"سالونيك السينمائي": مشاركة عربية ورعاية السينما المحلية

04 نوفمبر 2022
"عائلة فايبلمان" لستيفن سبيلبيرغ يفتتح "مهرجان سالونيك الدولي الـ63" (الملف الصحافي)
+ الخط -

 

سبعة أفلام عربية تشارك في الدورة الـ63 (3 ـ 13 نوفمبر/ تشرين الثاني 2022) لـ"مهرجان سالونيك السينمائي الدولي"، خمسةٌ منها في مسابقاته الرئيسية الثلاث. كما تُعرض أفلامٌ من العالم، من دون إغفال دوره كراعٍ للسينما المحلية، مُتيحاً بهذا للجمهور العريض مُشاهدة 199 فيلماً روائياً طويلاً، و68 قصيراً، في صالات عدّة تطلّ على شاطئ بحر إيجه، كـ"المسرح الأولمبي"، العريق بصالاته، ومُشاهدة 93 فيلماً على المنصّة الرقمية للمهرجان.

افتتاح الدورة الجديدة هذه معقودة على "عائلة فايبلمان" (2022) لستيفن سبيلبرغ، الفائز بجائزة الجمهور في الدورة الـ47 (8 ـ 18 سبتمبر/ أيلول 2022) لـ"مهرجان تورنتو السينمائي"، والذي يُعدّ الأكثر شبهاً بالسيرة الذاتية لصانعه، كونه الأكثر حميمية بين أفلامه، إذْ يسرد فيه طفولته وبداياته في السينما: سامي فايبلمان (غابريال لابَلّ) يريد أنْ يصبح مخرجاً سينمائياً منذ صغره. في الختام، يُعرض الفيلم التاريخي "الصِّدار" (كورساج) للنمساوية ماري كروتزر، المُشارك في "نظرة ما"، في الدورة الـ75 (17 ـ 28 مايو/ أيار 2022) لمهرجان "كانّ": سيرة إليزابيث (سيسي)، السيدة الأولى في النمسا، وزوجة الإمبراطور فرنسوا جوزيف الأول، التي لا يحقّ لها التعبير عن نفسها، وعليها أنْ تظلّ، إلى الأبد، الإمبراطورة الجميلة والشابة. لتلبية هذه التوقّعات، التزمت نظاماً صارماً في الصيام والتمارين الرياضية وتصفيف الشعر، والقياس اليومي للطول. لكنْ، بعد خنقها بهذه المتطلبات، تتوق إلى المعرفة والحياة، وتقرّر، في احتفالها بعيد ميلادها الأربعين، التمرّد أكثر فأكثر ضد صورةٍ رُسمت لها.

يتضمن المهرجان ثلاث مسابقات رسمية، في كلّ منها فيلمان من اليونان. في المسابقة الدولية للأفلام الروائية الطويلة، يتنافس 11 فيلماً على "جوائز الإسكندر"، الذهبي والفضي والبرونزي (للإخراج)، مع مكافآت مالية تتراوح بين 10 آلاف و30 ألف يورو. إضافة إلى أفلامٍ من سويسرا وبلجيكا وهولندا وفرنسا والبرتغال واليابان وكوستاريكا واليونان، يشارك "السد" للّبناني علي شري، المُشارك سابقاً في تظاهرة "نصف شهر المخرجين"، في الدورة الأخيرة لمهرجان "كانّ"، الذي تجري أحداثه في السودان. قرب سدٍّ للريّ، يعمل ماهر في مصنع الطوب التقليدي، الذي تُغذّيه مياه النيل. في كلّ مساء، يغامر سرّاً في الصحراء لبناء مبنى غامض، مصنوع من الطين. ومع خروج السودانيين للمطالبة بحريتهم، تنبض صنيعته بالحياة، كما يبدو، بحسب تعريف المهرجان به.

مسابقة ثانية تمنح "الإسكندر الذهبي"، مع جائزة مالية قيمتها 8 آلاف يورو لأفضل فيلم، وجائزة أخرى باسم لجنة التحكيم، تبلغ قيمتها المالية 4 آلاف يورو. اسم المسابقة "لقاء الجيران"، مُكرّسة للجيران، ولأفلامٍ أولى أو ثانية من الجارين القريب والبعيد، وتتضمن عشرة أفلام، اثنان من أوكرانيا، وواحد من كرواتيا وإسرائيل، وفيلمان من اليونان، وأربعة أفلام عربية. من تونس، هناك "أشكال" ليوسف الشابي، عن أحد مباني "حدائق قرطاج"، منطقة في تونس أنشأها النظام القديم، تمّ إيقاف بنائها في بداية الثورة. يكتشف رجلا شرطة جثة متفحّمة. ومع استئناف البناء تدريجياً، ووقوع حادثة مماثلة، يبدأ التحقيق في هذه الحالة الغامضة، قبل أنْ يتّخذ مُنعطفاً مربكاً.

 

سينما ودراما
التحديثات الحية

 

من تونس أيضاً، "تحت شجرة التين" لأريج سحيري، الذي يصوّر شباناً وشابات يعملون في موسم الحصاد الصيفي، وما يثيره ذلك من مشاعر جديدة بينهم، ويحرّض على تشكيل علاقات أعمق، لا تناسب الجميع. من لبنان، يُعرض "قذر، صعب، خطير" لوسام شرف، قصة حبّ بين لاجئ سوري ومُدبّرة منزل إثيوبية. لكنْ، في بيروت، الأمر مستحيل. من فلسطين، هناك "طعم التفاح أحمر" للسوري (من الجولان المحتل) إيهاب طربية، عن لقاء بين شقيقين لم يلتقِ أحدهما بالآخر منذ 47 عاماً.

تعرض المسابقة الثالثة، "إلى الأمام"، أحد عشر فيلماً، تتجاوز المألوف في الأنواع السينمائية. فيلمان من اليونان، وأفلام من أنغولا وتشيلي والأرجنتين وسويسرا وفرنسا وإسبانيا وألمانيا والنرويج. كما تُنظّم مسابقة رابعة هذا العام، بتقنية الـ"إيمرسيف/VR"، لأفلام من كوريا وتايوان والولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا وألمانيا واليونان ("إيمرسيف" الانغماس، حالة نفسية يتوقّف فيها الشخص عن إدراك حالته الجسدية، ويكون مصحوباً، غالباً، بتركيز شديد، وفكرة مضطربة للوقت والواقع، كما في "ويكيبيديا").

كالعادة، هناك قسم تنافسي للأفلام القصيرة، وآخر خاص باكتشاف أفلام البلقان. أقسام أخرى تعرض آخر الانتاجات العالمية، كـ"آفاق مفتوحة"، الذي يعرض الفيلم الجزائري التاريخي "الملكة الأخيرة" لعديلة بنديمراد وداميان أونوري، عن أسطورة الملكة زافيرا؛ و"عروض خاصة"، وأخرى خارج المسابقة، وفيها "ولد من الجنة" للسويدي المصري طارق صالح. كما يرسل تحيات إلى سينمائيين من العالم، بينهم النمساوي بيتر تشيركسكي.

أما السينما اليونانية فلها من المهرجان دعمٌ كاملٌ، عبر أقسام عدّة تعرض جديداً وقديماً، منها 28 فيلماً طويلاً و19 قصيراً. كما تُكرَّم رائدة السينما اليونانية ماريا بليتا. يوفّر المهرجان مبلغ 3 آلاف يورو لصانعي الأفلام المشاركين في أكثر المهرجانات السينمائية الدولية شهرةً بفيلمٍ أول أو ثانٍ. كما يُكرّس تكريماً مُبتكراً ومتعدّد الأوجه، بمناسبة الذكرى العاشرة لوفاة ثيودوروس أنجيلوبولوس، الرائد الذي غيّر المشهد السينمائي اليوناني، وترك عمله بصمة لا تُمحى في السينما اليونانية، فيُعرض فيلمه الأول "إعادة البناء" (1970)، ويُكشف عن فيلم وثائقي لم يُعرض سابقاً، ويُعتَبر وثيقة نادرة وثمينة في السينما المحلية والفن السابع.

في "لكلّ صوته الخاص تيو أنجيلوبولس ونيكوس بانايوتوبولس"، يُسلّط أنتونيس كوكينوس ويانيس سولداتوس الضوء على محادثة غير معروفة، جرت في منتصف ثمانينيات القرن الـ20، حين اختير رائدا السينما اليونانية موضوعاً رئيسياً للعدد الأول من مجلة سينمائية. اجتمع الأربعة في منزل أنجيلوبولوس، وسُجّلت مناقشة استمرت ثلاث ساعات بين الرائدين. لكنْ، لسوء الحظ، لم تُنشَر المقابلة، بل وتمّ نسيان شرائط الكاسيت والنسخة منذ أكثر من 35 عاماً، والمهرجان ينفض عنها الغبار في دورته هذه.

المساهمون