أمضت لجنة 6 يناير أشهراً في جمع تفاصيل صادمة عن فشل منصات التواصل الاجتماعي في التصدّي للتطرف والتحريض على العنف، وذلك قبل اقتحام مبنى الكابيتول الأميركي عام 2021 الذي أدى إلى مقتل خمسة أشخاص.
الأدلة التي توصلت إليها جمعتها في مذكرة من 121 صفحة، ونشرت صحيفة واشنطن بوست تفاصيلها أمس الثلاثاء، علماً أن رؤساء اللجنة رفضوا الخوض فيها في تقريرهم النهائي، إذ ترددوا في النبش عن جذور التطرف داخل الحزب الجمهوري، بما يتعدى الرئيس السابق دونالد ترامب، وأبدوا قلقاً إزاء الدخول في معركة ضد شركات التكنولوجيا الثلاث الأبرز، وذلك وفقاً لثلاثة أشخاص رفضوا الكشف عن هويتهم.
وجد المحققون أدلة على أن منصات التواصل الاجتماعي، وتحديداً "تويتر"، فشلت في الاستجابة لتحذيرات أطلقها موظفوها بشأن الخطاب الذي يحرّض على العنف، وقررت الالتفاف على قواعدها لتجنب التصدي للمحافظين، ولا سيما ترامب، خوفاً من الانتقام. وفصّلت المذكرة تخلف المنصات عن اتخاذ خطوات "دراماتيكية" لوقف المحتوى المتطرف إلا بعد الهجوم على مبنى الكابيتول.
وكتب الموظفون في مذكرتهم، كما نقلت "واشنطن بوست": "الخلاصة أن منصات التواصل استغلت من قبل الناشطين اليمينيين لدفع الديمقراطية الأميركية إلى حافة الانهيار".
لكن القليل من الأدلة التي تدعم هذه النتائج ظهرت خلال المرحلة العامة من تحقيق اللجنة، بما في ذلك تقريرها المكون من 845 صفحة الذي ركز بشكل شبه حصري على سلوك ترامب في ذلك اليوم وفي الأسابيع التي سبقته.
قالت مصادر "واشنطن بوست" إن التركيز على الرئيس السابق أضاع فرصة محاسبة منصات التواصل الاجتماعي، رغم أنها كانت موضع تدقيق مكثف منذ الحملة الرئاسية الأولى لترامب عام 2016.
في نوفمبر/ تشرين الثاني، أفادت تقارير إخبارية بأن العضو البارزة السابقة في اللجنة، ليز تشيني، كانت إحدى من دفعوا باتجاه حصر تركيز اللجنة على ترامب. لكن "واشنطن بوست" أشارت إلى أن الديمقراطية زوي لوفغران، وهي من مقاطعة في كاليفورنيا تحتضن وادي السيليكون مقر عمالقة التكنولوجيا، أظهرت بدورها تحفظاً إزاء التركيز على هذه الشركات، لكنها نفت الأمر.
لا شك في أن ترامب استغل منصات التواصل الاجتماعي إلى أقصى الحدود، خلال مراحل مختلفة منذ حملته الرئاسية الأولى عام 2016. هو نفسه أقرّ، عام 2017، بأنه ما كان ليصل إلى البيت الأبيض لولا "تويتر" التي سمحت له بالتوجه مباشرة إلى المواطنين الأميركيين من دون الاستعانة بإعلام البلاد "غير النزيه".
علاقة الحب هذه انقلبت بعد الاعتداء على مبنى الكابيتول عام 2021 التي أعقبها حظر الرئيس الجمهوري السابق من منصات التواصل الرئيسية، وعلى رأسها "تويتر" و"فيسبوك" و"إنستغرام". بعد شراء الملياردير المثير للجدل إيلون ماسك شركة تويتر مقابل 44 مليار دولار، أعاد حساب ترامب في نوفمبر/ تشرين الثاني، لكن الأخير لم يُبدِ حماسة إزاء هذه العودة، مفضلاً إلى الآن الاعتماد بشكل رئيسي على منصته الخاصة تروث سوشال. غياب الحماسة هذا يعني أنه قد يتعامل بالأسلوب نفسه إن قررت شركة ميتا، المالكة لتطبيقي فيسبوك وإنستغرام، إعادة حسابيه خلال الأسابيع المقبلة.