أعلن الرئيس التنفيذي لشركة "فيسبوك" استبدال اسم شركته المعروف بـ"ميتا"، نسبة إلى "ميتافيرس"، عالم ما بعد الإنترنت كما نعرفه اليوم. لكن هذا الإعلان في صورة "فيسبوك" لا يبدو أنه يحظى بالتصفيق بقدر ما يحظى بالكثير من الانتقاد.
وظهر مؤسس الشركة مارك زوكربيرغ، معلناً عالمه المستقبلي، يمارس الأنشطة ويتجول في الفضاءات الافتراضية، مغرياً بعالم تشعر به ولا تكتفي بمشاهدته أو سماعه.
في هذا الوقت، كانت التقارير الإخبارية تتدفق بردود الأفعال السلبية عن التسريبات المتواصلة التي تحدثت عن تفضيل الشركة للربح على حساب صحة المستخدمين.
يقول الخبراء إن جهود مارك زوكربيرغ لإزالة الصور السلبية بين "فيسبوك" وشركته الأم قد تتقوض بالرغم من تغيير الاسم إلى "ميتا".
شعار "ميتا" نفسه… اتهامات بالنسخ
تعرّض شعار "ميتا" للاتهامات بالنسخ والسرقة بعد الكشف عنه، إذ يبدو واضحاً شبهه الكبير بشعار تطبيق الصداع النصفي "إم سينس".
ولم تفوت إدارة التطبيق الفرصة للسخرية من ذلك، معلقة عبر صفحتها في "فيسبوك": "يشرفنا جداً أن تستوحي "ميتا" شعارها من شعار تطبيق الصداع النصفي الخاص بنا. قد يستلهمون أيضاً إجراءات خصوصية البيانات لدينا".
"فيسبوك" و"ميتا"... مشكل توقيت
شُكِّك في توقيت تغيير العلامة التجارية. اقترح أحد الخبراء أن "فيسبوك" يجب أن يستمع إلى النقد بدلاً من اتخاذ قفزات كبيرة.
نقلت صحيفة "ذا غارديان" عن أليسون ستيوارت ألين، الرئيس التنفيذي لشركة International Marketing Partners، وهي شركة استشارية للأعمال، قوله: "يبدو الأمر كما لو أنهم يطيرون مكفوفين. من بعض النواحي، يعزز هذا تقريباً ما قالته فرانسيس هوغن: أن الشركة لا تستمع، إنها بعيدة عن الواقع وتفعل ما تريد فعله عندما تريد القيام بذلك، بغضّ النظر عمّا يحدث في البيئة الأوسع".
وتابع: "إنه لا ينصت. وتغيير العلامة التجارية دليل على عدم الاستماع. تكاد تفوح منها رائحة اليأس"، ومحاولة تغيير النقاش العام باستخدام ورقة العلامة التجارية.
صورة مارك قد تثبط جهود التلميع
لعب زوكربيرغ دور البطولة في فيديو ترويجي قدم لمحة عن العالم الافتراضي المقبل، يعرض فيه صورة رمزية لنفسه، كما ظهر باستمرار كلما تعلق الأمر بشيء مهم حول "فيسبوك". هكذا ارتبط اسم الشركة باسم المؤسس بشكل وثيق.
وتنقل الصحيفة عن أستاذ التسويق المشارك في كلية سعيد للأعمال بجامعة أكسفورد، فيليب توماز، أن "المشاركة المفرطة من مارك أمر متوقع، ولكنها ضارة إلى حد ما. هذه حركة علامة تجارية، لها فرص لإنشاء منظمات جديدة. مارك لديه علامة تجارية شخصية قوية للغاية، ولكنها قد تكون سلبية".
وقال سام أوبراين، كبير مسؤولي التسويق في ffise، وهي منصة على الإنترنت تربط العلامات التجارية بالمؤثرين: "إن ارتباط مارك زوكربيرغ بـ"فيسبوك" يمثل مشكلة حقيقية. الجميع يربطه بـ"فيسبوك"، تراه يتحدث إلى الصحافة، تراه يتحدث إلى الحكومة. حتى مع تغيير علامته التجارية فهو لا يزال في زمام القيادة".
وتابع: "إذا كانت مجرد مسرحية لإزالة الصورة السلبية حول "فيسبوك"، فمن المحتمل أن تفشل. الجميع يعرف من هو مارك، لقد شاهدناه جميعاً على "فيسبوك" في وقت من الأوقات".
هل سيتنحى زوكربيرغ؟
لا شيء يشير إلى أن زوكربيرغ قد يدفع ثمن تجاوزات شركته. قد تتصاعد الدعوات إلى استقالته، لكنها ليست المرة الأولى التي يُستَهدَف فيها. في عام 2019 دعا العديد من المستثمرين الرئيس التنفيذي إلى التنحي عن منصب رئيس الشركة بعد عام من المشاكل، بما في ذلك فضيحة "كامبردج أناليتكا" حين استُخدمت ملايين بيانات المستخدمين للتلاعب بنتائج الانتخابات.
تقول الصحيفة البريطانية إنه يبدو أن "فيسبوك" تلعب وفقاً لاستراتيجيتها المعتادة، أي الرفض والمضيّ قدماً. ظلت قيادتها صامتة إلى حد كبير، ورفضت أوراق "فيسبوك" باعتبارها "جهداً منسقاً" لتشويه سمعة الشركة، وأرسلت مسؤولاً تنفيذياً منخفض المستوى للإدلاء بشهادته أمام الكونغرس الأميركي حول تأثيرات المنصات على صغار السن.
سمعة "فيسبوك" تعيش أحلك أيامها
من غير المرجَّح أن تتحمل الشركة نفسها المسؤولية، لكن من الواضح أن "فيسبوك" قد يواجه معارضة أكثر شدة في محكمة الرأي العام. فقد اعترفت في تقارير الأرباح الأخيرة بأنها تفقد المستخدمين المراهقين بأعداد كبيرة. وقاطعها المعلنون في الماضي. في غضون ذلك، يقول بعض المستخدمين إنهم يخططون للخروج من المنصة.
وبينما يشير أحدث تقرير أرباح للشركة إلى أن المنصة لا تزال تتمتع بقاعدة مستخدمين واسعة، فإن الاكتشافات الأخيرة قد تسرع فقط في تغيير الاتجاه.
ومع ظهور تلميحات إلى تداعيات قانونية محتملة بعد التسريبات، يقول المدافعون إن الضرر الذي يلحق بالمجتمع العالمي أصبح الآن غير قابل للدحض. ويحذرون من أنه لا ينبغي السماح للشركة بالفرار ببساطة إلى "ميتافيرس".