انتخابات تونس: تنازع الصلاحيات حول التغطية الإعلامية

24 نوفمبر 2022
بدأت الحملات الانتخابية أمس الأربعاء (فتحي بلعيد/فرانس برس)
+ الخط -

يبدو أن الجدل سيتواصل حول الانتخابات البرلمانية التي ستشهدها تونس يوم 17 ديسمبر/كانون الأول المقبل. فبعد النقاش حول مشروعيتها السياسية ورفضها من قبل عدد كبير من الأحزاب السياسية والدعوات المتكررة لمقاطعتها، تحول الجدل أخيراً إلى التغطية الإعلامية لهذا الحدث السياسي.
سبب الجدل هو إصدار الهيئة العليا المستقلة للانتخابات عدد 31 لسنة 2022 قراراً هذا الأسبوع ينص على إقصاء الهيئة العليا المستقلة للاتصال السمعي البصري (الهايكا) من مراقبة التغطية الإعلامية السمعية البصرية للانتخابات، ومنعها من تحديد ضوابط هذه التغطية مثلما جرت العادة في مختلف الانتخابات التي عرفتها البلاد بعد ثورة عام 2011، والإطاحة بنظام الرئيس الراحل زين العابدين بن علي. إذ كانت "الهايكا" تقوم برصد التغطية الإعلامية وتصدر تقريراً مفصلاً حول أداء مختلف المؤسسات، مع فرض عقوبات مالية على وسائل الإعلام السمعية البصرية التي لم تراعِ ضوابط وشروط التغطية، لكن من دون أن تحيل ملفات المخالفين إلى القضاء.
لكن أخيراً قررت هيئة الانتخابات سحب هذه المهمة من "الهايكا"، ومنحها لنفسها، لتصبح هي المشرفة على التغطية الإعلامية، وهي التي تتولى وضع الشروط والضوابط داعية وسائل الإعلام التونسية إلى عدم الالتزام بالقواعد التي وضعتها "الهايكا". 
هذا التغيير رآه عاملون في الشأن الإعلامي داخل تونس، كانعكاس لحالة الفوضى والتخبط التي تعيشها البلاد، في ظل الصراع بين هيئتين رسميتين، وهو ما يترجم رغبة من هيئة الانتخابات المقربة من الرئيس التونسي قيس سعيد احتكار كل الصلاحيات بما فيها التغطية الانتخابية.
في اتصال مع "العربي الجديد" أكد رئيس "الهايكا" النوري اللجمي "رفض القرار الذي سارت فيه الهيئة العليا المستقلة للاتصال السمعي البصري التي منحت لنفسها صلاحيات الهايكا، وهو أمر مرفوض سيدفعنا إلى اللجوء إلى المحكمة الإدارية لحسم هذا الجدل وإصدار حكم يبطل الإجراءات التي اتخذتها الهيئة. إذ كل ما تريده هو فرض ولايتها القانونية على وسائل الإعلام السمعية البصرية في سابقة هي الأولى من نوعها". وأضاف: "المخاطر الكامنة خلف ما أصدرته هيئة الانتخابات تختصر في طبيعة القرارات التي ستتخذها في حال رصدت تجاوزات من قبل وسائل الإعلام السمعية البصرية، إذ ستلجأ إلى  القضاء، وهو ما يتعارض مع التشريعات التونسية ومنها المرسوم 116 الذي منح الهيئة العليا المستقلة للاتصال السمعي البصري (الهايكا) صلاحية تعديل التجاوزات في وسائل الإعلام السمعية البصرية من دون التدخل في الخط التحريري لهذه المؤسسات".
من جهتها، أعلنت النقابة الوطنية للصحافيين التونسيين هي الأخرى رفضها لقرار هيئة الانتخابات. ورأت عضوة المكتب التنفيذي للنقابة فوزية الغيلوفي أن "قرار الهيئة العليا المستقلة للانتخابات مثلما أكدنا في المكتب التنفيذي للنقابة قرار متسرع ومزاجي، يندرج في إطار سلسلة من الأخطاء التي ارتكبتها هذه الهيئة". وأضافت: "نحن نعتبر أن (الهايكا) وحدها تمتلك الولاية القانونية على التغطية الإعلامية للانتخابات، مثلما نص على ذلك المرسوم عدد 116 والقانون الانتخابي. وقرار هيئة الانتخابات خرق جسيم للقانون وجب التراجع عنه في أسرع وقت ممكن".

بينت الغيلوفي أن "الهايكا" هي "التي تملك الولاية العامة على التغطية السمعية البصرية للانتخابات، نظراً لأن عملية رصد الحملة الانتخابية عبر وسائل الإعلام المرئية والمسموعة تحتاج إلى تجهيزات تقنية معقدة وموارد بشرية ذات كفاءة عالية ومنهجيات عملت عليها (الهايكا) مطولا حتى تتمكن من رصد التعددية على المستوى الكيفي والكمي، وهو ما تفتقر له هيئة الانتخابات، ولا يمكنها تدارك هذا الضعف الفادح خلال أيام قليلة".
ورداً على كل هذه الاعتراضات اعتبرت الهيئة العليا المستقلة للانتخابات على لسان رئيسها فاروق بوعسكر أن "ما قامت به إجراء قانوني سليم، ومن يرفض هذا القرار عليه اللجوء إلى القضاء"، متعجباً "من موقف الهيئة العليا المستقلة للاتصال السمعي البصري ورفضها للقرار الذي أصدرته هيئتنا حول التغطية الإعلامية للانتخابات التشريعية".
يذكر أن حملة الانتخابات البرلمانية انطلقت أمس الأربعاء وتتواصل حتى من الشهر المقبل، وسط ضبابية واضحة رافقت يومها الأول، حول الجهة المسؤولة عن محاسبة المحتوى الإعلامي ومراقبته.

المساهمون