جواز سفر اللقاح... فرصة لتجاوز القيود المفروضة

05 يونيو 2021
مخاوف على الخصوصية ومن التمييز في اعتماد الجواز (آندي بارتون/Getty)
+ الخط -

مع تسارع انتشار اللقاحات ضد فيروس كورونا، تدرس البلدان كيفية اللجوء للوثائق، وهي بمعظمها رقمية، في المساعدة على إعادة فتح الحدود عبر تحديد الأشخاص المحميين/الملقّحين من الفيروس.

 أصبحت فرنسا أوّل دولة في الاتحاد الأوروبي تقوم بتجربة تصريح سفر قائم على تطبيق يُخزِّن نتائج اختبارات "كوفيد-19" السالبة، والذي سيسمح قريبًا بشهادات تطعيم على الرحلات الجوية إلى وجهات ككورسيكا والأقاليم الخارجية. وضعت تايلاند أيضًا خططًا مشابهة لاعتماد جواز سفر خاص بالملقّحين للسماح بالسفر إلى دول أخرى.

الأمر يعتمد على تحديد الأشخاص المحصّنين ضد فيروس كورونا الجديد أو المعرّضين لخطر أقل لانتشاره والذي يمكن أن يساعد في إعادة السفر بطريقة طبيعية إضافة إلى الخدمات الأخرى. لكن الأمر جوبه بعدد كبير من الانتقادات والتساؤلات حول الخصوصية والصحّة والتمييز. وعلى الرغم من أن المزيد من شركات التكنولوجيا تعمل على تطوير شهادات رقمية يُمكن الوصول إليها بالهواتف الذكية من قبل أصحاب العمل وشركات الطيران وغيرهم، إلّا أنّ الأمر ما زال غير واضح.

يشير مصطلح جواز السفر الصحّي أو جواز السفر الصحّي عمومًا إلى المستندات الورقية أو الرقمية التي تُصادق على أن المواطن قد أخذ لقاح فيروس كورونا الجديد وهو من غير المرجح أن يصيب أي شخص آخر أو ينشر المرض. تحتوي الشهادات المقترحة على واحدة من مجموعة مؤلّفة من ثلاثة معلومات: حامل الجواز قد لُقح، أو أن نتائج فحوصاته في اليومين الماضيين سالبة، أو أنّه تعافى من مرض "كوفيد-19" منذ مدّة زمنية قصيرة وبالتالي يحتوي جسمه على المضادات الحيوية للوباء.

يقول مؤيدون لفكرة جواز السفر الصحّي إن استخدامه قد يسمح للحكومات برفع بعض القيود التي سبّبها الوباء، مما يسمح للناس بالسفر في الطائرات، وحضور الحفلات الموسيقية، والذهاب إلى العمل وتناول العشاء في الخارج. وقال رايان وين، وهو مستشار في "مؤسّسة توني بلير": "جرّبنا العديد من الحلول المختلفة لإعادة فتح البلاد كالأماكن الرياضية والأشياء الأخرى المهمة جدًا، ليس فقط لاقتصادنا، ولكن أيضًا من أجل الرفاهية العقلية للناس، وفي الحقيقة، الطريقة الوحيدة التي يمكن من خلالها فتح تلك الأماكن بشكل صحيح هي معرفة أن الأشخاص الذين يدخلون تلك الأماكن لا يحملون فيروس كورونا".

اختبرت التصاريح الصحّية المختلفة من قبل الحكومات والشركات في جميع أنحاء العالم في الأشهر الأخيرة، بالتعاون مع عمالقة التكنولوجيا بما في ذلك "مايكروسوفت" و"أوراكل" وشركات الرعاية الصحية "سيغنا" و"مايو كلينيك"، كجزء من تحالف يدفع للحصول على سجلات رقمية للأشخاص الذين تم تطعيمهم ضد "كوفيد-19". يهدف المشروع المسمى بـ"مبادرة اعتماد التطعيم" إلى مساعدة الأشخاص في الحصول على نسخ رقمية مشفّرة من سجلات التطعيم الخاصة بهم المخزّنة في محفظة رقمية من اختيارهم على هواتفهم الذكية. 

أطلقت البحرين جواز سفر رقميا صحّيا ضد "كوفيد-19" في فبراير/ شباط، وهي واحدة من أوائل الدول التي فعلت ذلك. تخطط السويد لإطلاق جواز سفر صحّي مشابه بحلول الصيف. سابقًا، تحديدًا في أكتوبر/تشرين الأوّل الماضي، بدأت إستونيا ومنظمة الصحّة العالمية تجاربها للحصول على شهادة لقاح رقمية. في السياق نفسه، قالت ليتوانيا إنها ستطرح شهادات الحصانة الرقمية الوطنية لـ"كوفيد-19" بحلول أوائل مايو/أيّار، للسماح للأشخاص بتجاوز القيود المفروضة على بعض الأنشطة بما في ذلك تناول الطعام داخل المطاعم والبارات وحضور الأحداث الرياضية وإقامة الحفلات الكبيرة.

في الوقت نفسه، وضعت الصين نظامًا للرمز الصحي قائمًا على تطبيق يستخدم بيانات السفر والبيانات الطبيّة لمنح الأشخاص تصنيفًا باللون الأحمر أو الأصفر أو الأخضر وفقًا إلى احتمال إصابتهم بالفيروس، وما إذا كان بإمكانهم التجوّل بحريّة أم لا. أيضًا، سمحت الدنمارك لبعض الخدمات، مثل تصفيف الشعر والمنتجعات الصحيّة بإعادة فتح أبوابها عند تقديم "جواز سفر كورونا" الذي يوضح ما إذا كان حامله قد تم تطعيمه، أو أصيب سابقًا بالعدوى، أو خضع لاختبار خلال الـ 72 ساعة الماضية. أمّا بالنسبة للهند التي تعاني أخيراً من كارثة في موضوع احتواء الوباء، مع عدد إصابات ضخم جدًا ووفيات عدة، فقد قالت وزارة الصحة فيها إنّ كل شخص تم تطعيمه سيحصل على شهادة إلكترونية تعتمد على رمز الاستجابة السريعة. على نطاق أصغر، أتاحت "جامعة إلينوي" الوصول إلى مباني الحرم الجامعي اعتمادًا على الاختبارات السالبة، وبدأ عدد من شركات الطيران بتجربة تصريح صحّي رقمي للتحقّق من الاختبارات التي أجريت في بلدان مختلفة.

وقد صرّح مسؤولون في الاتحاد الدولي للنقل الجوي، ومجموعة الضغط التابعة لشركات الطيران العالمية، بأنّه سيتم إطلاق تصريح سفر صحّي رقمي في منتصف عام 2021 يتضمن بيانات تطعيم الركاب. بدورها، قالت الخطوط الجويّة البريطانية إنها ستجرب تطبيقًا صحيًا للهاتف المحمول يجمع بين وثائق التحقّق من السفر ونتائج اختبار "كوفيد-19" لضمان امتثال الركاب لمتطلبات السفر. 

في المقابل، أثارت تصاريح صحية عن جواز سفر رقمي للملقحّين عددًا من المخاوف المتعلّقة بالصحّة العامة والخصوصية. فقد حذّر خبراء قانونيون وصحّيون من أن ما يُسمى بجوازات السفر الصحّية، والتي ستتيح مزيدًا من الحريّة لأولئك الذين تعافوا من الفيروس، قد تدفع الناس لمحاولة الإصابة بالمرض على أمل جعل أنفسهم محصّنين. كما تمّ التشكيك في الأساس العلمي لجوازات السفر، حيث لا يزال من غير الواضح ما إذا كان الأشخاص الذين يتعافون من "كوفيد-19" محميين من موجة ثانية أو من جميع السلالات المتحوّرة من الفيروس التي تظهر كل فترة في بلد معيّن.

ولعلّ الخوف الأكبر يتمثّل في احتواء تلك الجوازات على بيانات يُدخلها كل شخص من تلقاء نفسه عن تقدّمه لأخذ موعد لأخذ اللقاح والتي هي معلومات دقيقة جدًا تُعدّ أكثر دقّة من تلك التي تعلمها التطبيقات عن المستخدم (كالوزن، الطول، السجلّ الصحّي، وغيرها من المعلومات الشخصية). لا يزال جواز السفر الصحّي مجرّد فكرة، في معظم الدول. الّا أنّه في القريب العاجل سيصبح حقيقة وحاجة ملحّة خاصة لمن يُريد السفر بحرّية والوصول الى أي بلد يريد الذهاب اليه.

المساهمون