شارك مئات الأردنيين، وسط العاصمة عمّان اليوم الجمعة، في مسيرة رافضة لقانون الجرائم الإلكترونية لسنة 2023، والذي أقره مجلس النواب الأردني الخميس بالأغلبية كما جاء من اللجنة القانونية النيابية بعد إجراء بعض التعديلات الطفيفة عليه، والذي تضمن عقوبات مغلظة على المخالفين وغرامات تصل قيمتها إلى 70 ألف دولار.
وشارك في المسيرة، التي دعت إليها اللجنة التنسيقية لسحب قانون الجرائم الإلكترونية، مناضلو أحزاب وصحافيون وناشطون ومؤسسات مجتمع مدني، طالبوا بسحب القانون، أو عدم المصادقة عليه في حال قام مجلس الأعيان بإقراره.
وردّد المشاركون هتافات وصفت مشروع القانون الجديد بأنّه "سيف مسلط على الحريات والإعلام والعمل السياسي في الأردن"، واعتبروه "محاولة لخنق حرية التعبير وعودة إلى عهد ما قبل الأحكام العرفية، وانقلاباً على وعود التحديث السياسي".
وخلال المسيرة، أعلن الأمين العام لحزب جبهة العمل الإسلامي مراد العضايلة استمرار الفعاليات المعارضة للقانون، رغم إقراره من مجلس النواب، مشيراً إلى أنّ "كلّ القوى موحدة في الشارع لإسقاط هذا القانون".
وعبّر الأمين العام لحزب الوحدة الشعبية، سعيد ذياب، عن استهجانه لإقرار مشروع قانون الجرائم الإلكترونية بهذا الشكل، ممّا يجعل الأردنيين "مهددين بفقدان حرية الرأي والتعبير"، مشدّداً على أنّ "الحكومة لن تستطيع منع الأردنيين من التعبير عن آرائهم رغم محاولتها قطع الطريق".
ووصف فهمي الكتوت، من الحزب الشيوعي الأردني، مشروع قانون الجرائم الإلكترونية بأنه "قانون عرفي يمنع الأردنيين من التعبير عن آرائهم وأهدافهم في العيش الكريم" و"ينسف أي شكل من أشكال الحياة السياسية في البلاد"، كما "يحصن الفاسدين وأعداء الوطن ويمنع الشعب الأردني من انتقادهم"، وأكّد أن القانون "سيسقط كما أسقط الشعب الأردني حكومات وقوانين (في السابق)".
وقالت الأمين العام لحزب العمال، رلى الحروب، إنّ "المشروع يجرم الشعب الأردني كاملاً، ويجعل الجميع تحت أنياب القانون، وسيفقد الشعب الأردني حقه في انتقاد السياسات العامة ومناقشة أي فكرة، مهما كانت".
وحذّر الأمين العام لحزب الشراكة والإنقاذ، سالم الفلاحات، من خطورة مشروع قانون الجرائم الإلكترونية، الذي "يجرد الأردنيين من حقهم في التعبير عن رأيهم بحرية".
وقال رئيس المكتب السياسي للحزب الديمقراطي الاجتماعي وعضو مجلس الأعيان الأردني، جميل النمري، لـ"العربي الجديد" على هامش المسيرة، إنّ "المطلوب سحب القانون أو بالحد الأدنى تنقيته من كل المواد العرفية الخطيرة التي تضمنها القانون".
بدوره، قال مؤسس مركز حرية الصحافيين في الأردن، نضال منصور، في حديث مع "العربي الجديد"، إنّ "العقوبات المبالغ بها لن تمنع الناس من الكلام والانتقاد، وحرية التعبير حق أجدر بالرعاية، ويجب أن يحترم".
وأضاف أنّ "أيّ حديث عن إصلاح سياسي لا يمكن أن يكون موجودا في ظل مثل هذا القانون، والمطلوب من الجهات المعنية سحب القانون وإلغائه".
يشار إلى أنّ القانون الذي أقره مجلس النواب، ووافق على اعتبار الشخص المسؤول عن الإدارة الفعلية للصفحات والمجموعات عبر منصات التواصل الاجتماعي مسؤولاً عن المحتوى غير القانوني، ومعاقبته عن الجرائم التي ترتكب خلافاً لأحكام قانون الجرائم الإلكترونية، وتجريم الأفعال التي من شأنها "اغتيال الشخصية"، حيث فرض عقوبة الحبس مدة لا تقلّ عن ثلاثة أشهر وبغرامة لا تقلّ عن 25 ألف دينار (35 ألف دولار أميركي) ولا تزيد على 50 ألف دينار (70 ألف دولار أميركي)، فيما رفض المجلس توضيح تعريف مصطلح "اغتيال الشخصية".
كذلك، أقرّ النواب معاقبة كلّ "من بثّ ما من شأنه إثارة الفتنة أو النعرات أو النيل من الوحدة الوطنية، أو الحضّ على الكراهية، أو الدعوة إلى العنف أو تبريره، أو ازدراء الأديان، بالحبس من سنة إلى ثلاث سنوات وبغرامة 5 آلاف دينار (7 آلاف دولار) ولا تزيد على 20 ألف دينار (28 ألف دولار)".
وقال رئيس الوزراء، بشر الخصاونة، في مجلس النواب، الخميس، إن "الحكومة لا ترى أن مشروع قانون الجرائم الإلكترونية ينتقص من جوهر الحريات ولا يمس بالدستور"، مضيفاً أنّ الحكومة "منفتحة تماما إزاء أي من مظاهر النقد".
وبحسب الخصاونة، فإنّ "الجديد في القانون تنظيم وتحديد العقوبات في الفضاء الإلكتروني، والحكومة لا تقدم أي شيء فيه مساس بالدستور".
من جهتها، أدانت اللجنة التنسيقية للمطالبة بسحب مشروع قانون الجرائم الإلكترونية ما وصفته بـ"سلوك مجلس النواب الصادم" و"السرعة الغريبة التي أقر بها القانون مع كل ما اعتراه من عوار تشريعي، وخروج عن القواعد العامة في الجزاء، ونسف لقواعد قانونية مستقرة، وغياب للتعريفات لجرائم جديدة أتى بها القانون للمرة الأولى، مثل اغتيال الشخصية والكراهية وازدراء الأديان".