من باريس إلى نيويورك... هواة جمع جدد يدخلون سوق اللوحات القديمة

27 مارس 2023
تجذب اللوحات التي تعود إلى الفترة ما بين القرنين 15 و19 المشترين (جان لوك ليوسين/Getty)
+ الخط -

تستقطب سوق اللوحات القديمة في باريس ولندن ونيويورك هواة جمع جدداً، تتراوح أعمارهم بين 30 و50 عاماً، ينجذبون إلى نوع فنّي يختبرون من خلاله "العودة بالزمن"، على ما يؤكد خبراء في القطاع قابلتهم وكالة فرانس برس.

ويقول رئيس معرض باريس للرسم، الذي يختتم أعماله الإثنين، لوي دو بيزير، إنّ عدداً كبيراً من العاملين في المجال المالي أو القانوني الذين نادراً ما ينخرطون في العالم الرقمي، "اكتشفوا شغفهم في اقتناء اللوحات القديمة، التي تعود إلى الفترة ما بين القرنين 15 و19، بفضل عمليات البيع الإلكترونية التي جرت خلال فترات الحجر الصحي المرتبطة بجائحة كوفيد-19".

وتؤكد العاملة في دار المزادات كريستيز في باريس، إيلين ريهال، أنّ "بعض هؤلاء اشتروا لوحات بملايين اليوروهات".

ويشير دو بيزير، وهو تاجر قطع فنية باع لوحة ليوهان هانريش فوسلي (القرن الثامن عشر) لأحد هواة الجمع الجدد، إلى أنّ هؤلاء الهواة الساعين إلى شراء "لوحة ثمينة نادرة" لعرضها في قاعات الجلوس لديهم، "يُبدون اهتماماً بروحية الرسم الذي يُرجعهم إلى الفترة التي أُنجز خلالها العمل".

"العودة بالزمن"

في نيويورك، يعشق دومينيكو لانزارا (36 عاماً)، وهو موظف في بنك استثماري أميركي كبير، اللوحات المرتبطة بمدرسة ما قبل الرفائيلية. ويوضح بشغف أنّ مجموعته تضم "نحو عشرين رسماً معظمها لرسامين إيطاليين وتعود إلى القرنين السادس عشر والثامن عشر"، مشيراً إلى أنّه أثرى مجموعته أخيراً بلوحات ألمانية من القرن التاسع عشر".

ويضيف: "إنّ جمع هذه اللوحات هو بالنسبة إليّ طريقة للهروب من الواقع، إذ أُصبحُ محاطاً بقطع توهمُني بأنني عُدت عبر الزمن".

ويشعر لانزارا بالحاجة للعودة إلى "العمل بصيغته المادية وإلى ملمسه وإشارات الزمن المرتبطة به والتي تعطيه قيمةً، لا الفن الرقمي الذي يشكل عالماً افتراضياً يمكن تغيير أي عمل فيه".

وفي معرض الرسم، تشير صاحبة صالة عرض تدعى ناتالي موت ماسلينك إلى فرق بين "مَن يبحثون عن قطع نادرة بغض النظر عن العصر الذي تعود إليه"، و"أولئك الساعين إلى شراء لوحة عن موضوع محدد".

وتضيف: "يكونون مستعدين لإنفاق مبالغ كبيرة على رسم ويبدون قلقاً في شأن أصالته، ويعلّقون اللوحات على الجدران"، على عكس الأكبر سنّاً الذين يحتفظون بكنوزهم داخل صناديق.

شبكات التواصل الاجتماعي

يجمع إدوار فينيو (53 عاماً) منذ أن كان في العاشرة، "قطع السعادة التي تزن بضعة غرامات" مع تفضيله "بصورة متزايدة رسوم الخيول".

ويشير الخبير الفني والمحبّ للشبكات الاجتماعية، إلى أنّ "عدداً كبيراً من هواة جمع اللوحات القديمة يمثلون طلاباً في تاريخ الفن"، لافتاً إلى أنّ "أعمارهم تراوح بين 20 و30 عاماً، ويملكون موارد قليلة، فيما يشترون رسومات مقابل بضع عشرات من اليوروهات".

ويقول: "إن الحجر الصحي أتاح لهم اكتشاف رسامين صغار من خلال عمليات البيع الإلكترونية"، مضيفاً: "ألاحظ ما ينشرون عبر إنستغرام من صور لرسوم يبحثون عنها في أسواق السلع المستعملة وفي المعارض الباريسية".

ويستخدم دومينيكو لانزارا المنصات الاجتماعية للتواصل مع هواة جمع آخرين "في لندن وباريس".

ويقول: "نجري أبحاثاً في قواعد البيانات، ونتبادل المعلومات في شأن أسعار الرسوم"، مضيفاً: "عندما نرصد قطعة ونعجز عن السفر إلى البلد الموجودة فيه، نتواصل مع أحد الأشخاص هناك ليطّلع شخصياً على العمل".

أمّا التاجر إيمانويل مارتي دو كامبيار، فيرى أنّ سوق اللوحات القديمة والشبكات الاجتماعية لا يتماشيان.

حول العالم
التحديثات الحية

ويقول إنّ "منصات التواصل هي وسائل من شأنها تسريع عمليات البيع بأسعار منخفضة، لكن لن يُباع قط عمل للرسام الإيطالي كاناليتو كلوحة تُقدَّر بمئات آلاف اليوروهات، عبر إنستغرام مثلاً".

ويعتبر سيباستيان كاسل (50 عاماً) الذي يرتاد باستمرار معارض الرسم أنّ المسألة تتعلق بـ"الثقة".

ويرى أنّ استخدام الإنترنت "عملي" لكن "ينبغي دائماً الاطلاع على الرسم قبل شرائه، وعندها نكتشف أمراً مذهلاً يتمثل في ورقة تعود إلى 400 عام شهدت على العصور كلّها، فهذه تجربة يغوص فيها الشخص في التاريخ وتفتح أبواباً كثيرة".

(فرانس برس)

المساهمون