جيش الاحتلال يدمّر أحد أهم المواقع الأثرية في غزة

20 ديسمبر 2023
يوجد الموقع بالقرب من مخيم الشاطئ (محمود الهمص/ فرانس برس)
+ الخط -

كشفت الوكالة البحثية فورنسيك أركيتكتشر، ومقرها العاصمة البريطانية لندن، الثلاثاء، أنّ العدوان الإسرائيلي على غزة أدّى إلى تدمير ومحو معظم معالم أحد أهم المواقع الأثرية في القطاع، والموجود قبالة البحر على حدود مخيم الشاطئ.

ولفتت "فورنسيك"، التابعة لجامعة غولدسميث البريطانية، في بيان إلى أنّ الموقع الأثري الذي كان مهدداً لوقت طويل، دُمّر على يد قوات الاحتلال على ثلاث مراحل، بدأت بالغارات الجوية، تبعها هدم سطح الأرض، وصولاً إلى تركيب مضخات مياه بحجة غمر الأنفاق التي أنشأتها المقاومة الفلسطينية تحت الأرض.

بدأ التنقيب في الموقع الأثري بعد اتفاقية أوسلو عام 1995، عندما أخذت مجموعة من أطفال مخيم الشاطئ المجاور البروفيسور جان بابتيست همبر والفريق المرافق له لرؤية النافورة الرومانية القريبة من البحر.

واكتشف العلماء آثاراً تعود إلى حقبات مختلفة، أبرزها تلك التي تعود إلى الحقبتين اليونانية الرومانية، بما في ذلك الفيلات وسور المدينة الرومانية، ومنازل تعود إلى العصر اليوناني توضح زخارفها المرسومة التأثيرات القادمة من جميع أنحاء البحر الأبيض المتوسط. شكلت هذه الاكتشافات جزءاً من مدينة أنثيدون، أحد أهم الموانئ في العصر اليوناني على البحر الأبيض المتوسط.

وأكّدت الوكالة المختصة بالعمارة أنّ مقارنة صور الأقمار الصناعية بين 8 أكتوبر/ تشرين الأول 2023 وبداية الغزو البري الإسرائيلي في نوفمبر/ تشرين الثاني، تبيّن وجود عشرات الحفر الناجمة عن القذائف التي أسقطها الطيران الحربي الإسرائيلي على الموقع الأثري. وأشارت إلى أنّها تمكنت بحلول السادس من نوفمبر من تحديد أكثر من ثلاثين حفرة، يراوح قطرها بين 8 و16 متراً.

وفي أعقاب الغزو البري، استخدم الاحتلال مركبات كبيرة، يرجح أنّها جرافات ودبابات عسكرية لتسوية المنطقة، وتحويل الموقع إلى ما يبدو أنه موقع عسكري. وفي صور للأقمار الصناعية تعود لـ10 ديسمبر/ كانون الأوّل الحالي، يمكن ملاحظة أكثر من 35 مركبة، معظمها عسكرية.

ورجّح الباحثون أن الأرض التي دمرتها وقلبتها المركبات العسكرية الإسرائيلية، تحتوي على بقايا أثرية ومصنوعات يدوية كانت موجودة في السابق تحت السطح.

وحذّرت الوكالة من التقارير التي تحدثت عن بدء قوات الاحتلال الإسرائيلي بإغراق الأنفاق الموجودة تحت الأرض بمياه البحر، ولفتت إلى أنّ علماء بيئيين نبّهوا من أنّ "هذا العمل المدمر سيجعل غزة غير صالحة للسكن من خلال تعريض المياه الجوفية المحدودة للخطر لعدة أجيال قادمة".

وأشارت إلى أنّ صور الأقمار الصناعية من 8 أكتوبر إلى 10 ديسمبر 2023، تظهر تطور البنية التحتية لمضخات المياه الإسرائيلية داخل الموقع الأثري وفي محيطه.

بدورها، قالت مؤسسة الحق الفلسطيني في بيان، الثلاثاء، إن "هذا التدمير للتراث الثقافي الغني في غزة، الذي يحدث بالتزامن مع القتل على نطاق واسع للفلسطينيين، يشهد بشكل كبير على نية المسؤولين والقادة العسكريين الإسرائيليين تدمير الشعب الفلسطيني في غزة، وكذلك محو هويته". واعتبرت أنّ "إغراق الأنفاق مع العلم بالعواقب المدمرة التي حذر منها الخبراء على المدى القصير والطويل، هو محاولة متعمدة لحرمان الشعب الفلسطيني الموارد التي لا غنى عنها لبقائه في غزة".

واعتبرت المؤسسة أنّ تدمير التراث الثقافي والإضرار بالبيئة في هذا الموقع الأثري المهم وما حوله "يرقى إلى مستوى نية الإبادة الجماعية بموجب اتفاقية الأمم المتحدة للإبادة الجماعية، ومعاهدة روما".

كذلك، دعت "الحق" الدول إلى اتخاذ تدابير ملموسة وفعالة لمنع إغراق أنفاق غزة وفرض وقف فوري لإطلاق النار و"التصرف بما يتماشى مع التزاماتها بموجب اتفاقية منع الإبادة الجماعية، عبر اتخاذ جميع الإجراءات الممكنة بشكل فردي وجماعي لوقف إطلاق النار بشكل عاجل".

ومنذ بدء العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة في السابع من أكتوبر الماضي، وصل عدد الشهداء إلى قرابة 20 ألف فلسطيني، مع أكثر من 52 ألف جريح، معظمهم من النساء والأطفال. كذلك، لم تسلم المباني الأثرية من العدوان، فدمّرت العديد من المساجد والكنائس التاريخية في المدينة، إضافة إلى قصورٍ وبيوت تعود إلى الحقبتين المملوكية والعثمانية.

المساهمون