يلفت الفلسطيني محمود الخور من حي الصبرة وسط مدينة غزة أنظار المارة وهو يتجول بين أحياء ومحافظات القطاع بسيارته القديمة من نوع (فيات 1100) والتي تعد من أقدم السيارات الموجودة في القطاع حيث يعود تاريخ تصنيعها إلى عام 1959.
الكثير من التساؤلات توجهها أنظار وألسنة الناس للمواطن الخور (39 عاماً) الذي يمتلك هذه السيارة، وهو يشير في حديث مع "العربي الجديد" إلى أنّه اشتراها منذ عدة أعوام من رجل مسن كان قد حافظ عليها في كاراج خاص.
أمام منزله ووسط شارع المغربي وسط حي الصبرة في المدينة، كانت متوقفة سيارة المواطن الخور التي يطلق عليها السيارة الأثرية، وقد بدأ تشغيلها بطريقة مغايرة للطرق التقليدية لتشغيل السيارات الأحدث منها بإجراءات عديدة تستمر لدقائق معدودة قبل أن يقوم بتحريكها من مكانها.
ويستبعد المواطن الفلسطيني، أنّ يقوم ببيع هذه السيارة ويعتبرها جزءاً من تراث أجداده، إذ كان جده يمتلك سيارة من نفس النوع قبل عشرات السنوات، معللاً أنّ السيارة لا تعاني من أي مشاكل في التشغيل أو الحركة وتقوم بدورها كمركبة للاستخدام الشخصي له ولأهله.
وتزاحم السيارات القديمة في شوارع قطاع غزة السيارات الحديثة التي يفضلها الناس خاصة في المواصلات العامة، وينقسم مالكو السيارات القديمة في قطاع غزة إلى قسمين أحدهما يتخذها كقطعة أثرية وحباً في اقتناء القديم منها، أما الصنف الآخر ويشكل شريحة أوسع من الأولى حيث تعد السيارات القديمة مصدر رزق ثابت لهم في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة التي تحرمهم من اقتناء سيارات حديثة.
وهو ما ينطبق على حالة المواطن نعيم الحمامي (55 عاماً) الذي يعمل لساعات طويلة على سيارته من نوع آودي موديل 1985، مؤكّداً لـ"العربي الجديد" أنّ هذه السيارة القديمة رغم وضعها الصعب إلا أنّها تمثل مصدر رزق ثابت له ولأولاده الذين يعمل على إعالتهم بالعمل لساعات تفوق قدرته وتحمله الجسدي ليعود لهم بشواكل معدودة تمنعهم من مد أيديهم إلى الناس في ظل ما يعيشه القطاع من ظروف اقتصادية صعبة.
ووفق آخر الإحصائيات الرسمية فإنّ إجمالي السيارات الموجودة في قطاع غزة تفوق 80 ألف سيارة، وهو رقم كبير مقارنة بحجم السكان والمساحة الجغرافية الضيقة للقطاع.
وفي السياق؛ يقول المتحدث باسم وزارة النقل والمواصلات في غزة خليل الزيان لـ"العربي الجديد" أنّ قوانين وزارته تفرّق بين السيارات الأثرية والسيارات القديمة، مبيناً أنّ عملية الإتلاف للسيارات الهالكة من السيارات القديمة تتم بشكل شبه يومي.
وأوضح الزيان أنّ قوانين وزارة النقل والمواصلات لا تسمح بإتلاف أي سيارة قديمة مهما كانت حالتها إلا إذا كانت بحالة الهالكة وتشكل خطراً على حياة المواطنين بشكلٍ عام، مبيناً أنّ كثيرا من المواطنين لجؤوا مؤخراً إلى استبدال سياراتهم القديمة بأخرى حديثة بعد تيسر عمليات الشراء للسيارات بطريقة التقسيط وغيرها.
وتعمل في قطاع غزة أكثر من 250 شركة متخصصة في استيراد السيارات الحديثة تقوم غالبيتها بتقسيط مبالغ السيارات على غير المقتدرين على الدفع نقدا وفق اتفاق معين بين السائق والمشتري.
وأشار المتحدث باسم وزارة النقل والمواصلات، إلى أنّ وزارته تقدر حالة كثير من المواطنين الذين يعتاشون من سياراتهم القديمة، ولكنها تطالبهم بإجراء الفحص الدوري لمركباتهم حتى لا تشكل خطراً على حياتهم وحياة المواطنين بشكلٍ عام. ووفقاً لقانون المرور رقم (5) لعام 2000، فإنّه ينص على أنه لا يجوز إتلاف أي مركبة ما دامت حالتها تسمح لها بالسير على الطرقات.