا" مع المحتوى المنشور من صور أو فيديوهات عبر المنصة، واستمرت عمليات الحذف والحظر من قبل إدارة الوقع وتقييد وصول المنشورات في الفترة الأخيرة.
ويؤكد الناشط والصحافي الفلسطيني على أن ما يجري مع المحتوى الفلسطيني يعكس ازدواجية المعايير التي تنتهجها مواقع التواصل الاجتماعي عموماً وشركة ميتا على وجه الخصوص على مدار سنوات وتحديداً خلال حرب الإبادة الإسرائيلية.
أما المصور الفلسطيني محمود زقوت فيشتكي هو الآخر من عمليات الحجب المتواصلة للمحتوى الذي ينشره عبر منصة إنستغرام، سواء للفيديوهات أو الصور بالرغم من وجود متابعين بعشرات الآلاف على حسابه في هذه المنصة.
ويقول زقوت لـ"العربي الجديد" إنه يعمل منذ بداية الحرب على نشر الأحداث أولاً بأول عبر "إنستغرام" من خلال منشورات أو مقاطع فيديو وصور، إلا أن هناك خفض وصول واضحاً وتهديداً بحذف بعض المنشورات من قبل إدارة المنصة بشكل غير مفهوم.
ويوضح المصور الفلسطيني أن سياسة حجب المحتوى والتهديد بالحذف تنفذها ميتا بالشراكة مع الاحتلال الإسرائيلي والهدف من ذلك منع نشر جرائم الاحتلال الإسرائيلي وإبادته المتواصلة للشعب الفلسطيني في قطاع غزة منذ بداية الحرب قبل نحو عام.
ويطالب زقوت إدارة "ميتا" بوقف الانحياز الكامل إلى الاحتلال والسماح للصحافيين ونشطاء الإعلام الاجتماعي بنشر المحتوى بحرية من دون قيود أو إجراءات تؤثر على وصول المحتوى الفلسطيني للمتابعين من مختلف دول العالم.
ويشير إلى أن منصات مواقع التواصل الاجتماعي لا تقوم بالتعامل بالسياسة ذاتها مع المحتوى الإسرائيلي الذي ينشره المستوطنون أو جنود الاحتلال بالرغم من مخالفة المعايير التي تتحدث عنها إداراة المنصة، ووجود تحريض واضح ضد الفلسطينيين في مختلف مناطق وجودهم.
وبحسب تقديرات مبادرات رقمية ومراكز متخصصة في مجال الانتهاكات الرقمية، شهد عام 2018، نحو 500 انتهاك توزعت بين حظر حسابات، وحذف محتوى وإغلاق صفحات، فيما كان عام 2019 أكثر ارتفاعاً حينما صُدَّ أكثر من 1000 انتهاك لحقوق الفلسطينيين الرقمية، واحتل فيسبوك المرتبة الأولى بين مواقع التواصل، مع 950 انتهاكاً شملت إزالة صفحات وحسابات شخصية أو تجميدها أو حظرها، في حين ارتفعت النسبة خلال عام 2021، إلى 1200 انتهاك في العديد من منصات التواصل الاجتماعي.

انتهاكات متنوعة

تقول المنسقة الإعلامية لمركز "صدى سوشال" المختص في مجال الانتهاكات الرقمية نداء بسومي إن شركة ميتا عدَّلت سياسة خصوصيتها في 14 أكتوبر 2023 بعد أسبوع من حرب غزة، المتعلقة بالمحتوى تحت عنوان "حرب إسرائيل – حماس".
وتوضح بسومي لـ"العربي الجديد" أن هذا التعديل في سياسة الخصوصية تضمن الكثير من القيود للمحتوى على صعيد الصحافيين ولم يقتصر التعديل على مرة واحدة في ما يتعلق بسياسة الخصوصية، بل قامت الشركة بتعديل السياسة 4 مرات بين أكتوبر وديسمبر/كانون الأول 2023.

وتشير إلى أن الفترة الأخيرة شهدت تراجعاً في حجم الانتهاكات إلا أنه لم يكن بسبب تغيير في السياسة العامة للمحتوى، بل كان لعدة أسباب منها إدراج بعض الكلمات المنشورة في المحتوى باعتبار أنها من المسموح في النشر مثل كلمة "شهيد" بناء على قرار مجلس الإشراف في فيسبوك، بالإضافة إلى كلمة "فلسطين من البحر للنهر".
وتلفت المنسقة الإعلامية لصدى سوشال إلى أن من بين أسباب تراجع ذلك أن ميتا لم تعد المنصة الأساسية للنشر المتعلق بالمحتوى الفلسطيني، وبات هناك اتجاه نحو منصة "إكس" و"تليغرام" بالإضافة إلى اتجاه ميتا نحو سياسة عدم إظهار التقييدات للصفحات الإخبارية بوضوح وإبقائها غير معلنة للمشرفين ومالكي الصفحة والحسابات.
وبحسب بسومي تعرض نحو 45% من الصحافيين لانتهاكات رقمية علاوة عن تعرض 9 من بين كل 10 أفراد من الصحافيين تعرضوا لنوع واحد من أنواع الانتهاكات الرقمية بناء على استطلاع أجراه مركز صدى سوشال مطلع العام الحالي.
وتبين أن هناك بعض الأحداث التي شهدت عمليات تقييد واضحة للمحتوى الخاص بالصحافيين مثل عملية اغتيال هنية بالرغم من تغطية الصحافيين لها في إطار صحافي بالإضافة إلى التوثيقات المتعلقة ببعض الأحداث مثل مجزرة الخيام في مواصي خانيونس ورفح قبل شهور.
ووثق مركز صدى سوشال خلال شهري يوليو/تموز وأغسطس/آب الماضيين أكثر من 650 حالة رقابة وحذف للمحتوى الداعم لفلسطين خلال هذه الفترة. في المقابل، سُمح بانتشار واسع لمحتوى تحريضي إسرائيلي، خاصة في ما يتعلق بالضفة الغربية ومدينتي جنين وطولكرم، إلى جانب التضييق على الصحافيين والناشطين الذين رُشّحوا لجوائز عالمية.

المساهمون