الانتخابات الرئاسية الإيرانية: انتقادات لتقييد الإنترنت ووعود برفع الحظر

22 يونيو 2024
صور المرشحين للانتخابات الرئاسية الإيرانية في طهران، 17 يونيو 2024 (مرتضى نيكوبازل/Getty)
+ الخط -
اظهر الملخص
- خلال المناظرة الرئاسية الإيرانية، ناقش المرشحون قضايا الإنترنت مثل القيود والحظر على منصات التواصل، ووعدوا بتحسين الخدمات ورفع الحظر مع إمكانية فرض قيود في أوقات الأزمات.
- تباينت الآراء حول سياسات الحظر، حيث انتقد بعض المرشحين الأضرار الاقتصادية والاجتماعية للحظر، بينما دافع آخرون عنه كإجراء أمني، مع التأكيد على تحسين سرعة وجودة الإنترنت.
- أكد المرشحون على أهمية الإنترنت في الأنشطة الاقتصادية والتعليمية، مشيرين إلى ضرورة تطوير بنية تحتية قوية وتحرير الفضاء الافتراضي مع الحفاظ على الأمن القومي.

تطرق مرشحو الانتخابات الرئاسية الإيرانية في مناظرتهم الثالثة، مساء أمس الجمعة، قبل الانتخابات المقررة يوم الجمعة المقبل، 28 يونيو/حزيران الحالي، إلى واقع شبكة الإنترنت في إيران التي تعاني من القيود والحظر لبعض المواقع بما فيها منصات التواصل الاجتماعي بالإضافة لبطء السرعة وتردي الجودة، وأطلق المرشحون وعوداً بتحسين الإنترنت سرعة وجودة، فيما وجه بعضهم انتقادات شديدة لسياسة حظر منصات التواصل الاجتماعي وفرض القيود على الإنترنت، واعدين برفع هذا الحظر في حال فوزهم بالرئاسة الإيرانية. وفيما أكد معظم المرشحين رفضهم لحظر منصات التواصل الاجتماعي وتقييد الإنترنت، اتفقوا على إمكانية فرض قيود على الشبكة العنكبوتية وقت الأزمات كإجراء قالوا إن الدول تلجأ إليه في بعض الحالات. ومن جهتهم، انتقد مستخدمو منصات التواصل الاجتماعي خلال الساعات الماضية تصريحات بعض مرشحي الانتخابات الرئاسية الإيرانية، وتحديداً المحافظين، حول رفضهم حظر هذه المنصات في حين أن الحظر طُبق فيما هم في السلطة ولعب بعضهم دوراً فيه.

مافيا "في بي أن"

المرشح المحافظ المعتدل مصطفى بور محمدي أول من هاجم سياسات الحكومات السابقة تجاه الإنترنت والفضاء الافتراضي، واصفاً هذه السياسات بأنها "خاطئة". وقال، في المناظرة التي بثها التلفزيون الإيراني مباشرة واستمرت لأربع ساعات، إن الحظر كان "جيداً" في بادئ الأمر لكن استمراره أدى إلى ظهور مافيا "بروكسي في بي أن"، ودعا إلى إنهاء الحظر المفروض على منصات التواصل الاجتماعي الأجنبية. وأكد بور محمدي ضرورة وجود معرفة شاملة بالفضاء الافتراضي وتهديداته وفرصه، ووجه اتهامات للحكومة السابقة والحكومة الحالية بـ"التقصير" في قَنوَنة هذا الفضاء. وانتقد رئيس البرلمان الإيراني المرشح الرئاسي، محمد باقر قاليباف، متسائلاً عما فعله لأجل تقنين الفضاء الافتراضي خلال رئاسته البرلمان في السنوات الأربع الأخيرة، وأضاف أن بيع برامج فك التشفير يتم على مرأى ومسمع السلطات، وأشار إلى المردود المالي الكبير لبائعي هذه البرامج.

بدوره أبدى محمد باقر قاليباف، المتحدث الثاني من بين مرشحي الانتخابات الرئاسية الإيرانية حسب الترتيب، رفضه للحظر والإغلاق، وقال إن هذه السياسة لها أخطار ويترتب عليها "فساد كبير" على خلفية انتشار برامج فك التشفير التي تسهل وصول الأطفال والشباب الإيراني إلى مواقع غير أخلاقية. لكنه دافع في الوقت نفسه عن فرض الحظر على منصات التواصل وتقييد الإنترنت في "أوقات الأزمات"، مضيفاً أن ذلك "استثناء"، وأشار في السياق إلى تطبيق هذه السياسة خلال احتجاجات أواخر عام 2022 التي اندلعت جراء وفاة الشابة مهسا أميني بعد أيام من احتجازها من قبل شرطة الآداب بطهران بتهمة خرق قواعد اللباس الصارمة في الجمهورية الإسلامية. وأضاف قاليباف أن "الأمن في  هذه الحالة يكتسب الأولوية"، داعياً إلى إطلاق ما سمّاه قيادة الفضاء الافتراضي. وقال إن معظم الأنشطة الاقتصادية تجري في هذا الفضاء "لكننا لم نستطع القيام بالتخطيط اللازم، وقمنا فقط بتقييد هذا الفضاء"، ولفت إلى زيادة استخدام برامج فك التشفير في إيران من 22% إلى 67% في الوقت الراهن، "ما يعني قيامنا بزيادة المخاطر بدلاً من صون هذا الفضاء". وأشاد قاليباف، في الوقت نفسه، بتوسيع "الشبكة الوطنية للمعلومات" في الحكومة الحالية، وقال إن  نسبة انتشارها ارتفعت إلى 75% في البلد عبر التعاون بين البرلمان والمجلس الأعلى للفضاء الافتراضي، مشيراً إلى أن تدشين هذه الشبكة هو أحد طرق قيادة الفضاء الافتراضي. كما وعد بزيادة سرعة الإنترنت وحل مشكلة بطئه.

وكانت الحكومة الإيرانية أطلقت عام 2009 الشبكة الوطنية للمعلومات، وكان يفترض أن تربط جميع أجهزة الدولة ومؤسساتها بنهاية 2012، لكنها لم تكتمل بعد ليحدد البرنامج التنموي السادس، والمقر في البرلمان عام 2016، أنه بحلول عام 2021 سيتم إنجاز المشروع، غير أنه لم ينجز في هذا التاريخ أيضاً.

من جهته، انتقد المرشح الإصلاحي، مسعود بزشكيان، سياسة حظر منصات التواصل الاجتماعي الأجنبية وتقييد الإنترنت، واعتبر أن تشديد هذا الإجراء خلال العامين الأخيرين بعد الاحتجاجات أطاح بالكثير من الأعمال وتسبب ببطالة كثيرين من العاملين في الفضاء الافتراضي، مشيراً إلى ظهور مجموعات تحصل على أرباح كبيرة من خلال بيع برامج فك التشفير. وأكد على تحرير الفضاء الافتراضي، مشيراً إلى أن "منصة إكس هي مكان للتعلم وتقدم مساعدات كثيرة للمستخدمين، لكننا من خلال الحظر قطعنا تواصلنا مع العالم". ووعد بزشكيان بأنه إذا فاز بالرئاسة الإيرانية سيتصدى بكل حزم للقيود المفروضة على الإنترنت ومنصات التواصل.

المنصات المحلية

سعيد جليلي هو المرشح الوحيد الذي لم يعلن رفضه للحظر المفروض على منصات التواصل الاجتماعي الأجنبية وتقييد الإنترنت، بل أشاد بمؤسسي المنصات المحلية والناشطين فيها، قائلاً إن هذه المنصات بدأت "في ظروف صعبة" وتطورت فيها. ووصف المنصات المحلية، أمثال "بله" و"روبيكا" و"سروش" و"إيتا" و"نشان" و"بلد" و"سلام" و"إسنب" وغيرها، بـ"القيمة" وبـ"الإنجازات العظيمة"، معتبراً أن أصحاب هذه المنصات أبوا أن تكون البلاد مستهلكة فقط وتتبع سيادة أجنبية على منصات التواصل فأسسوا لسلطة افتراضية محلية. ولفت جليلي إلى التأثير المتزايد لمنصات التواصل وكيف أن الدول تبحث عن تدويل منصاتها المحلية، وتضع "قوانين مشددة على المنصات الأجنبية مثل ما قامت به أميركا بشأن منصة تيك توك".

ورأى المرشح الرئاسي المحافظ، أمير حسين قاضي زادة هاشمي، أن سياسات الحظر والتقييد لمنصات التواصل والإنترنت فشلت، مشيراً إلى أن عدد مستخدمي منصة تليغرام في إيران يبلغ أكثر من 40 مليون شخص رغم حظرها. وأكد أن نمو وتطوير الاقتصاد بحاجة إلى الإنترنت، وأن الحكومة الذكية لن تتشكل من دون الإنترنت، وهذا هو الحال بالنسبة للاقتصاد الرقمي. وشدد على أهمية توفير "إنترنت سريع وذي جودة وآمن" في إيران، وعزا مشكلات الإنترنت إلى ثلاثة عوامل: عدم وجود بنى تحتية مناسبة، والقيود، وهجرة العقول المتخصصة والمهنية في مجال الإنترنت. وأشار إلى تخلف إيران عن توسيع البنى التحتية للإنترنت حيث إنها في الموقع الـ145 عالمياً من بين 180 دولة. 

أما المرشح المحافظ ورئيس بلدية طهران، علي رضا زاكاني، فاتهم المرشحين المنتقدين لسياسة حظر منصات التواصل الاجتماعي بممارسة دور في هذا الحظر. وانتقد المرشح بزشكيان لحديثه عن وجود مشروع لتقييد الإنترنت تحت مسمى "مشروع حماية حقوق المستخدمين في العالم الافتراضي" داعياً إلى عدم الخلط بين هذا المشروع، الذي لم يتحول بعد إلى قانون، وبين قضية الحظر. وقال زاكاني إن "جميع الأصدقاء الذين انتقدوا الحظر هم تسببوا به وكان لهم دور فيه، كما أن البعض سمحوا باستخدام منصات تواصل خارجية بلا قيود وعندما انتشرت هذه المنصات فقدوا السيطرة عليها".


وفي السياق، يكشف تقرير لمركز إيسبا الإيراني لقياس الأفكار والاستطلاعات، صدر في مايو/ أيار 2022، عن أن 78.5% من سكان إيران، البالغ عددهم 85 مليون نسمة، يستخدمون منصات التواصل الاجتماعي. ويشير التقرير إلى أن منصة واتساب هي الأكثر شعبية في إيران، إذ يستخدمها 71.1% من مستخدمي الشبكات الاجتماعية، ثم منصة إنستغرام بـ49.4%، فمنصة تليغرام بـ31.6%. وكان حظر منصتي واتساب وإنستغرام خلال سبتمبر/أيلول 2022 قد دفع بعشرات الآلاف إلى النزوح صوب منصة تليغرام المحظورة أيضاً، لأن الوصول إليها أسهل من باقي المنصات، وتشير تقارير إيرانية إلى أن عدد مستخدمي تليغرام في إيران يبلغ حالياً نحو 50 مليون شخص. ويلجأ الإيرانيون إلى برامج فك الحجب والتشفير للوصول إلى جميع المنصات المحظورة، مثل إنستغرام وواتساب وإكس وفيسبوك ويوتيوب، الأمر الذي زاد تكاليف إنفاقهم على الإنترنت حيث تحولت خدمة "في بي أن" إلى تجارة رابحة لمقدمي هذه الخدمة في إيران. 

المساهمون