كشفت الأرقام الأخيرة أن عدد برامج البث الصوتي (بودكاست) الجديدة انخفض بسرعة خلال العام الماضي بنسبة 80 في المائة مقارنة بالعامين السابقين. وبحسب صحيفة ذا غارديان البريطانية، كشف المحللون في Chartr عن الانخفاض الكبير من خلال استخدام البيانات الدولية المقدمة من محرك البودكاست Listen Notes:
- في 2020 أُطلِق 1.109.000 برنامج بودكاست
- في 2021، انطلق 729 ألف برنامج جديد
- في 2022 انخفض عدد البرامج الصوتية الجديدة إلى 219 ألف برنامج فقط.
ويعتقد المحللون أن هناك ما لا يقل عن 3 ملايين بودكاست تبث في جميع أنحاء العالم، معظمها أُنتج في أميركا والبرازيل، والغالبية العظمى منها باللغة الإنكليزية، مع احتلال اللغة الإسبانية المرتبة الثانية.
وجادل بعض الخبراء بأن التراجع الجديد طبيعي ما بعد الجائحة، إذ ازدهر الإنتاج الصوتي بسبب الإغلاق والحجر المنزلي، لكنه اقترب الآن من نهايته، مع استعادة الناس لحياتهم الطبيعية، حتى في أكثر الدول تشدداً لناحية السياسات الصحية مثل الصين.
إلا أن الأرقام تكشف نتائج وتحليلات أكثر تعقيداً، خصوصاً أن بعض البرامج توقفت عن البث الصوتي خلال فترة الحجر نفسها، وبالتالي الازدهار خلال السنتين الماضيتين لم يكن تلقائياً ولا محسوماً.
مهما كان السبب، فإن الإنتاجات المتوقفة تطرح بعض الأسئلة المقلقة لأولئك الذين يصنعون البودكاست وأولئك الذين يستثمرون فيها.
وتقول المنتجة كيت تايلور في حديث مع "ذا غارديان": "يتساءل الكثير من العاملين المستقلين، ما الذي يتغير وما إذا كان ينبغي عليهم تعلم مهارات جديدة للقيام ببث الفيديو عوض الاكتفاء بالبث الصوتي، أو إذا كانت الإنتاجات الناجحة هي تلك التي يقدمها المشاهير فقط. هذا يسبب التوتر لأن هناك الكثير من الآراء في اتجاهات مختلفة". وتضيف: "أود أن أقول إنه من الصعب العثور على الرعاية الإعلانية الآن، وجعل المستثمرين يقدّمون المبلغ المطلوب لتنفيذ بودكاست بشكل صحيح، هذا يعتبر الأصعب حالياً".
ويشير التحليل (المتفائل) للأرقام الجديدة إلى نضوج السوق الخاص بالبودكاست، فرغم انخفاض أعداد البرامج السمعية الجديدة، إلا أنّه لا يزال هناك طلب كبير على المحتوى الجيّد.
ويقول شون غلين، الذي يقف وراء إنتاج وإعداد برامج صوتية حائزة جوائز: "الإحصاءات صحيحة، لكن أرقام المستمعين لا تزال مرتفعة ومستمرة في النمو، والبرامج الموجودة تبني الجماهير".
وتدعم البيانات الواردة من Listen Notes هذا الكلام. قد تكون البرامج الجديدة توقفت بشكل ملحوظ ولكن لا تزال هناك حلقات جديدة من الأعمال الحالية، ولا تزال تلقى صدى كبيراً لدى الجمهور الذي يحتفظ بعلاقته بهذه البرامج المسموعة.
كذلك لا يزال الطلب موجوداً على المحتوى الأعمق والأفضل بحثاً وحتى "المحتوى المتخصص". قد تصل هذه البرامج إلى جماهير صغيرة لكنها لا تزال تساعد الرعاة التجاريين والمعلنين في الوصول إلى مستهلكين محددين.
وتقول تايلور: "يعد المحتوى المتخصص قوة حقيقية في السوق، ويريد الناس إنشاء برامجهم الخاصة والمتخصصة بشكل متزايد". وتضيف: "دعونا لا ننسى أن الغالبية العظمى من برامج البودكاست لا يستمع إليها الكثير من الناس على أية حال. حجم الجمهور ليس بالضرورة هو المعيار الرئيسي لقياس النجاح".