سجال مصري حول لجنة المرأة في نقابة الصحافيين

19 ابريل 2021
رفض يحيى قلاش اللجنة باعتبارها تمييزية مهينة للنساء (محمد الراعي/ الأناضول)
+ الخط -

أثار قرار نقيب الصحافيين المصريين، ضياء رشوان، بتشكيل لجنة للمرأة في النقابة، ضمن تشكيل لجان المجلس وفقاً لقرار سابق للمجلس في دورته في الفترة من 2013 وحتى 2015، سجالاً في الأوساط الصحافية، بين مؤيد للقرار ومعارض له. 

فقد عارض بعض النقابيين وكبار الصحافيين فكرة تشكيل اللجنة، واتهموا نقيب الصحافيين الحالي بمحاولة إلهاء الصحافيين عن أزماتهم ومشاكلهم الأصلية، بشغلهم بقضايا نوعية، وكأنّ الرسالة مرادها: "دعكم من الحريات وركزوا في القضايا النوعية" كما قالوا. ورفض عدد من الصحافيين والنقابيين السابقين هذا المقترح جملة وتفصيلاً، وعلى رأسهم نقيب الصحافيين الأسبق، يحيى قلاش، الذي هاجم تشكيل تلك اللجنة "النوعية" التي تمنح تمييزاً للصحافيات على أساس النوع فقط، مستنكراً هذا على كيان مثل نقابة الصحافيين شهد قامات نقابية بارزة من النساء. وطالب قلاش، وهو نقابي بارز ومخضرم، بإعادة النظر في قرار استحداث لجنة المرأة بالنقابة، بدعوى أنّ "نقابة الرأي والحريات تحتل فيها الصحافيات - تاريخياً - مكانة مرموقة، وكادت تقترب أعدادهن في بعض الفترات من نصف أعداد المقيدين بجداول النقابة، التي كانت تعتز دائماً برموز مهنية من النساء أسست صحفاً، وتولت رئاسة تحرير، واحتلت مواقع نقابية، من وكيل إلى سكرتير عام إلى أمين صندوق، وغيره من الأدوار المهمة، بل "تصدرت أسماء بعضهن قائمة أول مائة مؤسس للنقابة". وتساءل قلاش: "لو كانت بيننا نبوية موسى، أو فاطمة اليوسف (روز اليوسف)، أو نعمت رشاد، أو أمينة السعيد وغيرهن كثيرات، هل يقبلن هذا أو يسعين إليه، وهل يمكن أن تقبل الزميلات في نقابة الرأي والحريات الآن، بعد كلّ هذا التاريخ الحافل، أن يتحولن إلى مجرد نوع!؟ وهل يمكن أن تضم نقابتنا أمانات نوعية للشباب والمرأة وغيرها على غرار الأحزاب السياسية؟".

نقيب الصحافيين الأسبق ألمح إلى "بدء تسلل بعض أجواء العتمة، وغش الأفكار. طرح البعض هذه الفكرة في أوقات سابقة، تصدت له زميلات ونقابيات وكاتبات كبيرات، لإدراكهن أنّ في هذا الأمر إهانة وتقزيماً للمرأة وليس تكريماً". وتمنى قلاش، لو كانت الفكرة "لا تزال مجرد اقتراح ومحل بحث ومناقشة" وقال: "ما نحتاجه ليست أولوياته مثل هذه الأفكار التي تذهب بنا إلى أماكن غريبة علينا، وتزيد من وحشة كياننا النقابي، وتجافي تاريخه الناصع، في الانحياز للحرية، والوعي، وقبول التنوع، والاختلاف، والاستنارة".

أوجه الرفض أيضاً جاءت من منطلق عدم تحويل النقابة لحزب سياسي يشكل لجاناً نوعية للمرأة والشباب والفلاحين والعمال، فضلاً عن الإشارة إلى أنّ المجلس الحالي المدعوم من النظام، بإمكانه استحداث لجانٍ نوعية وتعطيلها وقتما يشاء، كما حدث مع لجنة الحريات بالنقابة، التي خفت بريقها عاماً تلو آخر، حتى وصل الأمر إلى تلاشي دور اللجنة مقابل قدرة النقيب وحده على التفاوض مع الدولة والنظام من أجل الإفراج عن عدد من الصحافيين المحبوسين على ذمة قضايا سياسية في بعض المناسبات، كما حدث قبل انتخابات التجديد النصفي وأول ليلتين في رمضان.

كانت هذه الكلمات التي تمسك بها مئات الصحافيين وعدد من النقابيين، كفيلة ببدء حملة هجوم مضاد، من قبل بعض الصحافيات اللواتي عبّرن عن تمسكهن باللجنة وأهميتها في الوضع الراهن، في منشورات على صفحات خاصة بالصحافيين المصريين، على مواقع التواصل الاجتماعي ومجموعات التراسل الخاصة بالصحافة. واعتبرت صحافيات أنّ الهجوم على تشكيل لجنة المرأة بالنقابة "ما هو إلّا قفز على الواقع ودفن للرؤوس في الرمال" وأكدن على أهمية هذه اللجنة في الوقت الراهن الذي تعاني فيه الصحافيات من أزمات عدة لكونهن صحافيات، مثل التحرش الجنسي، وعدم التمكين، وأزمات إجازات الحمل ورعاية الأطفال وغيرها.

جزء من الخلاف مرهون باحتمال عدم وجود مرشحة فائزة في مجلس النقابة، في دورات انتخابية لاحقة، ما يعني أنّ لجنة المرأة حينها ستؤول لأيّ من أعضاء المجلس الرجال، وبالتالي هذا ما ينفي أهمية اللجنة وديكوريتها. أما الجانب الآخر من الخلاف، فمرهون بعضو مجلس النقابة الوحيدة الفائزة في انتخابات التجديد النصفي الأخيرة في 2 إبريل/ نيسان الجاري، دعاء النجار. فهناك من يعارض "تشكيل لجنة خاصة لها" لعدم وجود دور لها في مجلس النقابة، خصوصاً أنّ اسمها كان ضمن الأسماء الأربعة المدعومة مباشرة من أجهزة أمنية في مصر قبل الانتخابات. يردّ معارضون على هذه الفرضية بأنّ هذا افتراء على الزميلة عضو مجلس النقابة، واستباق للأحداث واختزال لحقها في أن تثبت نفسها وقدراتها النقابية في الدورة النقابية الحالية ومدتها 4 سنوات كاملة.

وبين المؤيدين والمعارضين لتشكيل اللجنة، ووسط الخلاف على أجندة أولويات النقابة والصحافيين، كانت هناك أصوات محايدة تتساءل أولاً عن طبيعة اللجنة المستحدثة، ومهامها وتشكيلها، وآلية عملها وبرنامجها، إذ من دون إجابات عن هذه التساؤلات، ستتحول إلى قطعة ديكور في مجلس النقابة بل سيكون وجودها مهيناً للصحافيات.

المساهمون