صحافيون مغاربة بعد الإفراج عنهم: لا يزال الطريق طويلاً

12 اغسطس 2024
عمر الراضي خلال الفعالية التي عقدتها الجمعية المغربية لحقوق الإنسان في الرباط (فرانس برس)
+ الخط -

ندّد الصحافيون توفيق بوعشرين وسليمان الريسوني وعمر الراضي، المفرج عنهم بعفو ملكي قبل أسبوعين، باعتقالهم لسنوات في قضايا اعتداءات جنسية، وطالبوا السبت بالإفراج عما تبقى من "معتقلين سياسيين" في المغرب. قضى الصحافيون الثلاثة المعروفون بانتقاداتهم للسلطات ما بين أربعة وستة أعوام في السجن قبل الإفراج عنهم بعفو من الملك محمد السادس لمناسبة الذكرى الـ25 لاعتلائه العرش في 30 يوليو/ تموز الماضي، شمل أكثر من ألفي معتقل.

وجددوا، السبت، رفض التّهم التي أُدينوا بها، وذلك خلال حفل لتكريمهم بادر إليه ناشطون حقوقيون في مقر الجمعية المغربية لحقوق الإنسان في الرباط. من جهتها، ظلت السلطات المغربية تؤكد أنهم حوكموا في قضايا حق عام "لا علاقة لها" بحرية التعبير.

وإلى جانب الصحافيين الثلاثة، نال كل من المدوّنين رضا الطاوجني ويوسف لحيرش العفو الملكي بمناسبة عيد العرش، في حين شملت لائحة المستفيدين أيضاً مجموعة أخرى مدانة قضائياً في حالة إطلاق سراح، ويتعلق الأمر بكل من عماد استيتو، وعفاف برناني، والحقوقي المعطي منجب، وهشام منصوري، وعبد الصمد آيت عيشة. وبين المستفيدين من عفو ملك المغرب، البالغ عددهم 2476 شخصاً، وفق بيان لوزارة العدل، 16 مداناً بمقتضيات قانون مكافحة الإرهاب، وذلك بعد إعادة تأهيلهم من خلال برنامج "مصالحة" وقبولهم بإجراء مراجعات فكرية تنبذ التطرف واللجوء إلى العنف.

وقال الصحافي والناشط الحقوقي عمر الراضي (38 عاماً) خلال الحفل: "كنت أقول ربما لن يكون هناك تضامن لأن الهدف كان تكسير التضامن، لكنني فوجئت جداً، وأشد على أيديكم. هذه التهمة لم يصدقها أحد ما قيمة جهاز قضائي لا يصدقه أحد؟". اعتقل الراضي في العام 2020، ليحكم عليه بالسجن ستة أعوام في قضيتي "اعتداء جنسي" و"تجسس". وأضاف: "لم أشعر أبداً بالعزلة، لأنني كنت أعرف أن هناك وسطاً كبيراً، محركه والدتي ووالدي اللذان رفضا جميع الضغوط والمضايقات... واعتبرا اعتقالي فضيحة صادمة وغير مقبولة يجب مواجهتها". وأكد: "اعتقلنا باستعمال طرق قذرة".

بدوره، ندد سليمان الريسوني (52 عاماً) باعتقاله قائلاً: "للأسف لا يزال الطريق أمامنا طويلاً، أعتقد، ليس فقط للإفراج عن المعتقلين السياسيين، لكن لبناء أسس الدولة التي تضمن الحد الأدنى من الحق والقانون ولا يتكرر فيها هذا التعسف القاسي والظالم". وأوقف بدوره العام 2020، ليحكم عليه بالسجن خمسة أعوام في قضية "اعتداء جنسي". وشدد السبت على أولوية "وقف صحافة التشهير". من جهته، قال توفيق بوعشرين (55 عاماً): "ليس السجن، على هوله، أسوأ ما تعرضنا له لسنوات طالت... بل التشهير اليومي بنا". وحيّا "صمود" المتضامنين معه و"المبادرة الملكية النبيلة"، معرباً عن أمله في أن تتسع "لتصير عنوان مرحلة، وبداية جديدة لانفراجة حقيقية في السياسة كما في الصحافة".

في المقابل، اعتبرت الجمعية المغربية لحقوق الضحايا التي تدافع عن الشاكين في القضايا الثلاث، في بيان عقب صدور العفو الملكي أنه "لا يعني بأي حال من الأحوال براءتهم مما أدينوا من أجله من جرائم جنسية ولا يمس بحقوق الضحايا المدنية". ووصفت الجمعية العفو الملكي حينها بأنه "خطوة تعكس الحكمة والتفهم العميق للظروف الإنسانية والاجتماعية".

وشدد الصحافيون الثلاثة، في الحفل الذي حضره أيضاً ناشطون آخرون أفرج عنهم، على المطالبة بالعفو عمن تبقى من "معتقلين سياسيين". وخصوا بالذكر ثمانية من ناشطي حراك الريف، الحركة الاجتماعية التي هزت شمال المملكة بين 2016 و2017، أبرزهم ناصر الزفزافي ونبيل أحمجيق المحكومان بالسجن 20 عاماً، لإدانتهما بتهم عدة بينها "التآمر للمس بأمن الدولة". ومن بينهم أيضاً المحامي المعارض ووزير حقوق الإنسان سابقاً محمد زيان (82 عاماً) المعتقل منذ أواخر 2022، لإدانته بالسجن ثلاثة أعوام في قضايا جنائية، وخمسة أعوام في قضية جديدة تتعلق "باختلاس وتبديد أموال عمومية" في 20 يوليو/ تموز.

يذكر أن المغرب احتل المركز 129 من أصل 180 دولة في تصنيف حرية الصحافة لعام 2024 الذي تعده منظمة مراسلون بلا حدود، بعد أن كان في المركز 144 العام الماضي. لكن المنظمة نبهت إلى أنه "إذا كان المؤشر السياسي قد ارتفع (تحسن) في المغرب، فذلك مردُّه أساساً لعدم وجود اعتقالات جديدة، لكن هذا لا يمكن أن يقلل من هول دوامة القمع الجاثم على صدور الفاعلين الإعلاميين، والذي يتّخذ شكل الملاحقات القضائية بالأساس".

(فرانس برس، العربي الجديد)

المساهمون