لعبة لوحية تثير جدلاً حول الفاشية في فرنسا

02 ديسمبر 2022
أعلنت المكتبة المسؤولة عن نشر اللعبة بيع كل النسخ منها (فيسبوك)
+ الخط -

طرحت FNAC، وهي سلسلة متاجر فرنسية لبيع المنتجات الإلكترونية والثقافية، لعبة لوحية جديدة، اسمها Antifa Le Jeu، صمّمها موقع إلكتروني شعاره "مناهضة الفاشية". وصدرت اللعبة عن المكتبة والمطبعة الفرنسية "ليبيرتاليا". حصل هذا في العاشر من نوفمبر/تشرين الثاني الماضي. بعد نحو 3 أسابيع، أعلنت "فناك" سحب المنتج من على رفوفها، بعد حملة استنكار لمضمون اللعبة وفكرتها. بعد يومين، تراجعت عن قرارها، وأعادت اللعبة إلى رفوفها: "بعد التحقّق، لم نجد أي شيء يمنع من التسويق لهذه اللعبة". ما الذي حصل؟ وما علاقة اليمين المتطرّف بالأمر؟ وكيف انعكس سحب المُنتج إيجابيّاً على أرقام المبيعات؟

قبل أن تسحب "فناك" اللعبة من موقعها الإلكتروني، كانت قد أرفقت الإعلان عنها بمقطع تعريفيّ: "لعبة لوحية لمُحاكاة وإدارة مجموعة محلية مناهضة للفاشية. سيُواجه اللاعبون الذين سيشكلون مجموعة انتهاكات اليمين المتطرف، وسيتخذون إجراءات لوقف الفاشية والتصدّي لها بأساليب مختلفة". حملت صورة غلاف اللعبة جملتين: "العنصرية، معاداة النساء والقومية... هذا يكفي!"، والأخرى: "ضدّ اليمين المتطرف... هيا بنا نلعب".

فكرة اللعبة تعود إلى القائمين على موقع "لا هورد"، وطبعتها ونشرتها مكتبة فرنسية مستقلة. وقرّرت "فناك" التسويق لها وعرضها للبيع في متاجرها، أسابيع قبل بدء احتفالات الميلاد ورأس السنة. هنا جُنّ جنون اليمين المتطرف في فرنسا. انطلقت حملة ضد اللعبة على وسائل التواصل الاجتماعي، وضدّ متاجر "فناك"، بعدما غرّد عدد من النواب والمُنتخبين المنتمين إلى اليمين المتطرف، مُستنكرين التسويق لهذا النوع من الألعاب.

ومن بين النواب الذين غردوا اعتراضاً، النائب الفرنسي غريغوار دو فورناس، المُستبعد لمدة 15 يوماً من الجمعية الوطنية بعد توجيهه كلاماً "عنصرياً" إلى زميل له. ليقوم، بعدها، حساب نقابة مفوضي الشرطة الوطنية، بنشر تغريدة تستنكر عرض المتجر اللعبة للبيع: "هل هذا لتسليط الضوء على مناهضي الفاشية، الذين يكسرون ويحرقون ويعتدون في المظاهرات؟". هكذا فُتح النقاش. وبعد الكثير من الضجة، وفي اليوم التالي، علّق الحساب الرسمي لمتاجر "فناك" على تغريدة نقابة مفوضي الشرطة، قائلاً: "نتفهّم أن التسويق لهذه اللعبة قد أساء إلى البعض من زبائننا. سنقوم بكل ما يلزم لسحب المُنتج في الساعات المُقبلة".

وهذا ما حصل. سحب المتجر اللعبة وتوقف عن التسويق لها. حرّك الفعل نواباً من الضفة المقابلة، أي اليسار الفرنسي، والكثير من ردود الفعل على وسائل التواصل الاجتماعي. المكتبة والدار المسؤولة عن نشر اللعبة أعلنت عبر تغريدة عن استنكارها لحملات الضغط والادّعاءات الكاذبة التي صدرت عن اليمين المتطرّف، بالشكل الذي اضطرّ المتجر إلى سحب المنتج: "لن تتمكّنوا من كمّ أفواهنا!". في الوقت نفسه، غرّد حساب مجموعة مستقلة معادية للفاشية في باريس، عبر حسابها على "تويتر"، مستغربة سحب "فناك" للعبة بينما يتركون على رفوف متاجرهم الكتاب الذي ألهم مُرتكب الجريمة العنصرية في نيوزيلندا عام 2019، بينما سلّط العديد من نواب اليسار الفرنسي الضوء على مجموعة من الكتب التي تعرضها هذه المتاجر للبيع، وهي كتب تدعو إلى العنصرية.

لكن، وكما كان متوقعاً، أعلنت، أخيراً، المكتبة المسؤولة عن نشر اللعبة عن بيعها كل النسخ منها. انفجرت المبيعات بشكل غير متوقع. "حصل هذا بفعل تضامنكم معنا... سنقوم بطباعة نسخ جديدة". بهذه الكلمات، أعلنت الدار المسؤولة عن النشر عن النجاح الذي حققته اللعبة بعد الحملة الإعلامية ضدّها.

الطبعة الأولى من اللعبة صدرت في سبتمبر/أيلول من عام 2021. وحسب ما نقلت وسائل إعلام فرنسية، حينها تمّ بيع الـ4 آلاف نسخة خلال ستة أسابيع فقط. وكانت الطبعة الأولى موجهة إلى مجموعات مناهضة للفاشية، واستُخدمت كأداة تعليمية وتدريبية لكيفية مواجهة الفاشية والعنصرية. وبعد النجاح الذي حققته، قرروا إعادة طباعتها مع بعض التعديلات لتتناسب مع شريحة أكبر وأوسع، فكانت هذه النسخة الجديدة التي أحدثت الجدل.

المساهمون