استمع إلى الملخص
- "إطارات" يعكس كوميديا ذكورية تجاهل سياسات الهوية والتنوع، مشابهًا لأسلوب "The Office" و"Parks and Recreation"، مما جعله يحظى بشعبية واسعة رغم تجاهله للصوابية السياسية.
- غيليس وزملاؤه يمثلون جيلاً جديدًا من الكوميديين يعتمدون على الأداء الحي والنكات المصممة للتوزيع الرقمي، مستفيدين من منصات التواصل الاجتماعي للوصول إلى الجمهور، ما يعكس تحولًا في الكوميديا الأميركية نحو البث الرقمي.
ينتمي الكوميديان الأميركي، شين غيليس، إلى المجموعة التي تسبب جو روغان بشهرتها، ويعمل ضمن نفس الصيغة التي اندمج فيها البودكاست مع الستاند آب كوميدي، إذ يشارك بتقديم بودكاست، وقدم عرضاً خاصاً على يوتيوب عام 2021 بعنوان Shane Gillis: Live in Austin، ثم عرضاً على "نتفليكس" عام 2023 بعنوان Shane Gillis: Beautiful Dogs، والآن تبث المنصة نفسها مسلسلاً خاصاً به بعنوان "إطارات" (Tires).
مسلسل "إطارات" من إنتاج غيلز نفسه، وقبلت "نتفليكس" بعرض حلقاته الست بعد إنتاجها، أي أن المنصة ليست مسؤولة سوى عن البث، وهذا ما يفسر أن المسلسل لا يهتم أبداً بسياسات الهوية أو تنويع المؤدين؛ فكلّ من في العمل "بيض". يتحدث المسلسل، بسخرية، عن ورشة إصلاح سيارات، تورّط صاحبها بشراء كمية كبيرة من الدواليب، من دون أن يتمكن من بيعها. وفي كل واحدة من الحلقات يقترح ويل (ستيف غيربن) خطة جديدة لكسب المزيد من المال.
المسلسل أقرب إلى اسكتشات يمتد الواحد منها على طول حلقة كاملة (20 دقيقة)، تحوي من النكات الذكورية ما لم يعد متداولاً الآن بحجة الصوابية السياسية وسياسات الهوية. وهذا ربما امتداد لسياسة المنصة التي قرّرت منذ إطلاق مهرجان "نتفليكس نكتة" أن تكون الحضن الذي يجمع كل أنواع الكوميديا، مهما كانت مختلفة عن شروط العصر.
يذكرنا مسلسل "إطارات" بالأفلام التي كان يلعب بطولتها فينس فون مطلع الألفية، حيث عوالم الرجال البذيئة والسعي دائماً إلى الحصول على النساء، أو تفادي سطوتهن في حال كن زوجات. هذا النوع من الكوميديا لم يعد رائجاً، كونه يحتوي ذكورية لم تعد مقبولة ضمن شروط العصر.
اللافت أيضاً أن شين غيليس ومجموعة الكوميديين/البودكاسترز، يشكلون جيلاً جديداً من الكوميديين الذين لا يعتمدون فقط على الأداء الحي، بل على النكات التي تُمنتج وتقص لتصبح ملائمة للـReels. رائد هذا الشكل من النكات هو آندرو شولتز رائد، الذي للمصادفة يلعب دوراً في المسلسل.
يحوي مسلسل "إطارات" أطيافاً من The Office وParks and Recreation، سواء في أسلوب الإخراج أو النكات السريعة الآنية، في حين أنه لا يتبنى صيغة الوثائقي، فالتخييل تامّ في المسلسل، وهذا ما جعله ينال شهرة واسعة، خصوصاً أنه خالٍ من أي محاولة لبث رسالة سياسية. هو قائم على كوميديا الموقف والمفارقات، من دون محاولة لـ"شمل" الجميع.
وصفت صحيفة واشنطن بوست المسلسل بأنه "ساينفلد الجديد" كونه "مسلسلاً عن لاشيء"، العبارة التي يوصف بها مسلسل "ساينفلد"؛ فالأخير قائم على كوميديا الموقف ومهارة المؤدين والكتابة المتقنة، إذ إن أبطال المسلسل لا يبحثون عن تغيير، ولا يملكون أفقاً، سوى استمرار العمل بأقل جهد ممكن.
ينتمي "إطارات" إلى فئة الحكايات ما بعد السينيكية، تلك التي تختلف عن "ساينفلد" الذي نرى فيه كل شخصية متمحورة حول ذاتها ولا ترى إلا مصالحها الخاصة. في "إطارات"، ووراء كل طبقات السخرية والبذاءة، هناك شيء إنساني، وعلاقات بين أفراد يجمعهم العمل والقربى ويريدون الحفاظ عليها، الأمر الذي يتكشف حين تصبح الأمور جديّة، وتقترب الورشة من الإغلاق، ليتكافل الفريق بعدها، ويعمل على إنقاذ الورشة، والأهم بيع الدواليب المتراكمة في كل مكان.
الواضح أن الكوميديا الأميركية تأخذ انعطافة جديدة مع الجيل الجديد من الكوميديين، أولئك الذين يستبدلون ديف شابيل ولويس سي كيه المثير، وغيرهم من جيل ما قبل "نتفليكس". هؤلاء الذين يرون المهنة كأداء على الخشبة أمام الجمهور، ليس بودكاست يحوي نكات تقطع وتقص لتنشر على وسائل التواصل الاجتماعي. وهذا ما يميز المسلسل، فكل حلقة قابلة لأن تقص إلى عدة Reels، وكأنها مكتوبة ومؤدّاة بأسلوب يجعلها قابلة للاستهلاك ضمن منصات التواصل الاجتماعي.
عام 2019، نشر غيليس على قناته على "يوتيوب" حلقة أولية طولها أقل من خمس دقائق، والهدف منها الترويج للفكرة ومحاولة جذب منتجين وجمهور إليها. اللافت في النشر على "يوتيوب" أن اختيار مسلسل لإنتاجه لم يعد قائماً على أساس ذوق المديرين التنفيذيين في الشركات الكبرى، بل الجمهور نفسه، لكن شين غيليس هو من أنتج المسلسل، وليس "نتفليكس"، ما يعني أن المحاولة لم تنجح، والقرار ما زال مركزاً بيد أصحاب البذلات الرسمية، ولو حاول أحدهم نشر محتواه على "يوتيوب" مجاناً لنيل رضا الجمهور ورأيه.