استمع إلى الملخص
- الأغاني تتنوع بين إيقاعات مينيمالية، بلوز روك، ديسكو سبعيني، جاز، بالاد شاعري، وبوب بديل، مما يعكس تنوعاً موسيقياً كبيراً.
- الألبوم ينتهي بنبرة إيجابية مع أغاني تعكس رحلة الشفاء العاطفي، مثل "How" و"Pedro"، مما يدفع بالحياة قدماً.
خلال المؤتمر الصحافي الذي أعلن خلاله صدور ألبومه المُسجّل الثاني، في أيار/مايو الماضي بعنوان God Said No، صرّح المغني الأميركي المكسيكي المعروف بلقب عمر أبولو (Omar Apollo)، بأن الإصدار "رصدٌ للحطام الذي تلا انتهاء علاقة غرامية متقدة".
يبدو مع ذلك، أن أيّاً من السمة الشخصية أو الوزر العاطفي لم يمنع عمر أبولو، وشريكيه الفنيين مصطفى وبيدرو باسكال، من تصميم المُنتج الموسيقي ليرضي قدر الإمكان جميع الأذواق، فيستحيل كشكولاً موسيقياً من أجناس وأحقاب عديدة، يفتقر إلى هوية فنية جامعة.
أغنية Be Careful With Me هي أول تراكات الألبوم. على نسق إيقاعي مينيمالي هادئ الانسجامات الهارمونية من على غيتار أكوستي، يدخل صوت الغناء من علوّ حاد عند طبقة البحّة (Falsetto)، فينفي الذكورة عن هوية الحنجرة، إذ يُعالج إلكترونياً عند مفاصل معينة من اللحن الرئيسي، ليوحي بتعدد الأصوات. فور ورود جملة "احذرني"، تكتسب الأغنية حلة التراب، فيبدأ ضمير المفعول به "أنا" (Me) بالتكرار على نبض إيقاع راقص.
في حين تقترب Spite، أغنية التراك الثاني وسبق لها أن صدرت مفردة، من البلوز روك، فيوصل الغيتار بالكهرباء. من خلفه، يُسمع طبل الباص وقد عولج إلكترونياً، فيما يحافظ عمر أبولو على لون التراب، إذ يُسمع في ثنايا غنائه عند تأدية مقطع الكورس صدى صوت مغنية التراب والسول البربدوسية ريهانا (Rihana).
تُعيد Less of You ثالث أغاني الألبوم، وسبق لها أيضاً أن صدرت مفردة، إحياء لون الديسكو زمن السبعينيات، لتسمع بأسلوب "ريترو"، أي استعادة موضة في المغنى أو الملبس، كانت سائدة في حقبة ماضية. تُذكّر الأجواء الصوتية بالموسيقى الإلكترونية الفرنسية، كتلك التي للمؤلف جان ميشيل جار.
إثر اندفاع سلم موسيقي تؤديه آلات كمان عولجت أصواتها رقمياً، تبدأ الأغنية الرابعة Done With You، فتُكسبها لمسة رومانسية من العصر الذهبي لغناء الجاز منتصف الخمسينيات. تقوم الإلكترونيات ببثّ نبضٍ إيقاعي قريب من اللاتينو، ينظم غناء أبولو. يستمر لون الجاز، من خلال آلات الترومبيت والساكسفون، في تشكيل الإطار الأسلوبي العام، خصوصاً عند مقطع الكورس.
في أغنية Plane Trees، يسود مزاج البالاد الشاعري، بحضور البيانو المنفرد أولاً، ثم بمساحات الانسجام الهارموني التي ترسمها الوتريات. يتناوب كل من عمر أبولو ومصطفى الغناء، ويتناوب الغناء المنفرد والجماعي على مد الأغنية بعنصر الحيوية، مع الإبقاء على رومانسية سكونية، قُبيل دخول الأغنية التالية فجأة بلا فاصلة.
تميل Drifting سادسة تراكات الألبوم إلى نمط البوب البديل (Indie Pop) الجامع لكل من النبض الحيوي الراقص للون "تكنو ميلودي"، أي تكنو لحني، والرقة الشاعرية لغناء السول. تُحافظ الأغنية على ذات الدفق الإيقاعي ذي التصميم المينيمالي الفراغي، فيما يشكل انتقال الغناء من ثنائي الصوت إلى منفرد مصدر التنويع الوحيد.
تستمر المينيمالية في أن تكون السمة العامة للألبوم، فيتواءم شحّها مع موضوع أغنية التراك السابع، Empty. كما يوحي العنوان، تتحدث الأغنية عن الهجر، اتساقاً مع سردية آلام الحب. تتميز بمقطع غنائي باللغة الإسبانية، يعكس خلفية الفنان المكسيكية، ويضيف مسحة صدق تُحيل الأغنية بوحاً حميمياً.
تستعيد أغنية Love's Unfair أجواء أغاني البوب زمن الثمانينيات، ليتناهى صدى ستيفي وندر. على إيقاع إلكتروني منتظم، يُسرّ الحبيب لمحبوبه ويعترف. تقول كلمات الكورس: "ليس الأمر أنني لم أحبك، ليس الأمر أنني لم أثق بك، لا بل فعلت، أقسم لك".
يعود التراب من خلال أغنية التراك الثامن المعنونة Against Me، والتراب لون هيب هوب نشأ وتطور بفضل الأميركيين الهيسبانيين في الساحل الغربي للولايات المتحدة. يتميّز بنغمية الجمل، ليشكل هجيناً يجمع نظم الراب بغناء السول. على طراز معظم فناني التراب، يستخدم عمر أبولو المُعدّلات الرقمية بغية التلاعب اللوني بصوته، مُحاكياً مرات أصواتاً، أمست علامات تجارية في عالم البوب، كالنجم الكندي، دريك.
في أغنية التراك العاشر المعنونة While U Can، تنتقل الأجواء إلى مديات أكثر تميّزاً، تجمع الغيتار الأكوستي والغناء على نمط الكاونتري، ثم الدخول في عوالم إلكترونية تخلو من النواظم الإيقاعية، تُزينها خطوط لحنية تُؤدّى على آلة فلوت مُعدّلة إلكترونياً لتُسمع كالنايات التقليدية لشعوب أميركا الجنوبية.
تُقدم أغنية التراك الـ11، Dispose Me، وسبق أن صدرت مفردة، لون إيقاع وبلوز (R&B) لأول مرة في الألبوم، بصوت طبول الدرامز تُصدِر إيقاعاً متمهّلاً يحمل الكلمات التي تنقل مناجاة يائسة لكي يبقى الحب.
أما أغنية How ذات الترتيب الـ12، فتبدأ ببث مزاجٍ أكثر إشراقاً يشي باجتياز المحنة الشخصية والبدء بسيرورة الشفاء من سقم الحب. مجمل العناصر الموسيقية مشغولة إلكترونياً، تتميّز بشحنة موجبة، تبعث على التفاؤل وتستعيد الأمل بمتابعة الحياة وتجاوز الآلام.
تتبع Pedro أغنية التراك ما قبل الأخير المسار التفاؤلي، فتتميّز الأغاني الثلاث الأخيرة بطابع تطهير عاطفي (Chatharsis) يدفع الألبوم إلى وجهة علاجية تجاوزية. يدل على ذلك الانسجامات الهارمونية المشرقة التي تركبّت منها الجوقة الغنائية بداية الأغنية، مع تلوين الأصوات على الموضة بالمعالجات الرقمية. أما الكلمات، وإن كانت لا تزال تُخاطب الحبيب، إلا أنها باتت تنبع من روح قد أشرفت على التعافي، لا تزال تناجي، إنما من بعيد، حيث ترنو إلى بداية جديدة.
بمقتضى ذلك المسار، تأتي الأغنية الأخيرة بمثابة ختام تتويجي لرحلة الشفاء، سواء من خلال عنوانها، "توهّج"، أو من ناحية عناصرها، من اللحن مروراً بالانسجام وصولاً إلى نص الكلام... كلها تشير نحو نهاية سعيدة، لم تتحقق بالوصال، وإنما بالانفصال، الذي من شأنه أن يدفع بالحياة قدماً من دون ضغينة، كما تحذّر الكلمات : "لئن يُحرقنا الحزن، فسيحيلنا إلى فحم".