ما دور الأميال الغذائية العالمية في ظاهرة الاحتباس الحراري؟

24 يونيو 2022
يمكن للحكومات المساعدة عبر بيئات تعزز الإمداد الغذائي المستدام (كوين فان ويل/ فرانس برس)
+ الخط -

قال باحثون إن 19 في المائة من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري، الناتجة عن نظام الغذاء العالمي، سببها وسائل النقل المستخدمة في نقل هذه المنتجات الغذائية من مناطق المصدر إلى مناطق التوزيع والاستهلاك. وهذا يصل إلى سبع مرات أعلى من ما كان مقدراً سابقاً، ويتجاوز بكثير انبعاثات النقل للسلع الأخرى. على سبيل المثال، يمثل النقل العام سبعة بالمائة فقط من انبعاثات الصناعة والمرافق.

في دراسة جديدة نشرت في 20 يونيو/ حزيران الحالي، في دورية نيتشر فوود، قال الباحثون إنه على وجه الخصوص بين الدول الغنية يجب أن يكون تناول الطعام المزروع والمنتج محلياً أولوية بالنسبة للفرد. وأوضحت المؤلفة الرئيسية للدراسة مينجيو لي، الباحثة في كلية الفيزياء في جامعة سيدني في أستراليا، أن التقديرات التي توصلت إليها الدراسة كشفت أنه بسبب عمليات النقل والإنتاج وتغير استخدام الأراضي، فإن أنظمة الغذاء العالمية تساهم بنحو 30 في المائة من إجمالي انبعاثات غازات الاحتباس الحراري التي ينتجها الإنسان. لذا، فإن نقل الغذاء يمثل نسبة كبيرة من إجمالي الانبعاثات.

وأضافت لي، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أن الانبعاثات الناتجة عن نقل الغذاء تضيف ما يقرب من نصف الانبعاثات المباشرة من إجمالي انبعاثات المركبات على الطرق.

قبل الدراسة الجديدة، كان معظم الاهتمام في أبحاث الغذاء المستدام ينصب على الانبعاثات العالية المرتبطة بالأطعمة المشتقة من الحيوانات، مقارنة بالنباتات، مثل أكل اللحوم وعلاقتها بزيادة انبعاثات غاز الميثان في الغلاف الجوي. تظهر نتائج الدراسة أنه بالإضافة إلى التحول نحو نظام غذائي نباتي، فإن تناول الطعام المصنع محلياً يعد أمراً مثالياً، خاصة في البلدان ذات الدخل المرتفع.

استخدم المؤلفون إطار عمل خاصا بهم يسمى FoodLab، وقدروا أن نقل الغذاء يتوافق مع قرابة 3 جيغا طن من الانبعاثات سنوياً، أي ما يعادل 19 في المائة من الانبعاثات المرتبطة بالغذاء. يشمل تحليلهم 74 دولة (المنشأ والمقصد)، و37 قطاعاً اقتصادياً، مثل الخضار والفواكه، والثروة الحيوانية، والفحم، والتصنيع، ومسافات النقل الدولية والمحلية.

في حين أن الصين والولايات المتحدة والهند وروسيا هي أكبر الدول المسببة لانبعاثات النقل الغذائي، فإن البلدان ذات الدخل المرتفع بشكل عام، من المساهمين غير المتكافئين. تشكل دول مثل الولايات المتحدة وألمانيا وفرنسا واليابان 12.5 في المائة من سكان العالم، ومع ذلك فهي تنتج ما يقرب من نصف (46 في المائة) انبعاثات النقل الغذائي. أما أستراليا، فكانت هي أكبر مصدر لانبعاثات النقل الغذائي، بالنظر إلى اتساع وحجم إنتاجها الأساسي.

تعتمد انبعاثات النقل أيضا على نوع الطعام، إذ تشكل الفاكهة والخضروات معاً مصدراً لأكثر من ثلث انبعاثات نقل الأغذية، نظرا لأن الخضار والفاكهة تتطلب وسائل نقل يتم التحكم في درجة حرارتها، لذلك كانت قيمة انبعاثاتها أعلى من الأغذية الأخرى.

على الرغم من اعترافهم بأن هذا السيناريو غير واقعي، لأن العديد من المناطق لا يمكن أن تكون مكتفية ذاتياً في الإمدادات الغذائية، فإن تنفيذه ممكن يمكن بدرجات متفاوتة. كما يمكن للدول الغنية أن تقلل انبعاثاتها من نقل الغذاء من خلال آليات مختلفة، وفق لي.

يشمل ذلك الاستثمار في مصادر الطاقة الأنظف للمركبات، وتحفيز الشركات الغذائية على استخدام أساليب إنتاج وتوزيع أقل كثافة في الانبعاثات، مثل المبردات الطبيعية. في هذا السياق، قالت لي: "يمكن لكل من المستثمرين والحكومات المساعدة من خلال خلق بيئات تعزز الإمداد الغذائي المستدام. لكن العرض مدفوع بالطلب، ما يعني أن المستهلك لديه القوة المطلقة لتغيير هذا الوضع. لذلك، إن تغيير مواقف المستهلكين وسلوكهم تجاه النظم الغذائية المستدامة يمكن أن يجني فوائد بيئية على أوسع نطاق".

المساهمون