بريطانيا تختتم الاحتفالات بالذكرى السبعين لاعتلاء الملكة إليزابيث الثانية العرش

06 يونيو 2022
ظهرت الملكة إليزابيث فجأة لفترة وجيزة (سمير حسين/Getty)
+ الخط -

اختتمت، الأحد، احتفالات الذكرى السبعين لاعتلاء الملكة إليزابيث الثانية عرش بريطانيا، والتي اختفت عنها يومين قبل أن تطل فجأة من شرفتها اليوم.

وأطلت الملكة البالغة 96 عاماً، والتي غابت عن معظم الاحتفالات بيوبيلها البلاتيني، بزي أخضر وبرفقة نجلها وريث العرش الأمير تشارلز وزوجته كاميلا، فضلاً عن حفيدها الأمير وليام وزوجته كايت وأولادهما، قبل ترديد النشيد البريطاني. وألقت التحية على الحشود مبتسمة خلال هذا الظهور الوجيز قبل أن تعود ببطء إلى داخل القصر.

واختتمت الاحتفالات بعرض ضخم في شوارع لندن وتوزيع عشرات الآلاف من وجبات الغداء. كما احتشد آلاف الأشخاص أمام القصر بعد نهاية العرض الختامي الضخم.

عرض ختامي ضخم

شارك في العرض الختامي، الذي انتهى في فترة بعد الظهر، نحو عشرة آلاف عسكري وراقص ومحرّك دمى وفنّان. 

واستمر العرض على طول طريق يبلغ طوله ثلاثة كيلومترات، بدءاً من ساحة موكب هورس غاردز عبر شارع ذا مول إلى قصر باكنغهام، لرواية قصة حياة الملكة بالرقص والأزياء النابضة بالحياة وموسيقى الكرنفال والدمى العملاقة.

وسار الموكب الفني على ذات المسار الذي قطعته الملكة يوم تتويجها في عام 1953، ويهدف للتذكير بالعقود المتعاقبة والمختلفة التي شهدها عهد الملكة إليزابيث، الذي كسر أرقاماً قياسية.

وتحدى محبو العائلة المالكة البريطانية الطقس الرطب والبارد، وخيموا في شارع ذا مول طوال الليل ليتمكنوا من رؤية الاستعراض. وجاء البعض لمشاهدة المشاهير خلال المهرجان، بينما عبّر آخرون عن رغبتهم في المشاركة في هذه اللحظة التاريخية.

وفي ويندسور، وُضعت 488 طاولة في الممر المؤدي إلى القصر الذي تقيم فيه الملكة، فيما انضم الأمير تشارلز مع زوجته كاميلا إلى مأدبة غداء في ملعب للكريكت.

الصورة
(راسيد نيكاتي أسليم/Getty)

الملكة تغيب

بعد ظهورين وجيزين على شرفة قصر باكنغهام الخميس، تغيّبت الملكة البالغة 96 عامًا عن الاحتفالات الرئيسية بيوبيلها البلاتيني.

ولم تحضر الملكة قداس الجمعة ولا سباق الخيل السبت ولا الحفل الغنائي أمام قصرها، ولم تُدلِ بأي خطاب علني.

وأسعدت الملكة البلاد عندما ظهرت في مقطع مصور كوميدي مفاجئ افتتح حفلاً، أمس السبت، أقيم أمام قصر باكنغهام.

وفي التسجيل المصور، تناولت الملكة الشاي مع الدب بادينغتون، وكشفت أنها، تماماً مثل الشخصية ذات الفرو، عاشقة لشطائر مربى البرتقال وتحب الاحتفاظ بها في حقيبة يدها.

مشوار طويل 

اعتلت الملكة إليزابيث العرش وهي في الخامسة والعشرين من عمرها بعد وفاة والدها جورج السادس عام 1952، في وقت كانت فيه بريطانيا تعاني من ويلات الحرب العالمية الثانية، وبينما كان ونستون تشرشل رئيساً للوزراء.

وإجمالاً، شهدت الملكة خلال جلوسها على العرش تولي 14 رئيساً للوزراء، فضلاً عن تعاقب ما يزيد على 14 رئيساً للولايات المتحدة، وبناء جدار برلين ثم إسقاطه، وانضمام بريطانيا للاتحاد الأوروبي وخروجها منه.

وشهدت الملكة كذلك تفكك الإمبراطورية البريطانية التي كانت قوية ذات يوم، ثم حل محلها كومنولث من 54 دولة، كان للملكة دور أساسي في تشكيله، ويعتبر الكثيرون نجاحه أعظم إنجاز لها.

مشاهدات عالية وملكية ذات شعبية

بلغ عدد مشاهدي الحدث 13,4 مليون مشاهد على "بي بي سي"، في مؤشر إلى استمرار قوة النظام الملكي في بلد منقسم بشدة في السنوات الأخيرة بسبب خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي.

وتشير استطلاعات الرأي إلى أن أغلبية مريحة تعتقد بأن النظام الملكي يجب أن يبقى.

وأظهر استطلاع أجرته شركة إبسوس في الآونة الأخيرة أن تسعة من كل عشرة شملهم الاستطلاع يؤيدون الملكة.

ولا تزال الملكة تتمتع بشعبية كبيرة مع نسبة تأييد تصل إلى 75%، على ما أفاد معهد يوغوف لاستطلاعات الرأي، فيما يحظى الأمير تشارلز بتأييد 50% من السكان. ويرى 32% فقط من البريطانيين أنه سيكون ملكاً جيداً (يوغوف في نيسان/إبريل 2022).

رائحة الوداع

حدّت الملكة من ظهورها في الأشهر الأخيرة بسبب ما يصفه القصر بـ"مشكلات التنقل العرضية".

وتركت ورثتها تشارلز (73 عاماً) وويليام (39 عاماً) وجورج (8 أعوام) في المقدمة، ما يؤكد انسحابها التدريجي في الأشهر الأخيرة، ويترك انطباعا عند العديد من المشاركين في الاحتفالات بمرور حقبة غير مسبوقة واقتراب انتهاء حكم بدأ في 6 فبراير/شباط 1952.
وكان العديد من المشاركين في احتفالات اليوبيل البلاتيني، التي دامت أربعة أيام، يدركون أن هذه المناسبة قد تكون واحدة من المرات الأخيرة التي يرون فيها الملكة، التي يجرى الإعداد لخلافتها بهدوء، بينما يمثلها ابنها الأمير تشارلز (73 عاماً) في أغلب الأحيان.

وكتب المحرّر في صحيفة ذا صن البريطانية  توني بارسونز: "كانت لهذه الاحتفالات حتماً رائحة الوداع (...) كان هناك فرح حقيقي خارج وداخل هذا البلد خلال الأيام الأخيرة. لكن هناك أيضاً الوعي القوي أننا لن نرى بعد اليوم ملكة مثل هذه".

واعتبرت صحيفة ذا أوبزرفر اليسارية أن هذا اليوبيل جزء من "وداع طويل، بدأ مع وجودها وحيدة في جنازة (زوجها) الأمير فيليب العام الماضي".

وعلى الرغم من تدهور صحتها، لا تنوي إليزابيث الثانية التنازل عن العرش التزاماً بوعد قطعته عندما كانت في الحادية والعشرين وتحمل لقب أميرة، لخدمة رعاياها طوال حياتها، وهو التزام كررته مجدداً هذا العام. لكنها باتت تحضرّهم للمرحلة التالية.

هذا وانتهت الاحتفالات باليوبيل البلاتيني التي امتدّت أربعة أيام، وسيعود البريطانيون إلى واقع يعمّه تضخّم متسارع وفضائح سياسية، مع اقتراح بحجب الثقة يبدو وشيكاً ضد رئيس الوزراء بوريس جونسون.

(فرانس برس، أسوشييتد برس، رويترز)

المساهمون