قبل ظهور جائحة كورونا، كان العالم بأجمعه يعيش تخبطًا، لا سيما في أسواق النفط العالمية لناحية تقلبات الأسعار من جهة وزيادة الطلب على النفط ومشتقّاته من جهة أخرى. ورغم أنّ المنطقة العربية تحتوي على أكبر مخزون للنفط في العالم، إلّا أنّ دولًا عديدة منها تُعاني من ارتفاع أسعار الوقود، وعدم القدرة على الحفاظ على سعر ثابت للتر البنزين بسبب الاحتكار، والأزمات الاقتصادية الخانقة والسرقات. لذلك، يبحث المواطن العربي عن حلول بديلة للتنقّل في ظلّ الارتفاع الملحوظ في الأسعار من جهة، وقلّة الرواتب وسعر صرف العملات مقابل الدولار. هناك عدد من طُرق المواصلات الاقتصادية والنظيفة في آنٍ معًا. إذْ ثمة اتجاهات أخرى لاستخدام الطاقة في العالم العربي، تعتمد على مصادر خضراء بعيدًا عن الوقود الأحفوري. ومن الضروري القول إنّ العواصم العربية هي بأمس الحاجة إلى مصادر الطاقة الخضراء، خصوصًا تلك التي تعاني من تلوث كبير، مثل القاهرة وبيروت ودمشق.
"لوب سكوتر"
أُطلقت خدمة LOOP Scooters منذ سنتين تقريبًا في بيروت، تحت شعار تجنّب زحمة السير الخانقة في عاصمة لبنان. لاستخدام الدراجة النارية، على المستخدم تحميل التطبيق المتوفر عبر متاجر "بلاي ستور" و"آبل" بقيمة دولار واحد، وذلك لتفعيل الخدمة. يلي ذلك جلسة توجيهية يطّلع خلالها المستخدم على كلّ ما يجب عليه معرفته لقيادة سليمة آمنة للدراجة، ليستطيع عندها حجزها عبر التطبيق. يُمكن للمستخدم أن يبقي الدراجة بحوزته يومًا كاملًا، على أن يُعيدها إلى محطة الركن في مبنى الشركة BDD في منطقة بشارة الخوري. بيروت كانت المدينة الأولى عالمياً التي استضافت هذه الخدمة، بحسب المديرة العامة للشركة ميرا أبو شقرا. تقول ميرا إنّ كلفة التنقل بالدراجة هي 70 سنتاً لكلّ كلم تقطعها الدراجة، و3 سنتات لكلّ دقيقة تتوقّف خلالها. في الدراجة خوذة على المستخدم وضعها للبدء برحلته باللون البرتقالي. ولحقت شركات عديدة بالمسعى نفسه، كشركة Allo Moto.
قطر وخطّة كأس العالم
في سياق متّصل، تسعى دولة قطر لاستخدام حافلات نقل كهربائية في كأس العالم بعد عامين، وذلك لتلبية حاجات الجماهير وعشّاق كرة القدم من جهة، ولتخفيف التلوّث الناجم عن التنقّل الكثيف في هذه الفترة من جهة أخرى. حافلات النقل الكهربائية من شأنها تخفيف زحمة السير الخانقة في الدول العربية، لكنّها لا تصلح مثلًا حاليًا في لبنان بسبب مشكلة الانقطاع الكهربائي والذي تشهده البلاد منذ أكثر من 45 عامًا. موارد البلاد العربية المائية والهوائية تجعل توليد الطاقة الكهربائية أمرًا سهلًا لطاقة نظيفة. وبذلك يُصبح الشرق الأوسط سوقًا نشطًا للسيارات الكهربائية.
مبدأ المشاركة
وفي حين أنّ عددًا كبيرًا من الدول العربية تُعاني من الفقر والبطالة والأزمات الاقتصادية، نشط استخدام الدراجات الهوائية لا سيما في عواصم كبيروت والقاهرة وبغداد، وذلك للتنقل دون أي تكلفة. كما أنّ مبدأ مشاركة السيارة من قبل عدد من الأشخاص بدأ فعليًا بالرواج في بيروت مثلًا، وذلك لتجنُّب زحمة السير، وكون مجموعة أشخاص لديها يوميًا نفس خط التنقّل. كل ذلك يتمّ عبر مجموعات "واتساب" أو "فيسبوك"، حيث يستخدم كل أسبوع شخص من المجموعة سيارته ليمرّ على البقيّة أثناء توجّهه إلى مكان عمله.
تخفيف سرعة التغير المناخي
هذا وتجدر الإشارة إلى أنّ التحوّل لاستخدام المركبات الكهربائية في وسائل النقل والمواصلات لا حدود له؛ فهو يشمل الحافلات والسكوتر والدراجات النارية والقطارات والسيارات. هذا التغيير، والذي بدأ منذ سنوات مع إيلون ماسك ضمن سيارات "تيسلا"، من شأنه منع مليارات الأطنان من الانبعاثات والغازات الدفيئة والتي تتسبّب بزيادة الاحتباس الحراري حول العالم، كما أنّها تتسبّب بملايين من حالات الوفاة الناجمة عن تلوث الهواء والمضاعفات الصحية. طاقة نظيفة تعني التخفيف من سرعة التغيّر المناخي والذي يهدّد الحياة على كوكب الأرض.