قلق سياسي ونقابي من أوضاع الصحافة والإعلام في الجزائر

05 مايو 2022
تعاني الصحافة الجزائرية من تراجع هامش الحريّات (بلال بنسالم/Getty)
+ الخط -

عبّرت أحزابٌ سياسيةٌ معارضةٌ ومواليةٌ في الجزائر عن قلقها من الأوضاع التي تشهدها الصحافة في البلاد، في ظلّ تراجعٍ لافتٍ لهوامش الحريّات الإعلاميّة وتردّد السلطات في إصدار قانون الإعلام وقانون السمعي البصري وقانون الإعلام الإلكتروني.

بعد يومٍ واحد على اليوم العالمي لحريّة الصحافة، أصدرت "حركة مجتمع السلم"، وهي كبرى الأحزاب المعارضة في البرلمان، بياناً، مساء أمس الأربعاء، عبّرت فبه عن قلقها البالغ من "التراجع الكبير في حريّة الرأي والتعبير وحقوق الإنسان في الجزائر"، معتبرةً أنّه "نتيجة حتميّة لعدم التزام السلطات السياسيّة والأمنيّة بمعايير الحكم الراشد، والتوسُّع المفرط في استخدام تقنيات الرقابة والمتابعة للصحافيّين والسياسيّين والنشطاء الحقوقيّين".

كما حذّرت من "التأثير السلبيّ الكبير لوسائل الرقابة الحكوميّة على حريّة الصحافة، وحريّة التعبير، وحجم التحدِّيات والتهديدات التي تواجه الصحافيين، مما انعكس سلباً على حياتهم المهنيّة"، وفق البيان.

وأدانت الحركة "التراجع في الشفافيّة، وخطر الهيمنة الحكوميّة على وسائل الإعلام العموميّة، والضغوط الممارَسة على وسائل الإعلام الخاصة، والتي أدَّت إلى التراجع الرهيب في الدور الرقابي لها على الشأن العام".

وطالبت أيضاً بسنّ قانون الصحافة المكتوبة والإلكترونيّة، وقانونٍ جديدٍ للسمعي البصري "من أجل التأسيس لسياسة إعلاميّة وطنيّة شاملة، تنهض بواقع الإعلام والإعلاميّين، وتساهم في تجسيد المكتسبات الدستورية لحرية الرأي والتعبير، والحق في المعلومة، واحترام الخصوصية".

من جهتها، طالبت "حركة البناء الوطني" بـ"توفير المزيد من الضمانات لحماية الصحافيين والإعلاميين من التحرشات أو المضايقات أو التضييق عليهم أو الأحكام التعسّفية التي قد تطاولهم، وإيلاء اهتمام خاص بظروفهم الاجتماعية والمهنيّة من خلال توفير بيئة عملٍ وظروف اجتماعيّة ومهنيّة مناسبة ومحفّزة، تقابل تضحياتهم وجهدهم الوطنيّ الهام، بما يعزّز قدرتهم على الاستمرار في العمل والقيام بواجباتهم المهنيّة"، وفق بيان لها.

كذلك، شدّدت الحركة التي تشارك في الحكومة والحزام النيابي، على "الإسراع بالإفراج عن مشروع القانون العضويّ الجديد للإعلام وقانون السمعي البصري، بما يكفل حرية الرأي والتعبير ويضمن الحريات الفردية والعامة"، وأن "يراعي قانون الإعلام الجديد الذي تعمل الحكومة على صياغته في الوقت الحالي وعلى تعزيز المكتسبات وبخاصة ما يرتبط بحرية الصحافيين ودعم حقهم في الوصول الى المعلومة، في إطار النهج الديمقراطي الذي أقرّته التعديلات الدستورية، وتوزيع عادل للإشهار العمومي بين مختلف وسائل الاعلام، العمومية والخاصة، وتجسيد مبدأ الشفافيّة والموضوعيّة والإنصاف".

في السياق نفسه، كتب جلال بوعاتي رئيس تحرير صحيفة "الخبر"، أكبر الصحف الصادرة في الجزائر، افتتاحيةً يشرح فيها وضع الصحافة، وحجم الضغوطات والمفارقات الكبيرة التي يعيشها قطاع الإعلام، موثقاً: "بين الخطاب والواقع هوّة واسعة، باستثناء إسقاط سجن الصحافي من قانون العقوبات، والصحافيّون يصطدمون يوميا بقرارات تصدر بطريقة غير رسميّة في غرف مظلمة، تحذّرهم من عواقب الاقتراب من ملفات تصنف على أنّها حساسة وتمسّ بالمصلحة الوطنية، مثلما صار الحال مع الجرائم الاقتصادية، أو انتقاد سياسة الحكومة، أو فتح الباب أمام المعارضة والنقابات للإدلاء بمواقفها وآرائهم في وسائل الإعلام المختلفة".

كان المجلس الوطني للصحافيّين في الجزائر (نقابة مهنية) قد نشر بمناسبة اليوم العالمي للصحافة، تقريراً تطرّق فيه إلى "الأوضاع الصعبة التي يعيشها الصحافيّون والمؤسّسات الإعلاميّة، والتي أدت إلى فقدان المئات من الصحافيين والعاملين في قطاع الإعلام لوظائفهم". يضاف إلى ذلك توقف وإيقاف عددٍ من المؤسّسات الإعلاميّة لأسباب متعدّدة، على غرار صحيفة "ليبرتي" التي أغلقت مؤخراً، إلى جانب استمرار ما وصفه بـ"الغموض القائم" حول قانونيّ الإعلام والسمعي البصري الذي أعلن الشروع في تعديلهما منذ أكثر من سنة، لكن لم يصدر أيّ قانون ولم تطرح أيّ مسودة من القانونين للمناقشة.

وانتقد المجلس "عدم تفعيل قرار رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون بإعطاء المواقع الإلكترونيّة حقّ الاستفادة من الإشهار العموميّ على غرار باقي وسائل الإعلام الوطنيّة"، إضافةً إلى "تواصل معاناة الصحافيّين في المواقع الإلكترونيّة والتي تعدّ من أصعب حالات عدم الاستقرار المهنيّ بسبب استمرار عدم وضوح الإطار القانوني الذي يؤطّر عمل هذه المواقع".

كما لفت إلى "معاناة الصحف من ضعف عائدات الإشهار، ما أدّى الى تقليص كتلة أجور الصحافيين وتخلي العديد من المؤسسات عن الصحافيّين أو تقليص رواتبهم".

المساهمون