يميل بعض الأطفال إلى اللعب بأمان، في حين أن البعض مجازفون. أظهرت دراسة جديدة أجراها باحثون في مختبر التنمية الاجتماعية والتعلم في جامعة في وسطن أن الأطفال من خلفيات اجتماعية واقتصادية مختلفة يتخذون قرارات مختلفة عند وضعهم في نفس الموقف الخطير.
في حين وضع علماء النفس نظرية مفادها أن ثروة الوالدين والوضع الاجتماعي قد يؤثران على تفضيلات مخاطر أطفالهم، فإن هذه الدراسة توفر أول دليل تجريبي يدعم هذا الافتراض، وفقاً للدراسة التي نشرت نهاية سبتمبر في مجلة Proceedings of the Royal Society.
يقول المؤلّف المشارك في الدراسة بيتر بليك، أستاذ علم النفس المشارك في جامعة بوسطن: "يميل معظم الناس إلى التفكير في قرارات الأطفال المحفوفة بالمخاطر كنتيجة لصفات سلبية أو أحكام سيئة. تظهر دراستنا أن البيئة الاجتماعية والاقتصادية تؤدّي دوراً في تشكيل تفضيلات المخاطر، وأن الأطفال يمكن أن يشاركوا في قرارات محفوفة بالمخاطر بطريقة عقلانية". ويضيف "بليك" في تصريح لـ"العربي الجديد" أنّ "الدراسة تقدم دليلاً على أن القرارات المحفوفة بالمخاطر في مرحلة الطفولة لا تعكس دائماً سوء الحكم أو الافتقار إلى ضبط النفس لدى الأطفال. قد يختار الأطفال المخاطر بعقلانية عندما يكون ذلك منطقياً في بيئتهم ويتجنّبون المخاطر عندما لا يكون كذلك".
يقول بليك إنه يأمل أن يتوقف الآباء والمعلمون وغيرهم ممن يرون طفلاً يتخذ قرارات محفوفة بالمخاطر، ليروا مثل هذه القرارات قد تكون منطقية في ضوء ظروف الطفل.
تستمد نظرية الحساسية للمخاطر التنموية التي تقوم عليها الدراسة الحالية أسسها من الملاحظات حول كيفية تصرف الحيوانات في مواقف البحث عن الطعام. تقترح النظرية أن الكائنات الحية النامية تتعلّم استخدام استراتيجيات مخاطر مختلفة بناء على توافر الموارد ومدى احتياجاتها. على سبيل المثال، من غير المرجّح أن يخاطر الثعلب الذي يتغذى جيداً بدخول منطقة خطرة لتناول وجبة كبيرة عندما تتوفر كمية صغيرة معينة من الطعام بسهولة. ومع ذلك، من المرجّح أن يأخذ الثعلب الجائع فرصاً لتناول عشاء كبير.
لاختبار التطبيقات البشرية لهذه النظرية، قام المؤلفان ببناء تجربة لمعرفة ما إذا كانت تفضيلات المخاطر للأطفال ستختلف حسب حالتهم الاجتماعية والاقتصادية وحجم المكافآت المقدمة. شارك في الدراسة عشرات الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 4 و10 سنوات، والتي أجريت في عدة مواقع بحثية في بوسطن الكبرى، بما في ذلك متحف العلوم. منح كلّ طفل الخيار لقبول عدد معيّن من الملصقات أو تدوير عجلة للحصول على فرصة 50/50 للحصول على المزيد من الملصقات، أو لا شيء على الإطلاق. بعد بعض جولات التدريب السهلة التي ضمنت فهم المشاركين للمهمة، مُنح الأطفال خيارات أكثر صرامة، بما في ذلك خيار المكافأة الكبيرة وخيار مكافأة صغيرة.
في أثناء مشاركة الأطفال في التجربة ملأ أولياء أمورهم نماذج ديموغرافية تضمنت أسئلة حول مستويات تعليم الوالدين ومستوى دخلهم. عندما حلل الباحثون بياناتهم، وجدوا أن الأطفال الذين ينتمون إلى عائلات ذات وضع اجتماعي واقتصادي منخفض كانوا أكثر عرضة للمخاطرة وتدوير العجلة في تجربة المكافأة الكبيرة مقارنة بالأطفال من العائلات ذات المكانة الأعلى. لم تحدث الحالة الاجتماعية والاقتصادية فرقاً كبيراً في تجربة المكافأة الصغيرة.
يوضح المؤلف المشارك في الدراسة: "الأطفال ذوو الوضع الاجتماعي والاقتصادي المنخفض اتبعوا النمط الذي تنبأت به النظرية. لقد تصرفوا مثل الثعلب الجائع. كانوا أكثر عرضة للمخاطرة للحصول على مكافأة أكبر، وعندما يتعلق الأمر بمكافأة ذات قيمة أقل، اختاروا خياراً معيناً حتى يحصلوا على شيء".
أظهرت الدراسة أيضاً أن الأطفال الذكور كانوا أكثر عرضة من الفتيات لاتخاذ قرارات محفوفة بالمخاطر، لكن الفروق بين الجنسين لم تؤثر على الأنماط الاجتماعية والاقتصادية التي كان الباحثون مهتمين بها. وأظهرت الدراسة عدم وجود فروق حسب العمر في تفضيل المخاطرة.