متلازمة الحرب السورية في الدراما الرمضانية
ربيع فران
ما زالت الحرب السورية تسيطر على معظم إنتاجات الدراما المحلية، التي توسّم المتابعون خيراً بعودتها على خط المنافسة العربي لهذا الموسم، خصوصاً أنّ مسلسلين خرجا من شرنقة "الحصرية"، أو الحصار على الدراما السورية الذي فُرض قبل سنوات، وتزامن عرضهما على المحطات السورية مع عرض على شاشات "أبوظبي" وBein وMBC.
تصدّر مسلسل "مع وقف التنفيذ" و"كسر عضم" المشهد الدرامي السوري في الأيام الأولى من شهر رمضان، لأسباب كثيرة، منها عودة المخرجة رشا شربتجي إلى قائمة الأعمال الاجتماعية الواقعية، وحشد مجموعة من أهم الممثلين السوريين في العملين.
تحاول المخرجة رشا شربتجي، في "كسر عضم"، العودة إلى "الولادة من الخاصرة" بعد 11 عاماً من تقديم واحد من أفضل المسلسلات السورية التي وقعتها شربتجي نفسها، بالتعاون مع الكاتب سامر رضوان. لكن الصورة في "كسر عضم" اختلفت تبعاً للظروف التي مرت بها دمشق، والحرب التي ألقت بأعبائها على الواقع السوري المأزوم، حتى في فترة ما قبل الحرب.
يروي مسلسل "كسر عضم" حكايات عن نافذين جمركيين، استفادوا من تداعيات الحرب السورية، يعمل معظمهم في التهريب، والكسب الخيالي. ولا تغيب مشاهد الحرب الموازية للقصة عن رواية كاتب المسلسل علي صالح، وتوظيف مجموعة من الممثلين لخدمة مشاهد تستغل التشويق واستعراض الجيش السوري، وتصويره على أنه ضحية وفق مصالح قادته، وتنازع السلطة والنفوذ بينهما، ولا تغيب شربتجي عن طروحات موازية للقصة الرئيسية في استغلال كافة أطياف المجتمع السوري المتغير بسبب الحرب.
تأتي هذه المواقف لتعبر خطا دراميا مؤلفا من 30 حلقة، في عز الأزمة، وفقدان أو ارتفاع أسعار المواد الغذائية، والمحروقات في سورية، وتنقل إلى ذلك مأساة شعب كامل، ليس أمامه سوى مشاهدة آلامه منقولة عن طريق عدد من الممثلين.
يمكن أن يحسب لمسلسل "مع وقف التنفيذ"، تفرده هذه المرة بطريقة طرح عودة المهجرين إلى بعض المناطق المتاخمة للعاصمة السورية. هذه الفرضية لم نشهدها في معظم المسلسلات التي وثقت حال الحرب في سورية، واستلهمت من يوميات الناس أبعاداً درامية، وحولتها إلى مشاهد مثيرة حصدت إعجاباً ونسبة عالية من المتابعين، ليس أقلها مسلسل "ندم" إخراج الليث حجو، الذي نقل الواقع اليومي للقصف على دمشق (2016) وقصة عائلة تعيش جحيم الهجرة والفرقة وتنامي الحقد داخل المجتمع السوري.
يسأل الكتّاب في سورية: ماذا علينا أن نقدم؟ وهل تحولت الدراما الواقعية إلى تهمة؟ ربما هم على حق في سؤالهم، الذي يقلل من أهمية الحساب، في ظل سد الأبواب أمام الكتاب من قبل شركات إنتاج نافذة أخرى، لا تسعى إلّا إلى قصص الحب الخيالية التافهة، التي تعبق بها الشاشات والمنصات كل أيام السنة، وبالتالي يصبح الهروب إلى الألم اليومي الواقعي سبيلاً للهرب من ضعف الدراما الهزيلة، أو بعض الأعمال الدرامية المشتركة التي تعيق عمل الكتاب السوريين، وتعيدهم بمحتوى مشابه إلى موطنهم، وتؤمن لهم النجاح الجماهيري المطلوب.