حظر لعبة "ببجي": انقسام أفغاني

25 ديسمبر 2020
قالت الوزارة إنّ الحظر مؤقت (فرانس برس)
+ الخط -

أقيل محمد ن. (25 عاماً) من العمل بعد أن كان موظفاً في إحدى المؤسسات الخاصة، لأن شغله الشاغل کان لعبة "ببجي"، فهو لم يهتم بالعمل لقلة نومه في اللیل بسبب اللعبة، فضلاً عن غيابه عن العمل بين الفينة والأخرى، كما يحكي لـ"العربي الجديد" أحد رفاق عمله.

تجربة إدمان لعبة "ببجي" في أفغانستان تخصّ العديد من الشباب، ما أدى إلى شكاوى متكرّرة من الآباء، وتعالي الأصوات في المجتمع الأفغاني في المجمل، ما جعل الحكومة الأفغانية تحظر لعبة "ببجي" مؤقتاً.

وبعد إعلان وزارة التقنية حظر اللعبة التي كانت من أكثر الألعاب الإلكترونية رواجاً في أوساط الشباب، جاءت وزارة الشؤون الدينية المعروفة هنا بوزارة الحج والأوقاف لتصدر فتوى تطلب من خلالها تجنب اللعبة لأسباب تسردها في طيات فتواها. بينما كانت ردود الأفعال في الشارع الأفغاني حيال القرار متوزعة بين مرحب ورافض، لكنّ كفة الترحيب كانت أوسع، لكون اللعبة "تؤثر سلباً في نفسيات الشباب بعد إدمانها، إضافةً إلى إضاعتها للوقت"، كما يرى الكثيرون في الشارع الأفغاني.

يقول الشاب أحمد غني محبي، وهو كان أحد مدمني اللعبة لـ"العربي الجديد" إن القرار صائب وفي محله، ويضيف: "يا ليت لو فعلت الحكومة ذلك منذ البداية، لأن في بلد كأفغانستان حيث تسود الحرب والويلات، ثمة تأثيرات كبيرة للعبة ببجي في نفوس الشباب، وبالتالي هذه اللعبة كان من المفروض أن تُحظَر من البداية". يذكر غني الكثير من أقرانه ورفاقه مدمني اللعبة، تاركين وراءهم جميع الأعمال من الدراسة وأعمال البيت وغيرها.

وإلى جانب إضاعة الوقت والإدمان، كانت للعبة "ببجي" آثار عكسية جمة على المجتمع الأفغاني، كما يؤكد محبي، قائلاً إن "المجتمع الأفغاني بحاجة إلى ألعاب تهدئ أعصاب الشباب التي أرهقتها الحرب، لا إلى ألعاب تشجعهم على مزيد من العنف وتخلق بينهم صراعات"، مؤكداً أن الشبان وحدهم ليسوا مدمني لعبة ببجي، بل حتى الفتيات.

تشجع لعبة "ببجي" على العنف في بلد مثقل بالحرب
 

من جانبه، يقول محمد سميع، الأستاذ الجامعي، وهو أحد من عانوا جراء اللعبة، إذ أدمنها اثنان من أبنائه، لـ"العربي الجديد"، إن الألعاب الإلكترونية بأسرها أصبحت طامة لجيلنا الحاضر، وتحديداً "ببجي"، حيث إن اثنين من أبنائي وأبناء أخي، جميعهم مرتبطون باللعبة ومدمنون لها. لم أكن أدري كيف كانت ستنتهي هذه القضية، إذ لها تأثيرات سلبية كبيرة، حيث إن الأخوان يتشاجران فيما بينهما بسببها"، مشيداً بقرار الحكومة بحظرها، ومطالباً بأن يكون الحظر دائماً وليس موقتاً.

وحيال شكاوى المواطنين كسميع وغيره، يقول الناطق باسم إدارة الاتصالات والبرامج الإلكترونية، سعيد شينواري، في تصريح صحافي له، إن "قرار حظر لعبة ببجي مؤقت، والوزارة تعمل بجدية وتتشاور مع أطياف الشعب المختلفة، وتحديداً المعنيين بالمجال، لإخراج حلول دائمة للقضية"، مؤكداً أن "الوزارة استشارت بهذا الخصوص كلاً من وزارة الشؤون الدينية ووزارة الصحة والإدارت والمؤسسات المعنية بشؤون الشباب، وتوصلت إلى أن تحظر اللعبة مؤقتاً".

فيما قال رئيس إدارة الاتصالات والبرامج الإلكترونية في وزارة التقنية عمر منصور أنصاري، في بيان، إن "القرار لا يعني أن الإدارة لا تُعنى بالألعاب الإلكترونية، بل هناك العمل الجاد بهذا الخصوص. ونحن نعمل مستفيدين من هذه الفرصة لأن نضع بالتشاور مع الجهات المختلفة آلية شاملة للألعاب الإلكترونية التي تكون نافعة وبناءة ويستفيد منها جيل الشباب".

وعلى العكس من ذلك، كانت نبرة وزارة الشؤون الدينية أكثر حدة عند إصدار فتوى حظر لعبة ببجي، إذ اعتبرت أنها مضيعة للقوات، وصرف لهمم الشباب على ما لا جدوى منه، مضيفةً: "على الإدارة المعنية أن تعمل من أجل مستقبل الشباب في مجال التقنية وما ينفع البلاد والعباد".

إلا أن في الشارع الأفغاني من أدان القرار، ووجّه انتقادات لاذاعة إلى الحكومة بسببه. بهذا الخصوص يقول الشاب الجامعي محمد نوين لـ"العربي الجديد" إن الحكومة تشغل نفسها بما لا جدوى منه، متسائلاً إن كانت الحكومة قد استطاعت أن تبت في جميع الملفات الأخرى المهمة كالصحة والأمن وغيرها حتى تأتي وتحظر لعبة ببجي". ويؤكد نوين أن "دول العالم تعمل على تطوير ثقافة الألعاب، ولكن في بلادنا تحظرها دون أن تأتي ببديل آخر للشباب".

وكانت لجنة التقنية والاتصالات في البرلمان الأفغاني قد طلبت في 23 من شهر أكتوبر/ تشرين الأول الماضي من وزارة التقنية حظر لعبة "ببجي" بعد شكاوى قدمت للبرلمان من قبل ناشطين وشباب.

عدم وجود سياسة وآلية شاملة بخصوص البرامج الإلكترونية  من أكبر المشاكل في القطاع

وقال نائب وزير الشؤون البرلمانية محمد علي كاظمي، آنذاك في تصريح صحافي له، إن الوزارة أوصلت طلب البرلمان إلى وزارة التقنية الذي يوصي بحظر لعبة "ببجي". وبعد قرار الحظر، رحب رئيس لجنة التقنية والاتصالات في البرلمان الأفغاني محمد أكبر سلطان زادة بالخطوة، مؤكداً في بيان أنّه "في الحقيقة تلبية لمطلب نواب الشعب في البرلمان وما يتطلع إليه الآباء، كذلك فإنه سيتيح الفرصة للشباب الأفغاني كي يصب اهتمامهم نحو أمور بنّاءة والدراسة وصرف الوقت في أعمال الخيروتنمية الشعب".

وبالنظر إلى الترحيب العام وقلة أعداد المنددين للقرار في الشارع الأفغاني، لا يبدو أن يكون قرار حظر الحكومة الأفغانية مؤقتاً. لكنّ ما تكشف بسبب حظر الحكومة للعبة، أن عدم وجود سياسة وآلية شاملة بخصوص البرامج الإلكترونية عموماً والألعاب على وجه الخصوص، من أكبر المشاكل الموجودة في هذا القطاع.

المساهمون