كيف نسيطر على التوتر والانفعالات في شهر رمضان؟
يزخر شهر رمضان بالفوائد الروحية والصحية، لكنّنا نشهد خلاله ظهور الكثير من السلوكيات الانفعالية والتغيرات المزاجية التي تنسب إلى أثر الصيام.
هناك أفكار ومعتقدات راسخة في الأذهان بأنّ الصيام يحفّز العصبية والانفعال، كما تحفز الالتزامات والأعباء المادية المرافقة للشهر الشعور بالضغط النفسي، في شهر من المفترض أن يكون مليئاً بالروحانية والمودة والتسامح.
تشدّد أخصائية الطب النفسي الدكتورة سنابل الأخرس في حديثها مع "العربي الجديد"، على أنّه لا توجد علاقة بين العصبية وشهر رمضان، وتقول: "صحيح أن العصبية شيء نراه خلال شهر رمضان، ولكن ليس لها علاقة به"، لأنّ المحرك الرئيسي للعصبية هو تغيير العادات.
بحسب الأخرس، نصير عصبيين بسبب انقطاعنا عن عادات معينة تعوّدنا عليها خارج شهر رمضان، الذي يأتي ليفرض أجندته، وليختار أوقات نومنا واستيقاظنا وطعامنا وشرابنا.
وهناك أشخاص، من مختلف الأعمار، يعتمدون على الطعام كملطف لمشاعرهم في حال كانوا يشعرون بالحزن أو بالملل.
أيضاً، يؤدّي تناول السكر إلى إفراز الدماغ مادة الدوبامين التي تشعر الإنسان بالسعادة، وهو ما يحرم منه جسمنا أثناء الصيام.
تشرح الأخرس: "نحن للأسف نعتمد على تناول كميات كبيرة من الطعام أو السكريات لتحسين مزاجنا، على حساب طرق أخرى أكثر صحية، ولكنها أصعب من ناحية التطبيق".
وتشير إلى أنّه من الناحية البيولوجية تزداد العصبية لدى الأطفال والرجال، فيما تملك النساء قوة تحمل أكبر.
السيطرة على الانفعال
شهر رمضان هو شهر تهذيب الأخلاق، وضبط النفس، لكن الكثيرين يبرّرون تصرفاتهم بعبارات مثل "هذه طبيعتي ويجب أن يتقبلني الناس كما أنا".
لكن، ترى الأخرس أن ذلك غير صحيح، وتشرح: "في حال وقوع حدث معين يستوجب ردة فعل انفعالية، فأمام الشخص 5 ثوان ليذكر مخه بأن ما حدث قد حدث ولا رجعة فيه، وبأنه أمام خيارين لردة فعله، إما استجابة تميل لتهدئة الأمور وتذكير نفسه بالثواب الذي يمكن أن يحصل عليه بكتمانه لغضبه أو أن يختار رداً يعقد الموقف ويفاقم التوتر".
كيفية التعامل مع الشخص العصبي
تنصح الأخرس بالتعامل مع الأشخاص العصبيين بهدوء، إذ يمكن أن يساهم ذلك في تهدئتهم، لكنّها تؤكّد أنّ هذا التأثير قد لا يكون لحظياً، وتشرح: "بعد انتهاء الموقف بفترة يمكن أن يجلس الشخص العصبي مع نفسه ويؤنبها على طريقة تعامله تلك، وتدريجياً يمكن أن يساهم ذلك في تغيير عادته.
في الوقت نفسه، تؤكّد الأخرس أنّه في حال لم ينفع الهدوء في التعامل مع الشخص العصبي، فإنّ ذلك لا يعني أنّ على الآخرين تحمل، وتقول: "يتوجب عليك أن تكون حاسماً وأن تقول صراحةً إنّك لن تقبل أن يتحدث أو يتعامل معك بهذه الطريقة، ومن ثم الانسحاب من المكان تجنباً لتفاقم الموقف".
التوتر
الشخص الذي يعاني من التوتر في رمضان هو شخص يعاني من التوتر بشكل عام بمعنى "لا يوجد شخص يعاني من التوتر فقط في رمضان، لأن الطبيعة تغلب".
يمكن أن يشعر الرجل بالتوتر خلال شهر رمضان بسبب زيادة الأعباء المادية المرافقة، كذلك المرأة يمكن أن تشعر بالتوتر بسبب زيادة المسؤوليات في هذا الشهر والتي يتوجب عليها إنجازها خلال فترة معينة.
لكن التخفيف من حدة التوتر مسؤولية الجميع لذلك يجب أن يجلس الآباء والأمهات مع أطفالهم لتذكيرهم وتذكير أنفسهم بأنّ الهدف من هذا الشهر ليس زيادة المدفوعات أو الأعباء على شخص بعينه وهو الأم غالباً، بل هو شهر روحاني بامتياز يتطلب من جميع أفراد العائلة التعاون في ما بينهم.
تنصح الدكتورة الأخرس بضرورة تجنب الوقوع ضحية للتوتر لفترة طويلة، لأنه يؤثر على الذاكرة وعلى تجدد خلايا المخ والجسم بشكل عام، كما أنّه يمكن أن يتحول على المدى الطويل إلى حالة اكتئاب.
آثار الصيام الإيجابية على الصحة النفسية:
بمجرد أن يتجاوز المرء ما بين 6 إلى 8 ساعات صيام، يكون جسمه قد استهلك كل السكر الموجود بداخله بما في ذلك مخزون الكبد، فيبدأ بتكسير الدهون في الجسم للحصول على الطاقة.
تنتج عن عملية تكسير الدهون مركبات تدعى الكيتونات، التي تؤدّي عند ازدياد كميتها في الجسم إلى دفع الدماغ لتشكيل مادة PDNF، التي تحمي من الاكتئاب والتوتر، وأيضاً تساعد على تجديد الخلايا العصبية وبالتالي تبدأ الخلية العصبية بالبحث عن اتصالات جديدة، وهذا يعني أداء أفضل للمخ.
تابع آخر أخبار العربي الجديد عبر Google News
