استمع إلى الملخص
- أعمال فنية تسلط الضوء على غزة: يفتتح المهرجان بمسرحية "حبّة رمل" ويختتم بفيلم "من المسافة صفر"، جامعاً 22 فيلماً قصيراً من غزة، مما يوفر منصة للفنانين الشباب للتعبير عن تجاربهم.
- استعادة تاريخ السينما الفلسطينية: يسلط المهرجان الضوء على تاريخ السينما الفلسطينية من السبعينيات والثمانينيات، ويعرض أفلاماً جديدة مثل "إزكور" و"الأستاذ"، بالإضافة إلى مقابلة إدوارد سعيد الأخيرة.
ينطلق يوم الجمعة المقبل، في العاصمة البريطانية، مهرجان لندن لأفلام فلسطين في دورة جديدة مع مجموعة متنوعة من الأفلام التي تستعرض التجربة الفلسطينية السياسية والاجتماعية، بأفلام صدرت حديثاً وأخرى كلاسيكية.
يأتي مهرجان لندن لأفلام فلسطين في ظل تواصل حرب الإبادة الجماعية الإسرائيلية على قطاع غزّة، وضمن حراك عالمي كبير مناصر للحقوق الفلسطينية، من ضمنها حراك تاريخي في المملكة المتحدة. تنطلق التظاهرة بأمسية افتتاحية تُعرض فيها مسرحية "حبّة رمل"، المبنية على قصص وتجارب حقيقية لأطفال يعيشون في ظل الإبادة المستمرة في قطاع غزّة.
وتُختتم بعرض سينمائي متعدد المواقع لفيلم "من المسافة صفر"، وهو سلسلة من الأفلام التي أُنتجت في غزّة على مدار العام الماضي، وجُمعت في فيلم واحد يعكس ما وثّقته مجموعة من المصورين والمخرجين. كما سيحظى الجمهور بمشاهدة مجموعة أفلام قصيرة تسلط الضوء على قصص من فلسطين، بين الأمسية الافتتاحية والختامية.
في حديث إلى "العربي الجديد" مع مدير التظاهرة، خالد زيادة، قال إن مهرجان لندن لأفلام فلسطين يكتسب في هذه الأيام "أهمية كبرى كي يطّلع الجمهور على فلسطين وقصصها من منظور أعمق ومختلف عمّا يراه في نشرات الأخبار هذه الأيام". أضاف: "المهرجان موجود في العاصمة البريطانية منذ أكثر من عشرين سنة، لكن هذه السنة وبسبب حرب الإبادة الجماعية، خلقت غزّة اهتماماً أكبر للجمهور العام المعني بالتعرف إلى الثقافة الفلسطينية والحياة السياسية والاجتماعية في فلسطين، من خلال السينما، وهي فرصة للجمهور كي يرى فلسطين بمعزل عمّا يراه في نشرات الأخبار أو عبر مواقع التواصل الاجتماعي".
أشار زيادة إلى ارتفاع عدد الجمهور المعني في المشاركة عن سنوات سابقة، في الوقت الذي نفدت فيه تذاكر عدد من العروض قبل بدء المهرجان. وأوضح أن الجمهور المشارك يعكس خليط المجتمعات في مدينة لندن، والتنوع الكبير غير الموجود في أماكن مختلفة حول العالم، متابعاً: "هناك اهتمام من الجيل العربي الثاني في بريطانيا بالحضور، إضافة إلى مشاركة شبابية واسعة نشهدها كل عام".
رغم أن مهرجان لندن لأفلام فلسطين لا يحمل ثيمة واحدة، فإن لغزّة حضوراً خاصاً من خلال حفل الافتتاح، وحفل الختام الذي سيخصص لعرض سلسلة أفلام "من المسافة صفر"، وهو يجمع أعمالاً لمخرجين من غزّة، وسيعرض في أكثر من مناسبة في مدينة لندن، إضافة إلى عروض في كل من أوكسفورد وكامبردج وليفربول وبرستول وغلاسكو.
يجمع مشروع "من المسافة صفر" 22 فيلماً قصيراً من إنتاج مخرجين سينمائيين موهوبين من غزة. وأطلق هذا المشروع المخرج الفلسطيني رشيد مشهراوي على خلفية الحرب، ويوفّر منصة للفنانين الشباب للتعبير عن أنفسهم من خلال حرفتهم. يُقدّم كل فيلم قصير منظوراً فريداً للواقع الحالي في غزة. يلتقط المشروع التجارب المتنوعة للحياة، بما في ذلك التحديات والمآسي ولحظات الصمود التي يواجهها شعبه.
وباستخدام مزيج من الأنواع، بما في ذلك الخيال والأفلام الوثائقية والأفلام الوثائقية الخيالية والرسوم المتحركة والسينما التجريبية، يقدم مشروع "من المسافة صفر" تنوعاً غنياً من القصص التي تعكس الحزن والفرح والأمل المتأصل في حياة الغزيين.
أمّا عرض الافتتاح يوم الجمعة، فسيكون مع عمل مسرحي مستوحى من أحداث حقيقية في غزة بعنوان "حبّة رمل"، من أداء سارة آغا، وكتابة وإخراج إلياس مطر، بتكليف من مهرجان لندن للأفلام الفلسطينية.
يدور العرض حول "أرض تحكي كل حبة رمل فيها قصة، تبحث رناد، وهي فتاة غزية صغيرة، عن الأمل وسط رمال متحركة، بينما ينهار عالمها من حولها. مسلحة بخيالها فقط، تتنقل بين التضاريس بين الحياة والموت والبعث. يعكس بحثها التجربة الحية للعديد من الناس في فلسطين وخارجها. هل ستكشف عما تبحث عنه، وماذا ستكشف عنه رمال غزة أو تخفيه على طول طريقها؟". يتبع ذلك محادثة مع سارة آغا وإلياس مطر، تديرها سلمى الدباغ.
وفي حديث مع المخرج والكاتب المسرحي والممثل، إلياس مطر، الذي يعمل هذه الأيام على المراجعات الأخيرة للعرض، قال لـ"العربي الجديد": "عندما طلبت منّا إدارة المهرجان إعداد عرض مبني على شهادات من غزّة في ظل الإبادة، تساءلنا كيف سنختزل الإبادة في مسرحية؟ كان القرار صعباً. وبعد تفكير واستناداً إلى العمل في العلاج الدرامي والمسرح الاجتماعي، قرّرنا أن نركّز على الاستعارة لتحمل المسرحية والأفكار الصعبة التي شاهدناها في السنة الأخيرة".
أضاف: "استعنت بكتيب يجمع شهادات أطفال من غزّة، بهدف تأليف شهادة واحدة شاملة عبر شخصية طفلة اسمها رناد نراها عبر منصة إنستغرام وهي تطبخ في المخيم. هي فكرة مستوحاة من هذا العالم حول أطفال يعيشون في حرب الإبادة، لنذكّر الناس بأطفال غزّة ولنفكّر في سؤال: كيف نعيش بعد هذه التجارب؟".
اختار المنظمون في هذه الدورة من مهرجان لندن لأفلام فلسطين استعادة حقبة مهمّة من تاريخ السينما عن فلسطين من سنوات السبعينيات والثمانينيات من القرن الماضي. من هذه الأفلام، يُعرض "الحرب خامسة" الذي صدر عام 1980، للمخرجة الإيطالية مونيكار مورير والمخرج سمير نمر. يُقدّم العمل رواية عميقة لعملية الليطاني عام 1978، حيث غزت القوات الإسرائيلية جنوب لبنان، بهدف القضاء على منظمة التحرير الفلسطينية، وهو من بطولة فانيسا ريدغريف.
كما يُعرض فيلم "مشاهد من الاحتلال في غزة" الصادر عام 1973 للمخرج الفلسطيني الراحل مصطفى أبو علي، وهو وثائقي يعرض بعض الإجراءات التي اتخذها الاحتلال الإسرائيلي ضد الفلسطينيين، ويسلّط الضوء على كفاح الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، بعد احتلال عام 1967.
وسيكون جمهور مهرجان لندن لأفلام فلسطين على موعد مع فيلم "إزكور"، الذي يعني "التذكر" باللغة العبرية. يمثّل العمل إجابات إنسانية وعملية على تطوّر ذاكرة رسميّة للإسرائيليين الذين تجمعوا من كل أنحاء العالم، أدّت إلى تشكيل إسرائيل. كيف تطورت هذه الذاكرة الجماعية؟ ما الرموز التي ساهمت في قوتها؟ وما الغرض من استخدامها؟ يبحث المخرج إيال سيفان حول إجابات إنسانية وعملية عن هذه الأسئلة. فمن الروضة إلى الجيش، نتابع الإسرائيليين وهم يكبرون، لنفهم كيف يكتسب كل واحد هذه "الذاكرة الرسمية". وتكشف سلسلة من الأحداث والأماكن والأشخاص في الوقت الفعلي، معاً، عن تعقيدات ما يمكن أن نطلق عليه "ديكتاتورية الذاكرة". يُقدّم الفيلم إعادة اكتشاف الأساطير والرموز التي ساهمت في تكوين هوية كل إسرائيلي.
يُعرض فيلم "لد" الصادر عام 2023. وقد منع وزير الأمن الإسرائيلي القومي، إيتمار بن غفير، عرض العمل في مدينة يافا في مسرح السرايا أخيراً. يحكي "لد" قصة مدينة كانت ذات يوم تربط فلسطين بالعالم، وما كانت عليه ذات يوم، وما هي عليه الآن، وما كان يمكن أن تصبح عليه. يجمع هذا الوثائقي لرامي يونس وسارة إيما فريدلاند، بين شهادات العنف الشديد، والتكهنات حول ما كان يمكن أن تجلبه هذه المدينة، ويتتبع صعود واحتلال مدينة اللد الفلسطينية.
تزامناً مع إعادة إصدار كتاب إدوارد سعيد، "المسألة الفلسطينية"، من خلال دار فيتزكارالدو للنشر، يُقدّم المهرجان النسخة الكاملة من المحادثة المطوّلة الشهيرة التي أجراها مايك ديب مع الباحث الفلسطيني في فيلم "قال إدوارد: المقابلة الأخيرة" الصادر عام 2023. يُجسّد العمل أفكار إدوارد سعيد حول الموت، ومرضه، والموسيقى الكلاسيكية، وملحنيه المفضلين، وكتابه "الاستشراق".
تُقدّم المخرجة الفائزة بجائزة بافتا، والمُرشحة لجائزة الأوسكار، فرح نابلسي، فيلمها الروائي الطويل الأول لها "الأستاذ". يلعب الممثل الفلسطيني صالح بكري، في "الأستاذ"، دور المعلم الذي يحاول حماية طلابه من الحياة تحت الاحتلال الإسرائيلي.