يبدو أنّ "الإرهاق المعلوماتي"، الناجم عن تدفق الأخبار والمعلومات، يصيب الناس بكآبة وأمراض أكثر ممّا كانت عليه الحالة قبل نحو 4 عقود، وخصوصاً مع تطور وسائل التواصل الاجتماعي وانتشار الأخبار كالنار في الهشيم.
ذلك ما توصل إليه باحثون من مؤسسة الأبحاث الفرنسية جان جوريس (Fondation Jean Jaures) ومعهد "رويترز" لدراسة الصحافة، بالتعاون مع جامعة أكسفورد البريطانية، في دراسة نشرت في 24 مارس/ آذار الماضي، راقبت تأثير تدفق المعلومات على الحالة الصحية للمتلقين، مع ملاحظة أنّ هؤلاء يُخضعون المعلومات لعملية نقد وتفحص أكثر بعد انتشار الأخبار المضللة والزائفة.
وجاء في استطلاع للرأي تضمّنته الدراسة أنّ 53% من الفرنسيين المشاركين يعانون من "إرهاق معلوماتي"، ونحو 38% يعانون من اضطراب واضح يتمثل في الأرق وقلة التركيز ووخز الضمير بسبب قضاء وقت أطول على المتصفحات بحثاً عن معلومات على حساب أشياء أخرى مهمة. كذلك، أوضحت الدراسة أنّ فئة كبيرة من الشباب تشعر بالضياع في دوامة المعلومات المتدفقة.
ومن الواضح أنّ استهلاك الناس للمعلومات صار أكبر بكثير منذ أن أتيح للبشر الوصول إلى الإنترنت (يستخدمه 92% من الفرنسيين بحسب الدراسة)، بل ويدفعون المال للحصول عليها من المواقع الإلكترونية بصورة خاصة. يبحث الناس يومياً عن أخبار السياسة أو الرياضة أو وصفات الطعام، على أمل تنمية معرفتهم وكذلك للترفيه.
ويعتقد الكثير من المشاركين في الاستطلاع أنّهم يتلقون كمّاً من المعلومات فائضاً عن حاجتهم. مع ذلك، أقرّ نحو 68% من المشاركين بأنّه، وبالرغم من ضجرهم في لحظات معينة من التنقل بين التطبيقات والمواقع، إلّا أنّهم كانوا يعيدون الكرّة حتى مع معرفتهم بالمعلومات الموجودة على الموقع مسبقاً.
وقدّمت الحرب في أوكرانيا أحد الأمثلة على "الإرهاق المعلوماتي"، خاصةً مع غياب أي شكلٍ من أشكال الفحص أو التدقيق، إذ أقرّ نحو 50% بأنهم لم يدققوا في صحة المعلومات التي تلقوها أو في صدقية مصادرها.
ويستسهل المتلقون تصديق العناوين الأكثر إثارة وديماغوجية حول الحرب، ويساهم الكثير من المواقع على شبكات التواصل في انتشار نوع من لا مبالاة حيال الدقة، فالأمر يتعلق أكثر بالربح من خلال اجتذاب المزيد من النقر والمشاهدات.
وتستحق هذه الدراسة التأمل لناحية إظهارها دور المنصات الاجتماعية والمواقع في شيوع حالة من الإرهاق بين المستخدمين، نتيجة حجم تدفق المعلومات العشوائي الذي يتعرضون له يومياً.