دار الفنون في ليبيا تغلق أبوابها بعد ضغوط جمعية الدعوة الإسلامية

03 ابريل 2021
جمعية الدعوة الإسلامية طالبت بإخلاء الدار لهدمها وتشييد مجمع تجاري (فيسبوك)
+ الخط -

أعلنت دار الفنون التابعة لوزارة الثقافة الليبية، اليوم السبت، عن غلق أبوابها وتجميد كافة أنشطتها، حتى حل الأزمة التي أثارتها جمعية الدعوة الإسلامية العالمية.

وعزت الدار قرارها إلى أنها تتعرّض لضغوط تمارسها جمعية الدعوة لــ"إخلاء المبنى الذي تشغل الدار جزءاً منه"، بعد مطالب قدمتها الجمعية التابعة لوزارة الأوقاف، بضرورة إخلاء المبنى الذي تملكه بغية هدمه، وتشييد مجمع تجاري مكانه ضمن استثماراتها.

يأتي قرار الإغلاق، بعد أيام من طمأنة وزارة الثقافة والتنمية المعرفية في حكومة الوحدة الوطنية الأوساط الثقافية في ليبيا بأن "هذا الصرح الثقافي والفني لن يمسّ بسوء"، بحسب بيان الوزارة الأحد الماضي.

وأكدت الوزارة أنها فتحت قنوات اتصال مع جمعية الدعوة الإسلامية بــ"هدف التنسيق الكامل للحفاظ على الصروح الثقافية والفنية والتراثية، بما يعزّز الثراء الفكري والحضاري لليبيا".

آداب وفنون
التحديثات الحية

 

لكن دار الفنون أكدت أن كل المساعي لإيقاف إخلاء مقر الدار "فشلت، رغم وعود تلقتها من رئيس الحكومة عبد الحميد الدبيبة ووعود وزيرة الثقافة والمجلس البلدي طرابلس".

وقدمت الدار اعتذاراً إلى جميع رواد دار الفنون، لافتة إلى اضطرارها إلى الإغلاق إلى أن تحلّ المشكلة ويتم إيجاد موقع يليق بها وبتاريخها.

ومنذ أسبوعين ثار جدل واسع في الأوساط الليبية بعد مطالب قدمتها جمعية الدعوة الإسلامية بضرورة الإخلاء. وفي سياق الجدل زار الدبيبة رفقة وزيرة الثقافة بالحكومة فاطمة أوكي، في 27 مارس/ آذار الماضي، مقر الدار للمشاركة في افتتاح معرض للفنون التشكيلية، استجابة لدعوة عدد من المثقفين والفنانين.

وفيما أشار بيان للدار إلى أن الدبيبة اطلع على مساهماتها الواسعة من قبل عدد من المثقفين والنشطاء، خصوصاً أنها نظمت أكثر من 600 معرض فني وثقافي في الخارج والداخل، منذ تأسيسها عام 1993، لفتت إلى أن الدبيبة تعهّد ببذل جهوده لدعم الدار ونشاطاتها، مشيدة بدور الفنان الذي يعتبر سفيراً لوطنه لدى المجتمعات الأخرى.

وبينما لم يصدر أي موقف رسمي من الحكومة حيال قرار الدار، طالب عدد من الفنانين والمثقفين بوقف قرار جمعية الدعوة الإسلامية، وضرورة حماية الحكومة للدار كونها أحد أهم فضاءات الثقافة في البلاد.

ووصف الفنان التشكيلي الليبي، مؤيد الساعدي، القرار بــ"المشين"، معتبراً في حديثه لـ"العربي الجديد" أنه "حلقة في سلسلة قرارات غير مسؤولة تهدد الإرث الثقافي والفني في البلاد"، وشدد على ضرورة عدم الاكتفاء بالمطالبة بالدعم الحكومي بل وحشد المثقفين والفنانين لجهودهم بإطلاق وقفات احتجاجية لحماية الدار.

وأضاف الساعدي أن "الدار حتى الآن قررت إغلاق أبوابها ولم تسلّم المقر، ما يعني أنها رسالة استغاثة ضمنية ويجب على الشريحة المثقفة الاستجابة للرسالة".

طالب عدد من الفنانين والمثقفين بوقف قرار جمعية الدعوة الإسلامية، وضرورة حماية الحكومة للدار كونها أحد أهم فضاءات الثقافة في البلاد

 

من جهته، اتهم الكاتب الليبي سالم الورفلي من وصفها بــ"الجهات المشبوهة" بالوقوف وراء هذه القرارات، موضحاً أنه "قبل أيام سعت الأوقاف بذات السياسة لإخلاء مقر مركز المحفوظات والدراسات التاريخية بحجة أن ملكيته تعود إليها".

وتساءل الورفلي، خلال حديثه لــ"العربي الجديد"، بالقول "ألا يوجد رابط بين الاثنين؟ فالجهة واحدة والطريقة واحدة وعلينا أن نتنبه إلى أن المستهدف هو تاريخنا وإرثنا".

أما الصحافية الليبية سالمة المدني فكتبت على حسابها في فيسبوك قائلة "في الوقت الذي تدعم الدول وتساهم وتفخر بعراقة وتاريخ مؤسساتها الثقافية وتدعمها، لأنها الواجهة الحضارية النقية القادرة على الوجود في جميع المحافل الدولية، نجدهم في بلادنا يغلقون صالات العرض والمسارح ودور الكتب".

وفيما أكدت المدني أن الدار تمثل حلقة وصل بين الأجيال ومركزاً لنقل المعرفة للشباب والتعريف بهم محلياً ودولياً، أشار الفنان التشكيلي الليبي علي العباني، عبر صفحته في فيسبوك، إلى أن الدار تحولت الى منتدى لا نظير له في مدينة غابت فيها المنتديات والملتقيات"، وأضاف "أتى اليوم من لا يطيق رؤية الجمال لأنه يستفز ما بداخله من قبح وعداء لكل ما هو جميل ليتربص بأسمى ما في الحياة من قيم الحرية والفرح".

المساهمون