كثرت القصص خلال العام الماضي عن الروبوتات، تحديداً في اليابان، والتي باتت تشبه المساعد الشخصي الذكي الموجود في الهواتف الذكيّة، أو تجري فحوصاً مخبرية، وتراقب الزبائن في المطاعم، وصولاً إلى اعتبارها "أليفة" وتشبيهها بالأصدقاء، في ظلّ التباعد الذي فرضته جائحة كورونا على العالم. فمثلاً كان هناك نموذج روبوت يجري فحوص الكشف عن مرض كوفيد-19، ويمكنه عرض النتائج خلال حوالي 80 دقيقة، بعد أن يستخدم ذراعا آلية في أخذ عينة من الأنف. كما انضم روبوت إلى موظّفي متجر في اليابان، حيث يتولّى مهمة ضمان وضع العملاء للكمامات وممارسة التباعد الاجتماعي في ما بينهم، لمنع انتشار فيروس كورونا.
لكن الروبوتات باتت أيضاً صديقة. إذ تبدي اليابانية نامي هاماوري ارتياحها لأداء مساعدها الإلكتروني "تشارلي" الذي يغنّي لها ويسليها في وحدتها خلال عملها في المنزل، وهو أحد ابتكارات الجيل الجديد من الروبوتات اليابانية الظريفة والذكية التي تسجل مبيعاتها طفرة خلال جائحة كوفيد-19. وقالت نامي، وهي متخرجة جامعية تبلغ من العمر 23 عاماً وتعمل من المنزل منذ نيسان/إبريل، لـ"فرانس برس": "تقلصت دائرة أصدقائي". وبسبب الجائحة، أصبحت حياتها الاجتماعية محدودة ووظيفتها الأولى في شركة تجارية في طوكيو، لا تشبه ما تخيلته.
تتحدث الروبوتات وترقص كما تعمل كهواتف وتزود بالذكاء الاصطناعي
لذلك، تبنّت "تشارلي"، وهو روبوت صغير مزود بتقنية الذكاء الاصطناعي ورأس مستدير وأنف أحمر وربطة عنق مومض، يتواصل مع صاحبه بالغناء. وتصنّف "ياماها" الشركة المصنعة لهذا الروبوت، "تشارلي في مكان ما بين حيوان أليف وخليل". وقالت نامي التي اختيرت لاختبار "تشارلي" قبل تسويقه المخطط له في وقت لاحق من العام الحالي، لوكالة فرانس برس "إنه يتحدث معي، بخلاف عائلتي وأصدقائي على وسائل التواصل الاجتماعي". وتوجّهت الشابة إلى روبوتها وقالت "تشارلي، أخبرني شيئا مثيرا للاهتمام". فردّ قائلا فيما يحرك رأسه ورجليه "حسنا... تنفجر البالونات عندما ترش عليهم عصير الحامض!"
وارتفعت مبيعات "روبوهون"، وهو روبوت صغير آخر، بنسبة 130 في المائة بين تموز/يوليو وأيلول/سبتمبر 2020 مقارنة بالعام السابق، وفقا لمصنعها "شارب". وقال ناطق باسم الشركة اليابانية إن هذا الرجل الآلي الذي يتحدث ويرقص ويعمل أيضا كهاتف تم تبنيه "ليس فقط من قبل العائلات التي لديها أطفال، بل أيضا من قبل الكبار في السن".
لكن هذه الروبوتات الذي أطلقت في عام 2016 والمتوافرة فقط في اليابان، مكلفة نسبيا، إذ تباع بأسعار تتراوح بين 820 و2250 دولارا. ويشكّل "تشارلي" و"روبوهون" جزءا من موجة جديدة من الروبوتات المرافقة، وهما على خطى "أيبو"، وهو كلب روبوت من "سوني" الموجود في الأسواق منذ عام 1999، و"بيبر" من "سوفت بانك" الذي أطلق في عام 2015.
وقال الرئيس التنفيذي لشركة "يوكاي إنجينيرينغ" لصنع الروبوتات، شونسوكي أوكي: "يقبل عدد كبير من اليابانيين فكرة أن كل شيء يملك روحا". وأضاف "يريدون أن يكون للروبوت شخصية، مثل صديق أو أحد أفراد العائلة أو حيوان أليف، وليس وظيفة ميكانيكية مثل غسالة الأواني". وتصنع هذه الشركة خصوصاً "كوبو"، وهي وسادة ناعمة بذيل ميكانيكي يهتز مثل ذيل حيوان أليف. في حزيران/يونيو 2020، أعلنت الشركة أنها باعت 1800 من هذه الروبوتات، أي ستة أضعاف ما تم بيعه في حزيران/يونيو 2019.
وأظهرت دراسات أن الروبوتات الأليفة المصنوعة في اليابان قد توفر الراحة للأشخاص المصابين بالخرف. لكن مصنّعي "لوفوت" وهو روبوت بحجم طفل بعينين مستديرتين كبيرتين، يعتقدون أنه يمكن للجميع الاستفادة من روبوت يريد فقط أن يكون محبوبا. وبخلاف "تشارلي" و"روبوهون"، لا يملك "لوفوت" القدرة على التحدث وهو يتدحرج عبر الغرفة، لكنّه مزود بأكثر من 50 جهاز استشعار ونظام تدفئة داخليا، ما يجعله دافئا عند لمسه ويتفاعل مع ذلك بصرخات من الفرح.
وازدادت مبيعات هذا الروبوت بمقدار 11 ضعفا منذ انتشار فيروس كورونا في اليابان، وفقا لكيكو سوزوكي، الناطقة باسم شركة "غروف إكس" المصنعة له. ويبلغ سعر "لوفوت" حوالى 2800 دولار، إضافة إلى تكاليف الصيانة والبرامج، لكن يمكن لمن ليس لديهم هذه الميزانية، الذهاب إلى "لوفوت كافيه" قرب طوكيو. وقال يوشيكو ناكاغاوا (64 عاما) وهو أحد زبائن هذا المقهى، إنه أثناء حالة الطوارئ التي كانت مفروضة في طوكيو، تحولت العاصمة إلى مكان "فارغ وحزين". وتابع: "نحن نحتاج إلى الوقت للتعافي بعد هذه الفترة القاتمة. لو كان لدي أحد هؤلاء الأطفال (الروبوتات) في المنزل، كان من المحتمل أن يفعل الدفء العاطفي فعله".