"سريع وغاضب 10": لا منطق ولا واقعية في تشويق مُكرَّر

31 يناير 2024
فن ديزل "بطل" السلسة كلّها: مطاردات غير منتهية من أجل العائلة (الملف الصحافي)
+ الخط -

 

السلسلة السينمائية مستمرّة في إنتاج أفلامٍ وأعمال أخرى متفرّعة من الأصل. الأرباح مغرية، وهذا كافٍ لاستمرارٍ تُختَرع له حبكات، ترتكز على أسس مُكرّرة، أبرزها مطاردات متنوّعة، برّاً وجوّاً وبحراً، وقتال بالأيدي، واستخدام أسلحةٍ وتقنيات متطوّرة للغاية. العائلة أساسية بالنسبة إلى الشخصية الأولى، وهما (العائلة والشخصية) تُعتَبران العمود الفقري لـ"سريع وغاضب"، تلك السلسلة المُنتجة منذ عام 2001، وإخراج أول فيلم معقودٌ على الأميركي روب كوِن، والإيرادات الدولية تبلغ 207 ملايين و517 ألفاً و509 دولارات أميركية (إلى مليون و70 ألفاً و360 بطاقة مُباعة في فرنسا)، مقابل ميزانية إنتاجية تساوي 38 مليون دولار أميركي.

صدمة تحلّ على فريق العمل، خاصة على فِن ديزل، مؤدّي الشخصية الأولى، دومينيك "دوم" توريتّو: مقتل ممثل إحدى أبرز الشخصيات الأساسية، بول واكر، في 30 نوفمبر/تشرين الثاني 2013 قبل بلوغه 40 عاماً بأسابيع قليلة، فهو مولود في 12 سبتمبر/أيلول 1973، بسبب حادث سيارة، يُثير "غضباً" إزاء تلك المفارقة الحياتية الساخرة، فبراين أوكونور (واكر)، المحقّق المنقلب على دائرته لمصلحة "عائلة" توريتّو، سائق ماهر لسيارات السباق، التي لم تخذله يوماً. لكنّ الحياة مختلفة تماماً عن تلك التي يعيشها أوكونور في أحضان عائلته السينمائية، خاصة أنّه متزوّج من مِيا (جوردانا بروستر)، شقيقة "دوم".

رغم هذه الصدمة، تستعيد السلسلة حيويتها، مع أنّ الجديد في كلّ فيلمٍ يتمثّل بتفاصيل القصة، وأمكنة ـ دول مجرياتها، وإضافة شخصيات، يؤدّيها ممثلون وممثلات، بعضهم مشهورٌ في صناعة السينما، وآخرون بارعون في أفلام التشويق والمطاردات والقتال بالأيدي وخوض معارك بأسلحة نارية مختلفة: دواين "روك" جونسن وجايزون ستاتام وغال غادوت وكيرت راسل وجواكيم دي ألْمِيدا وتشارليز ثيرون، وغيرهم.

الحلقة الـ7، المُنتجة عام 2015 مع المخرج جايمس وان، لا تزال، إلى الآن، أكثر الحلقات تحقيقاً لإيرادات دولية: مليار و516 مليوناً و45 ألفاً و911 دولاراً أميركياً، مقابل ميزانية إنتاجية تبلغ 250 مليون دولار أميركي. الحلقة الأخيرة، "سريع 10" (2023)، للفرنسي لوي لَتِريّيه، الذي سيُنجز حلقة أخرى، يُفترض بعروضها التجارية أن تبدأ في النصف الثاني من عام 2025؛ علماً أن العروض التجارية الفرنسية للحلقة الأخيرة حاصلةٌ في 17 مايو/أيار 2023، قبل يومين اثنين فقط على بدء عروضها التجارية الأميركية. أمّا الإيرادات الدولية لأفلام السلسلة كلّها، فتُحقِّق 7 مليارات و324 مليوناً و485 ألفاً و804 دولارات أميركية، مقابل ميزانية إنتاجية تبلغ ملياراً و809 ملايين دولار أميركي.

 

 

هذا معنيٌّ فقط بموقع السلسلة في المشهد السينمائي العام. التجاريّ طاغٍ، والأرباح، متفاوتة الحجم بين فيلمٍ وآخر، دافعٌ إلى مزيدٍ من حلقات، يتفنّن كلّ مخرج في ابتكار "جديدٍ" في جانبها التشويقي البحت، الذي يتجاوز كلّ منطق وواقعية، بهدف إثارة الحماسة والانفعال في مُشاهدين ومُشاهدات، يتجاوزون صدمة مقتل واكر، ويتابعون حلقاتٍ لاحقة على آخر ظهورٍ له في الحلقة الـ7 نفسها، التي يؤجَّل إنهاؤها بسبب الحادث، علماً أنّ للممثل فيها مشاهد غير مُصوّرة.

في "سريع 10"، يظهر دانتي رَيْيس (جايزون مُمُوَا) في حياة فريق دومينيك توريتّو، لينتقم لوالده، هرمان (دي ألْمِيدا)، الذي يُقتل في عملية سرقة أمواله في ريو دي جينيرو (الحلقة 5، لجاستن لين، 2011)، بعد مشاهدته السرقة إلى جانب والده. كما تظهر تِسّ (بْري لارسن)، ابنة "السيّد لا أحد" (راسل)، مسؤول جهاز أمني سرّي يُكلِّف توريتّو وأصدقاءه بعمليات مختلفة، في الحلقتين 7 لوان، و8 لأف. غاري غراي.

صراعٌ يُعيد أفراداً إلى واجهة المشهد: جايكوب (جون سينا)، الذي يجهد في حماية براين ماركوس (ليو أبيلو بيرّي)، ابن شقيقه دوم، قبل أن يتمكّن دانتي من خطفه، ثم يُنقذه والده في مشاهد مطاردات مليئة بكلّ ما لا علاقة له بأي منطق وواقعية. هناك أيضاً ديكارت شو (ستاتام)، الذي يتعرّض بدوره لتهديد دانتي. لكنّ المؤثّر، قليلاً، كامنٌ في استعادة مشاهد من حلقات سابقة، يظهر فيها بول واكر دقائق قليلة، تماماً كظهور آخرين، أبرزهم دواين جونسن، في لحظة قتله هرمان رَيْيس.

كلّ تلك المطاردات ملطّفة بكلامٍ عن أهمية العائلة والأصدقاء، بنزاعات يُراد لها أن تكون مُحبَّبة بين "الرفاق". أمّا النهاية، فمدخلٌ إلى تلك الحلقة الجديدة، المنتظرة بعد عامين.

المساهمون