مجموعة السهام المغربية: أغانٍ أكثر هدوءاً

09 اغسطس 2021
اشتهرت الفرقة في السبعينيات (فيسبوك)
+ الخط -

تُعدّ "السهام" من أكبر الفرق الغنائية المغربيّة، وأكثرها شعبية. وقد كان لبروزها في سبعينيات القرن المنصرم دور كبير في تحويلها إلى واحدة من الأيقونات الغنائية المغربيّة، إلى جانب كل من فرق "المشاهب" و"ناس الغيوان" و"جيل جيلالة".
إذ اكتسبت لحظة انطلاق هذه المشاريع الغنائية أهمية كبيرة، لكونها ترافقت مع حراك سياسي شعبي مغربي، فتمكّنت الأنماط الموسيقية المُقدّمة وقتها من التوغل في مُخيّلة المُستمع العادي. 

هكذا، حقّقت أغاني مجموعة "السهام" انتشاراً كبيراً في مختلف التظاهرات السياسية والاجتماعية، التي شهدتها بعض المدن آنذاك، كالدار البيضاء والرباط وفاس. ولعبت الجامعات دوراً كبيراً في تكريس فرقة "السهام" وأغانيها "المُلتزمة" ضمن الأجيال الجديدة. 

داخل هذا الحراك السياسي والاجتماعي والثقافي، برزت أغاني المجموعة على اعتبارها شرارة خفيّة، تجعل المرء يثور على ذاته وعلى محيطه، بحيث إنّ أغلب هذه الأغاني يطبعها النفَس السياسي المحض، الذي يجعل من العملية الفنيّة امتداداً عميقاً للظواهر الاجتماعية. 

لو لم يعرف المَغاربة قيمة "السهام" كفرقة غنائية مميزة بموضوعاتها وخاماتها الغنائية وقوالبها الموسيقيّة، لاعتقدوا أنّ عنوان ألبومها الغنائي الجديد "تعيش بلادي"(2021) شكل من أشكال المحاباة للسُّلطة الرسمية وجبروتها. فقد برزت في الآونة الأخيرة أسماء غنائية، همّها الأساس الاقتراب من مراكز القرار، وهي على استعداد لاستغلال مثل هذه الفترات العصيبة، التي يمرّ فيها المغرب لإصدار أغانٍ هشّة ومُرتبكة عن السياسة، وفيروس كورونا، والصحراء الغربية، والوطن، ومنتخب كرة القدم. 

في هذا الألبوم الغنائي الجديد، الذي وُقِّع قبل أيام في مدينة الدار البيضاء، حرصت "السهام" على الاستمرار في منوال غنائي أيديولوجي مُلتزم، يجعل من قضايا سياسية واجتماعية في مقدّمة البرنامج الغنائي. 

لكنّ المثير في تجربة "السهام" الجديدة، أنّها لم تطرق باب السياسة مباشرة، بل من خلال مدى انعكاسها على حياة الفرد وآلامه وجسده. وهذا الأمر تتشاركه موضوعياً مع باقي الفرق الغنائية الأخرى. لكنّ تميّز "السهام" ظلّ مُرتبطاً بحداثة الآلة الموسيقيّة، وانفتاحها على آلات وترية إلكترونية أكثر وعياً بتحوّلات الأغنية المغربيّة. هذا كلّه مقابل طوفان موسيقيّ عالمي اجتاح الساحة المحلية منذ الثمانينيات. 

لكن، مجدداً، تؤكد هذه الفرقة أنّ الرغبة في التجريب تبقى إحدى السمات الجماليّة، التي تنطبع فيها. إذْ إنّ السعي صوب الحسّ الجمالي/الموسيقيّ، جعل من أغانٍ كـ "ديروني في البال"، و"عودي"، و"اضحك والعب" تتخفّف أوّلاً من نزعة سياسية سيطرت على ريبرتوارها الغنائي القديم. أما ثانياً، فإنّ هذا الشرط الجمالي، سمح للفرقة (وباقي الفرق الأخرى من دون استثناء) أنْ تقترب من المؤسّسة الرسمية من طريق المهرجانات الموسيقيّة الرسمية، لحظة التخفيف من حدّة النقد. فهذا التحوّل صوب الشرط الجمالي عوض الأيديولوجي، لم يرتبط بـ"السهام" مباشرةً، إذ إنها لم تلجأ إلى محاباة السلطة والتطبيل لها، بل كان تأثيره بنيوياً ومُرتبطاً بمختلف تحوّلات شهدتها الأغنية الملتزمة ككلّ، بدءاً من نهاية الثمانينيات ودخول الفنّ المُلتزم المغرب في لعبة الولاءات والتواطؤات.

وبالتزامن مع إصدار الألبوم، نشرت الفرقة بياناً جاء فيه: "هذا الإنتاج الفني أجبرته ظروف كورونا على التأخر في الظهور... وقد عملنا عليه عن بعد لمدة تفوق السنة، حيث بدأت التسجيل قبل رمضان وانتهت مراحله بعد عيد الفطر". 

دلالات
المساهمون