محاولات جديدة لتشريع قانون "جرائم المعلوماتية" تثير جدلاً في العراق

05 يونيو 2022
يثير القانون مخاوف حرية التعبير (صباح عرار/ Getty)
+ الخط -

أعلنت لجنة الأمن والدفاع في البرلمان العراقي سعيها لإعادة عرض مشروع قانون "جرائم المعلوماتية"، الذي يمنح السلطات الحق في مراقبة ومحاسبة المواطنين على ما يكتبونه عبر مواقع التواصل الاجتماعي، للتصويت عليه خلال الدورة البرلمانية الحالية، مؤكدةً أهمية وجود القانون للحد من الكثير من الجرائم، وسط مخاوف من استغلال القانون لقمع حرية التعبير في البلاد.

والقانون المثير للجدل، موجود في البرلمان منذ عام 2018، وقد قوبل برفض واعتراضات كبيرة من قبل الناشطين المدنيين والمدونين في البلاد، بسبب احتوائه على فقرات وبنود اعتبرت أنها قابلة للتأويل وتحد من حرية التعبير.

ووفقاً لعضو لجنة الأمن والدفاع في البرلمان، النائب ياسر وتوت، فإن لجنته "عازمة على تشريع قانون جرائم المعلوماتية خلال المرحلة المقبلة"، مبيناً في تصريح لصحيفة "الصباح" العراقية الرسمية بأن "اللجنة مصممة على تشريع القانون رغم التوقعات بأنه سيواجه الكثير من الصعوبات قبل تشريعه". 

وأكد أن "اللجنة ستباشر عرض فقراته الواحدة تلو الأخرى لمناقشته قبل تحويله إلى اللجان الأخرى لإبداء ملاحظاتها"، مشيراً إلى أن "جميع دول العالم المتطورة التي تطبق أعلى معايير حقوق الإنسان مع شعبها تمتلك قوانين تحد من الجريمة الإلكترونية التي يمكن أن تحافظ على حقوق الجميع بما في ذلك الحكومة". 

وتابع وتوت أن "تلك الجرائم التي يتضمنها هذا القانون متعددة، منها الابتزاز والتشهير، وهذه جميعها وسائل يجب الحد منها بعد تشريع هذا القانون".

وأكد أن "شمول جريمة سرقة المبالغ المالية من الفيزا كارت ضمن القانون، وستتم مفاتحة الهيئة العراقية للحاسبات لاستضافة خبراء في هذا المجال لبيان المصطلحات الفنية الواردة بالقانون، في حين سيسند للجنة القانونية جميع الإجراءات المتعلقة بالقانونية بعد الاستماع إلى آراء خبراء قانونيين في محكمة النشر وكلية القانون من أجل بحث العقوبات الموجودة في هذا القانون".

وتضمن قانون جرائم المعلوماتية أكثر من 20 مادة أدرجت تحتها فقرات عدّة، نصت جميعها على عقوبات متفاوتة تصل للحبس لثلاثين عاماً، وغرامات مالية تصل إلى 100 مليون دينار عراقي، وركّزت تلك الفقرات على المعلومات الإلكترونية، وجعلتها في دائرة الخطر والمساس بأمن الدولة.

ومن أبرز المؤاخذات على القانون المطروح هو منح السلطات إمكانية محاكمة المدونين على قضايا مثل إنشاء حسابات إلكترونية بأسماء غير الأسماء الحقيقية لأصحابها، وعدم التفريق بين الانتقاد والسب للشخصيات العامة والمؤسسات، وكذلك تقييد الوصول للمعلومات وحق نشرها، خاصة فيما يتعلق بقضايا الفساد.

ويؤكد محامون ومختصون أن الفقرات فضفاضة قابلة للتأويل، مثل ما يتعلق بعبارة "الاعتداء اللفظي" على مؤسسات الدولة التي وردت بالقانون.

واتهمت في وقت سابق القيادية في التيار المدني العراقي، شروق العبايجي، بوجود "قوى سياسية تريد قانون جرائم المعلوماتية من أجل شرعنة القمع وإسكات الأصوات الحرة، موضحة في حديث لـ"العربي الجديد" أن "قضية حرية التعبير، وبعض المسائل الأخرى التي تحمل إشكاليات، كانت عبارة عن معارك مفصلية في عدة دورات برلمانية سابقة".

ولفتت إلى أن حرية التعبير تمثل المكسب الوحيد الذي تحقق للعراق بعد الاحتلال الأميركي عام 2003، وهناك اليوم من يريد تقييد هذه الحرية من خلال قمع التظاهرات والخطف والتهديد والضغوط على الإعلاميين والصحافيين وكل من يمارس النشر. 

وأوضحت العبايجي أن "القانون يقيد حريات الصحافيين والناشطين بسبب وجود عقوبات غير منطقية، وبعض هذه العقوبات مطاطية تسمح بإدانة من يقوم بعمل صحافي استقصائي، أو يبدي رأياً في أي قضية"، موضحة أن العقوبات تصل إلى السجن، وفرض غرامات مالية كبيرة.  

من جهته قال الناشط المدني، علي الفتلاوي، لـ"العربي الجديد"، إن "القانون بصيغته الحالية يُمثل خطراً جديداً على حرية التعبير، إذ إنه من الممكن أن يؤدي انتقاد أي مسؤول بوظيفة عامة أو أداء مؤسسة ما إلى السجن للمدون أو المواطن العادي الذي يكتب على موقع فيسبوك".

وأضاف أن "العبارات التي وردت في مسودة القانون يمكن تكييفها وليها لصالح السلطة والأحزاب، ولا يمكن القبول بأي قيد على كتابة المدونين وآرائهم المتعلقة بالفساد اليومي في دوائر الدولة، أو الأحزاب السياسية". 

وأكد أن "القانون من الممكن أن يستغل سياسياً، إذ صيغ بطريقة ذات أبعاد سياسية خطيرة"، مشدداً على "ضرورة العمل على رفض تمرير القانون، خاصة أن فقراته تتعارض مع روح الدستور العراقي الذي نص على ضمان الحريات في البلاد"، ومحذراً من "دخول القانون خانة المساومات السياسية وتداخل المصالح بين القوى، ما يدفع باتجاه تمريره في المرحلة المقبلة من عمر البرلمان".

والشهر الماضي التقى وفد من منظمة مؤسسة بغداد للدفاع عن ضحايا الرأي مع رئيس مجلس القضاء الأعلى فائق زيدان وبحث معه فقرات القانون، ما يؤشر على قلق واسع منه لدى الناشطين العراقيين.

وذكرت المؤسسة أنها ناقشت مع زيدان ملف انتهاكات حرية التعبير والتضييق على الصحافيين والناشطين المدنيين في العراق، فضلاً عن البحث في فقرات قانون جرائم المعلوماتية.

المساهمون