"كسر عضم 2": قصة غير مفهومة وثغرات كبيرة
- الجزء الجديد يشهد رتابة وبطء في الإخراج مقارنة بالجزء الأول، مع أخطاء إخراجية وتسليم أدوار رئيسية لممثلين ثانويين، مما أثر سلباً على جودة العمل.
- عرض المسلسل على "تلفزيون سوريا" أثار جدلاً واسعاً بين الناشطين السوريين، حيث اعتبر البعض أنه يساهم في تبييض صورة النظام السوري، مما أدى إلى حملة لمقاطعة القناة.
من الواضح أن هلال الأحمد ورند حديد كاتبي مسلسل "كسر عضم – السراديب" بجزئه الجديد، لم يمسكا بالخطوط التي رسمها كاتب الجزء الأول علي معين صالح، ومن الواضح أيضاً أن مخرج الجزء الحالي كنان اسكندراني لم يلتقط أبعاد بنية القصة وكيفية إخراجها بالشكل المناسب كما فعلت رشا شربتجي بالجزء الأول.
بعد مشاهدة ثلث العمل، لم تتوضح مسيرة الخطوط في قصة الجزء الحالي، ويبدو أن كاتبي الجزء الثاني من العمل الذي يعرض في الموسم الرمضاني الحالي ضاعا بين ما سيبقيان عليه من شخصيات وخطوط الجزء الأول وبين ما سيضعانه من خطوط وشخصيات جديدة للجزء الحالي.
عموماً، بدت شخصية العميد كنعان بديلاً لشخصية حكم الصياد في بطولة العمل، وفي حين كانت شخصية الحكم تتحرك وفق ضوابط درامية متوقعة وغير متوقعة في آن، بما يتوافق مع انضباط الشخصية من جهة والتشويق والصدمة من جهة أخرى، فإن شخصية العميد كنعان تبدو غير مفهومة السلوك بشكل كامل، وبالتالي تبدو طريقة تحركها وتفكيرها غير واضحة.
كذلك الحال بالنسبة للشخصيتين اللتين يلعبهما أحمد الأحمد وعبد المنعم عمايري، وهما جديدتان على الجزء الحالي، فلم يبرز لهما أي دور مفصلي في العمل سوى أن يكونا طرف أو طرفين في الصراع مع الكثير من الغموض، دون وجود مبرر لهذا الغموض أو الصراع من الأساس، أو حتى عرض أسبابه.
في مشاكل النص والقصة، يبدو الهدف من فتح خط لحي شعبي مع شخصيات جديدة واضحاً، وهو إبراز معاناة الناس المعيشية والاقتصادية والأمنية في العشوائيات والمناطق الشعبية، لكن الكاتبين كان بإمكانهما التطرق بسهولة لمثل هذه المسألة دون التشعب بخط جديد، واستهلاك سبع أو ثمان شخصيات رئيسية لهذه المسألة.
أيضاً فإن الرتابة التي غلفت القصة كان من المفترض أن يكسرها الكاتبان بانعطاف غير متوقع منذ الحلقة العاشرة على أبعد تقدير، وإن كانت قصة العمل كلها تدور حول بحث عدد من الشخصيات الرئيسية عن هارد ديسك مليء بالأسرار والأدلة، فإن إيجاده في الحلقة 18 من المسلسل لم يحدث الفرق الكبير في مجرى القصة، حتى الآن على الأقل.
من الناحية الإخراجية، بدا الجزء الحالي رتيباً وبطيئاً إلى حد كبير، مقارنة بالجزء الأول الذي حركت كاميراته رشا شربتجي بحرفية عالية، مع وضوح دورها في ضبط حركة الممثلين لتأدية الشخصيات كما رسمتها القصة، وكما تخيلتها شربتجي.
أما في السراديب، وهي الكلمة المضافة إلى عنوان "كسر عضم" بجزئه الجديد، فقد توضحت أخطاء إخراجية كبيرة علاوة على الإيقاع البطيء، فهناك شخصيات بدت رئيسية تمّ تسليمها لممثلين ثانويين لم يتمكنوا من الشخصيات ولم يظهروا بأداء جيد، ويضاف إلى ذلك أن بعض المشاهد والحوارات تمت بين شخصيات يلعبها ممثلو كومبارس أو من الدرجة الخامسة، وهؤلاء لا يستطيعون حمل مشهد بمفردهم في حال لم يكن هناك نجم أو ممثل بارع يعوّض عن ضعف أداء الشخصية المقابلة.
من الأخطاء الإخراجية أيضاً عدم الدقة في التركيز على أشكال الممثلين، حتى وإن كانوا كومبارس، عند اختيارهم لأداء الشخصيات، فمن غير المعتاد أن نرى في سورية مديراً عاماً أو مسؤولاً كبيراً بعمر 30 عاماً، ولو افترضنا أن ذلك حدث، فإن الشكل والظهور والهندام مضبوط بشكل أو بآخر، وليس كما ظهر في السراديب، مثلاً شخصية بلال عندما يدخل لمكتبه ستظنه رئيس عصابة من خلال مظهره، قبل أن يتضح أنه تسلم للتو منصباً مهماً بالدولة، وهو شاب لم يتجاوز الثلاثين.
ربما نفاجأ في ما بعد بانعطاف جديد أو بتحسن إيقاع العمل بطريقة أو بأخرى، مع أن ذلك غير متوقع بناء على ما تم عرضه حتى الآن، لكن، حتى لو حدث ذلك، فإن ثلثي المسلسل سيبقى محط انتقاد لضعفه، بغض النظر عما سيقدمه في بقية حلقاته.
بعيداً عن النقد الفني لـ"كسر عضم 2"، فقد أثار عرضه على شاشة "تلفزيون سوريا"، القريب من المعارضة والتابع لمؤسسة فضاءات ميديا ومقرها الدوحة، حفيظة عدد كبير من الناشطين السوريين ومتابعي وسائل التواصل الذين اعتبروا أن عرض العمل المنتج في المكنات التقليدية المنتجة للدراما السورية في دمشق خطأ كبيراً لم يكن على "تلفزيون سوريا" الإقدام عليه، لا سيما أنه من الوسائل الإعلامية الكبرى المنحازة للثورة السورية.
وكمنت الأسباب التي استند إليها المنتقدون في كون العمل يحمل على عاتقه، بشكل أو آخر، عملية تبييض ساحة النظام، أو على الأقل رأس هرمه من خلال الدراما.
هذا الشكل من الأعمال الدرامية ظهر بشكل مكثف فعلاً في الآونة الأخيرة، لا سيما بعد اندلاع الحراك المناهض للنظام في سورية، أي بات المتابع للدراما السورية يرى في كل موسم تقريباً عملاً يصوب على الفساد وجزء بسيط من الانتهاكات والتجاوزات. ثم يظهر متولي القيادة أو أعلى هرمها بدور المصلح غير الراضي عن الفساد أو التجاوزات، وتلك أعمال باتت تعرف بمسلسلات "تبييض الطناجر"، المكشوف وغير المقبول من قبل جمهور المعارضة والموالاة على حد سواء.
وردّ مدير "تلفزيون سوريا" بمنشور مطول، برّر فيه عرض "كسر عضم - السراديب"، لكن التبرير لم يوقف الحملة، بل على العكس، وصلت الانتقادات إلى إطلاق حملة لمقاطعة التلفزيون لإقدامه على بثّ المسلسل.