"فاي": هل يلخّص فيلم امرأة بهذا التعقيد؟

11 اغسطس 2024
فاي دوناوي في "بوني وكلايد"، 1967 (Getty)
+ الخط -

مُستَندةً إلى كتفِ المخرج الفرنسي لوران بوزيرو (62 عاماً) مَشت ديفا هوليوود وأيقونتها الحيّة فاي دوناوي (83 عاماً) مُتألقة كعادتها على السجادة الحمراء في مهرجان كانّ في دورته السابعة والسبعين، تستقبل التهاني وتُلتقط لها الصور.
دوناوي ضيفة دائمة في المهرجان، لكن هذه السنة كانت مختلفة، حيثُ عُرضَ الفيلم الوثائقي FAYE الذي يتناول قصة حياتها، من إنتاج شركة Amblin Entertainment وHBO وإخراج بوزيرو في قسم كلاسيكيات "كانّ".

العمل يُلقي نظرة حميمية على إحدى أهم مرتكزات صناعة السينما الأميركية، فنتابع خلاله دوناوي وهي تَروي تأملاتها الشخصية حول الكلاسيكيات الخالدة التي قدمتها وأشعلت بسببها محادثات ثقافية لم تنتهِ حتى اليوم، وبصمتها في تحديد ماهية السينما الأميركية لعقودٍ قادمة، كفيلم "بوني وكلايد" (1967ــ إخراج آرثر بن)، وفيلم "الحي الصيني" (1974 ــ إخراج رومان بولانسكي)، وفيلم "شبكة الأخبار" (1976 ــ إخراج سيدني لوميت)، الذي فازت بعده بجائزة أوسكار أفضل ممثلة عن دورها فيه.

هذه النقاط لا مجال لتجاهلها في قراءة تاريخ هوليوود تحديداً، وقراءتها من وجهة نظر دوناوي، كأحد العناصر الأساسية في هذه الأعمال، تجربة فريدة ولها خصوصيتها. في "بوني وكلايد" تعاملت دوناوي مع طاقم ذكوري بامتياز، وكان العمل انعكاساً للأزمة الأخلاقية في أميركا الشمالية. بعدها عصفت النقاشات النسويّة حول مستويات الضغط التي لا تحتمل على النساء في هذه المهنة.

دورها المكيافيللي في فيلم "شبكة الأخبار" أكمل النقاش الجامح حول استقلالية المرأة في الستينيات والسبعينيات وشكل الاقتصاد وحياة الفرد البائسة والحلم الأميركي. في صباح اليوم التالي لتسلّمها جائزة أوسكار عن دورها في الفيلم، أيقظها المصور الإنكليزي تيري أونيل في السادسة صباحاً، وطلب منها أن تجلس بجانب حمام السباحة للفندق الذي تقيم فيه في بيفرلي هيلز، بعثر نسخات الصحف العالمية لذاك اليوم على الأرض، مطبوعاً على صفحاتها الأمامية صورتها مع الجائزة، فوضع تمثال الرجل الذهبي الأصلع على الطاولة بجانبها، والتقط لها 12 صورة، إحداها كانت أفيش لفيلم FAYE وأيقونة لا تنسى في تاريخ السينما وذروة حياة دوناوي.

منذ اللحظة التي تدربت فيها فاي على يد المخرج إيليا كازان، فقدت السيطرة على روايتها الشخصية، فوضعت طفولتها في صندوقٍ محكم الإغلاق وانطلقت في حياتها، تروي أن تلك الطفلة الجنوبية الجميلة كُتِبت خارج النص ونسيها الجمهور، تلك الطفلة بلا جذور ورثت عن أبيها إدمان الكحول والتنقل الدائم، ما أجبرها على وضع مسافة دائمة بينها وبين الآخرين كي لا تتعلق بأحد وهي في انتظار الانتقال المحتوم. ولتتناسب شخصيتها مع وظيفتها اضطرت إلى خلق بيرسونا جديدة أسمها فاي وقلة في الكوكب لا يعرفونها.

بعد مجموعة من العلاقات التي لم تتطرق إليها في الحديث، كانت إحداها مع الساحر الإيطالي مارشيللو ماستروياني، الذي حطم قلبها، تزوجت دوناوي أونيل المصوّر، تبنيّا طفلاً أسمياه ليام، وكان له حضور طاغٍ في العمل. تحدث طويلاً عن أمه وتقلباتها المزاجية بسبب ثنائي القطب وإدمانها الكحول.

للعمل بنية وثائقية تقليدية مع ضيوف غير تقليديين، الإضافة المميزة للفيلم كانت دوناوي نفسها. تحدث ميكي رورك وشارون ستون عن علاقتهما بها. نرى أيضاً الناقد السينمائي مايك هاريس وروجر إيبرت والمخرج يرزي شاتزبرج، مضافاً إلى كل ذلك أرشيف هائل من الصور والمشاهد الأيقونية واللقطات الأرشيفية.

تضيع فاي في بعض الأحيان في بنية نصيّة غير متماسكة وإيقاع سريع، إذ يبدو أن المخرج يقدم العمل احتفالاً بدوناوي نفسها، إذ تقنياته لا تسمح إلا باستكشاف سطحي لهذه الأيقونة. بمعنى آخر، تلخيصٌ إعلامي، وليس رحلة تحليلية، حيث كان الرد الوحيد على أطنان مطبوعات الصحافة الصفراء التي تناولت دوناوي واستعلاءها وتعاملها القاسي مع طواقم العمل بأنها مصابة باضطراب ثنائي القطب.

المساهمون