"سيب وأنا أسيب":دراما في بيت الطاعة

28 اغسطس 2023
المسلسل مؤلف من 10 حلقات فقط (شاهد)
+ الخط -

قبل أيام، انتهى عرض مسلسل "سيب وأنا أسيب" على منصة "شاهد". أثار العمل منذ حلقته الرابعة جدلاً واسعاً في الشارع المصري، بسبب كثرة الشتائم المستخدمة فيه؛ ما دفع "شاهد" إلى استخدام تقنيات التشويش الصوتي للشتائم في الحلقات اللاحقة. 
المسلسل المؤلف من 10 حلقات (تأليف رنا أبو الريش وإخراج وائل إحسان) تلقى اتهامات مختلفة، بينها "عدم ملاءمته لأفراد الأسرة المصرية". وما زاد الطين بلة، كانت تصريحات الكاتبة أبو الريش التي نفت أن يكون نصها الأساسي قد تضمّن أية شتائم، ما أعاد موجة الانتقادات إلى الواجهة، لكن هذه المرة ضد المخرج والممثلين.
لكن في الحقيقة، فإن مشاكل "سيب وأنا أسيب" أكبر من أزمة الشتائم وما ترتب عنها من ردات فعل، بل إن التعديلات على النص ليناسب فئة معينة من المشاهدين طبيعية، كون العمل رومنسياً غير مناسب أساساً للأطفال، وليس مسلسلاً لمختلف أفراد العائلة. المشكلة الحقيقية في العمل مرتبطة بجودته الفنية، وبابتذال الأفكار والقضايا المعالجة، من خلال التطرق إليها بطريقة سطحية، تعمل بشكل أساسي على تكريس مفاهيم ذكورية تتحكّم بالمجتمعات العربية.
تدور قصة العمل حول فتاة تُدعى بيلا (هنا الزاهد)، تنتمي لحي شعبي، وتهوى عالم الأزياء والموضة. تهجر خطيبها إبراهيم (أحمد السعدني) في يوم زفافها، وتسافر إلى لبنان لتلتحق بمسابقة لتصميم الأزياء، وتفوز بها لتصبح مصممة أزياء مشهورة. خلال عرض منقول على الشاشة، يتقدم ممثل مشهور للزواج منها وتوافق، لتعود بعد سنوات إلى حيّها القديم لترتيب أمور الزواج، فتتفاجأ بأنها قانونياً لا تزال متزوجة من إبراهيم؛ الذي يطلبها لبيت الطاعة، فتكون زوجته بالإكراه.
بداية المسلسل كانت واعدة، خصوصاً من خلال إيهام المشاهد بمناقشة قضايا اجتماعية وقانونية تهم النساء، تتعلق بإلغاء شخصية المرأة وطموحاتها بعد الزواج، وبقانون "بيت الطاعة" الذي يجبر المرأة على العيش مع زوجها رغماً عنها. لكن البداية المثيرة تتحول سريعاً إلى عرض كوميدي مبتذل، ينتصر فيه الحب المفروض على شخصية بيلا المستقلة، التي لا يمكن أن نقرأها في النهاية إلا كرسم كاريكاتوري لامرأة نسوية جرى ترويضها.
هكذا استثمر "سيب وأنا أسيب" في مسائل وقضايا جذابة وشائكة لتلميع الأفكار السائدة في المجتمعات، لتُصور الحياة التي تعيشها بيلا في "بيت الطاعة" بسياق قصة رومانسية مشوّقة؛ يتحول فيها التعنيف وتكميم الحريات والتسلّط إلى مواقف رومانسية. ومع مرور الحلقات تبرز تفاصيل وقصص جانبية تدور حول القصة الرئيسية، هدفها الأساسي تبرير ممارسات إبراهيم العنيفة والمتسلطة ضد بيلا. هكذا نرى الدعم الاجتماعي له، عندما رفض تطليق الشابة، وحين حرمها من هاتفها وبطاقاتها المصرفية وغيرها.... بينما تجري شيطنة الشخصية النسائية المتمرّدة، أو الباحثة عن حياة أفضل.


تزيد المشاهد "التهريجية" الخالية من المعنى من رداءة المسلسل أيضاً. ففي العديد من المشاهد والحكايات الجانبية، يلجأ المخرج إلى العنف والتنمر لخلق الكوميديا، من دون وجود مبرر درامي حتى؛ كمشاهد الشخصية التي قدمها أحمد سلطان، وفيها يتعرّض للتنمر والضرب من خارج أي سياق يشرح سبب خلق هذه الشخصية، وفرضها على أحداث العمل.

المساهمون