مسرحية تغضب الأمن التونسي

08 اغسطس 2022
انتقدت نقابة الأمنيين مسرحية لطفي العبدلي (فيسبوك)
+ الخط -

أثارت مسرحية للفنان التونسي لطفي العبدلي جدلاً بعد تعرّضها للتوقيف من قبل عناصر الشرطة والأمن، أمس الأحد، خلال فعاليات مهرجان صفاقس الدولي. 

وقالت تقارير محلية إن أعوان الأمن تدخّلوا مرات عدة لوقف العرض، قبل أن ينسحبوا ويمتنعوا عن مواصلة تأمينه، وذلك احتجاجاً على انتقاد الفنان المؤسسة الأمنية

وحمل العرض عنوان "لطفي العبدلي يبلغ الخمسين ويقول ما يفكر فيه"، وهو من نوع مسرحيات الممثل الواحد (وان مان شو) يقدمها العبدلي منذ سنوات، وحققت نجاحات جماهيرية كبيرة.

وفي آخر عروضها ليلة أمس الأحد، تسبّبت المسرحية في الكثير من الجدل، بعدما تداولت شبكات التواصل والمواقع أن العبدلي توجه بحركة لاأخلاقية تجاه الشرطة التي كانت تؤمّن العرض، ما أثار غضب رجال الشرطة فقرروا الانسحاب من تأمين العرض، وهو ما خلف حالة من الفوضى.

وانتقد العبدلي ما حصل، مشيراً إلى تعرّض منتج المسرحية محمد بوذينة للاعتداء من قبل الأمن.

وقال العبدلي في فيديو نشره على مواقع التواصل: "ممكن هذا آخر عرض في حياتي في تونس"، ووصف في منشور ما تعرّض له بوذينة بـ"الشروع في القتل". 

وأكّد العبدلي أنّه لم يُقدم على حركة أو لفظ يمس كرامة الأمنيين، مؤكداً أنّه يحترم المؤسسة الأمنية ولم يمس مكانتها.

من جانبها، وصفت النقابة الوطنية لقوات الأمن الداخلي ما حدث في صفاقس بـ"تحقير واستهداف وترذيل للمؤسسة الأمنية، وتجييش ممنهج لضرب الأمن". كما وصفت، في بيان لها، العمل بـ"المنحط"، واعتبرته "يمس من كرامة كل تونسي غيور"، بحسب تعبيرها.

جدل انسحاب الشرطة

واعتبر البعض انسحاب الشرطة "اعتداءً صارخاً على حرية التعبير وتضييقاً غير مقبول عليها". 

وكتب نائب الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان، بسام الطريفي، أنه "إذا أصبحت الشرطة تقرّر ما يجب قوله في عمل مسرحي فاعلم أنك في دولة البوليس".

بينما أصدرت وزارة الداخلية التونسية بياناً أكدت فيه أن أعوانها لم ينسحبوا من تأمين العرض، رغم أن الممثل توجّه لهم بحركة نابية، وقرروا مواصلة تأمين العرض حتى نهايته، وأنهم أمّنوا وصول الممثل والفريق العامل معه إلى مكان إقامتهم.

وأكدت الوزارة أنها سوف تتوجه إلى النيابة العامة للتحقيق في ما قام به الممثل لطفي العبدلي من حركات تجاه الشرطة.

من جانبها، اعتذرت إدارة مهرجان صفاقس الدولي "لجمهور المهرجان، بسبب الارتباك الذي شاب العرض المسرحي، والذي كان خارجاً عن نطاقها".

وأوضحت في بيان لها أنها "اتخذت جميع الإجراءات التنظيمية المنوطة بعهدتها، وقد انطلق العرض في ظروف عادية، وإن توقف في عدد من المناسبات فإنها تدخلت في الحين لتفادي الإشكال وتأمين سلامة الجمهور، وكل من كان في المسرح الصيفي".

وعن مصير عروض الفنان بعد هذه الأزمة، أعلنت إدارة مهرجان بنزرت الدولي، في بيان عبر صفحتها الرسمية على موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك"، اليوم الاثنين، أنّه لا تغيير في موعد العرض المسرحي.

وجاء في نصّ البيان: "عرض لطفي العبدلي سيكون في الموعد بشكل عادي غداً على ركح مهرجان بنزرت الدولي".

وبسبب اتهام الشرطة بالاعتداء على محمد بوذينة، وهو أيضاً منتج عرض الزيارة الفني واسع الانتشار، قرّرت فرقة عرض الزيارة إلغاء ما تبقى من عروضها. 
وأوضح بيان للفرقة أنه "على أثر الاعتداء على السيد محمد بوذينة، منتج عرض الزيارة، وتكرّر التجاوزات والمضايقات الأمنية منذ انطلاق الجولة الصيفية، وحرصاً منّا على السلامة الجسدية لجميع المتدخلين في عرض الزيارة، قرّرت إدارة الإنتاج مبدئياً إلغاء ما تبقى من العروض إلى حين إشعار آخر".

لطفي العبدلي... جدل مستمر

ولا تزال العروض المسرحية للطفي العبدلي تثير الكثير من التعليقات في الساحة الثقافية، وفي شبكات التواصل الاجتماعي.

وبُرمج عرض الفنان في 16 مهرجاناً تونسياً، وهو رقم يدل على نجاحه، إلا أن الفنان والمسرحية يثيران الكثير من التعليقات.

ويرى بعض النقاد في المسرحية شكلاً من أشكال التداعي الحر بين الممثل والجمهور من دون فكرة واضحة، بل الغاية منه البحث عن إضحاك المشاهدين ببعض النكات وردود فعل الممثل الحية مع المتفرجين.

ويعتبر هؤلاء أن العمل لا يرتقي إلى مستوى عمل مسرحي بالمعنى المتعارف عليه للمسرح، بل هو شكل من التداعي الغاية منه إضحاك الجمهور بالتركيز على الإيحاءات الجنسية في الكثير من الأحيان.

ولطفي العبدلي معروف بمشاكساته، سواء في تقديم عمله المسرحي أو خلال استضافته في القنوات التلفزيونية التونسية.

وكثيراً ما انسحب سياسيون تونسيون من برامج تلفزيونية بسبب مشاكساته التي اختلفت الآراء حولها، بين من يُصنّفها في خانة حرية التعبير، وبين من يراها تجاوزاً غير مقبول في حق الآخرين.

المساهمون